بقلم : عمرو الشوبكي | الثلاثاء ١ ديسمبر ٢٠١٥ -
٤٥:
٠٣ م +02:00 EET
عمرو الشوبكي
اُستخدم تعبير المال السياسى لوصف من حصلوا على مقاعدهم فى البرلمان من خلال شراء الأصوات والذمم، ورغم أن هذا الإنفاق ليس إنفاقاً سياسياً بأى حال من الأحوال حتى لو كان الغرض منه هو النجاح فى البرلمان إنما هو إنفاق غير سياسى بامتياز، لأن المال السياسى تعبير استخدم للحديث عن دخول كبار رجال الأعمال إلى مجال السياسة وقيادة بعض الأحزاب، والوصول إلى الحكم كرؤساء وزراء أو جمهورية، كما جرى فى إيطاليا (مع الملياردير بيرلوسكونى) وعدد من بلدان أمريكا اللاتينية، واستخدام تعبير المال السياسى لوصف عملية شراء إرادة الناخبين وتجاوز الحد الأقصى للإنفاق الانتخابى حتى وصل فى بلد فقير مثل مصر إلى حوالى 10 ملايين جنيه أمر فى غير محله.
والحقيقة نحن نتحدث عن أزمة فى النظام السياسى أكثر منه حديثاً عن مال سياسى، وفشلاً فى وضع قواعد قانونية لمحاربة الرشاوى والفساد الانتخابى، وليس التعبير المحايد والباهت بأن هناك مالاً سياسياً ينفق بكثافة، إنما فى الحقيقة نحن أمام جرائم سياسية مكتملة الأركان وليس أمام مال سياسى.
المال مهم فى السياسة ولا توجد حياة سياسية دون أموال، وهناك أنماط غالبة فى الإنفاق على الأحزاب فى النظم الديمقراطية أو التى ترغب أن تكون ديمقراطية، تتمثل فى اشتراكات أعضاء الأحزاب ومساهمات مئات من الشركات الكبرى ورجال الأعمال، وتوضع ضوابط قانونية صارمة لضبط الإنفاق على الأحزاب، والحملات الانتخابية لا تخلو من تجاوزات وانحرافات تجرى فى الواقع العملى، وكثيراً ما لعب نمط تمويل حملات انتخابية دوراً فى نجاح مرشحين بعينهم، فاعتماد أوباما على التمويل الصغير والمتوسط كان سببا فى تنوع قاعدة مؤيديه وضمها شرائح اجتماعية أوسع قدمته بصورة جديدة تماما للرأى العام الأمريكى وساعدت على نجاحه.
وعلى عكس هذا النمط انتشرت فى مصر ظاهرة «أحزاب رجال الأعمال» أى تلك التى يمولها رجل أعمال واحد وعادة ما ترتبط به وباسمه، ورغم انتقاد الكثيرين لهذا النموذج، إلا أن معظم من انتقدوه فشلوا فى بناء أحزاب أخرى تعتمد على نمط مختلف من التمويل قائم على اشتراكات الأعضاء أو دعم العديد من رجال الأعمال وليس رجلاً واحداً.
والحقيقة أن النقاش حول المال السياسى كان يجب أن يدور حول هذه المسألة: ما هى أنماط تمويل الأحزاب والحملات الانتخابية وليس أنماط الرشاوى الانتخابية التى فاحت رائحتها فى كل مكان واعتبرها البعض مالاً سياسياً وهى فى الحقيقة جرائم سياسية.
نحتاج إلى نظام قانونى يواجهه الرشاوى الانتخابية وعمليات شراء الأصوات وليس وصف ما جرى بأنه مال سياسى، واعتبار قضية المال السياسى لها علاقة بتمويل الأحزاب والحملات الانتخابية، ومناقشة نموذج حزب رجل الأعمال الواحد والممول الواحد، فى حين أن الأحزاب تحتاج إلى مال سياسى يساهم فيه آلاف الأشخاص وليس شخصاً واحداً، وتنظمه قواعد قانونية وشفافية ونظام للمحاسبة، فهذا هو المال السياسى المطلوب، وليس الجرائم السياسية التى ربطناها ظلماً بالمال السياسى.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع