الأقباط متحدون - حديث الثلاثاء.. ذكريات للبيع
أخر تحديث ٠٧:١٩ | الثلاثاء ١ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢١ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حديث الثلاثاء.. ذكريات للبيع

مي عزام
مي عزام

 «محتويات فيلا للبيع» كلمات قليلة أثارت فضول التجار والشطار وهواة التحف والأنتيكات من الرجال والنساء، شعرت علية هانم بغصة عندما قرأت الإعلان فالعنوان المكتوب هو نفسه عنوان صديقتها القديمة جورجيت التي تركت المعادى وهاجرت إلى أمريكا في منتصف الثمانينيات، ولم تعد لمصر إلا مرات قليلة.

صباح اليوم التالى توجهت علية هانم إلى الفيلا، وجدت الأبواب مفتوحة على مصاريعها، ولافتة مكتوباً عليها «مفتوح من 10 صباحاً وحتى الخامسة مساء»، تجولت «علية» في الفيلا التي تحمل جانباً من ذكرياتها القديمة، لم تكن وحدها من تدوس بحذائهاعلى بقايا أصحاب البيت الذين رحلوا، أيد تمتد لتفتح الأدراج والدواليب بلا استئذان، وأخرى تفتش في حقائب السفر الملقاة على الأرض، سيدة كانت تعبث بمحتويات حقيبة يد صغيرة فوقعت محتوياتها، تساقطت منها صور شخصية وعائلية وجواز سفر قديم..
 
لم يلتفت أحد لما حدث، وداسوا على الصور دون أدنى اهتمام، الشاب الذي يشرف على البيع مرتبك لا يعرف ماذا يفعل، بيده قائمة بها أسعار المنقولات المهمة أما الأشياء البيتية الصغيرة فكان يرد على من يسأل عن ثمنها «ادفع أي حاجة».. الأشياء كانت متناثرة على الأرض تبكى صاحبة المنزل التي كانت تعرف قيمتها، لكنها الآن غائبة عن المشهد.. مقاعد الصالون المغطى بإحكام سرعان ما نزع عنها الغطاء، الأصابع الملوثة بالأتربة تركت بصماتها على قماشه الحريرى الوردى، من رحمة الله أن جورجيت هانم ميتة، لو كانت موجودة لسمع الجميع صرختها المميزة التي تطالب بالحرص على مقتنيات العمر، وغالباً ما تتبع صرخة التحذير بنبذة عن قيمة وتاريخ الكرسى أو الفازة، كانت سيدة راقية تدرك قيمة الأشياء وليست مجرد ثرية تسعد بالاقتناء وكنز ما يمكنها شراؤه.
 
اتجهت «علية» للشاب وسألته: الفيلا دى بتاعة مين؟ قال: ورثتها من جدى وجدتى، وعايز أبيعها أو تأجيرها لشركة قبل رجوعى لأمريكا. فجأة دخل رجل ضخم بجلباب بلدى، قال للموجودين باستعجال وحزم: «اللى عايز حاجة يشيلها بسرعة يا هوانم علشان العربية برة مستنية تحمل الباقى»، تشبثت كل سيدة بما في يدها، حتى لا يقع في يد التاجر، اتجهت «علية» نحو دولاب في غرفة النوم الكبيرة وفتحت الضلفة اليمين، ومدت يدها وسحبت الدرج الأسفل كأنها تبحث عن شىء تعرف مكانه، واستخرجت زجاجة عطر وفتحت الغطاء بنعومة، فخرج عبير أخاذ، التفتت سيدة في منتصف العمر، وسألت الشاب: «أنا مش شايفة ماركة على الزجاجة، دى نوعها إيه؟ قال: «ده برفان كان بيتعمل مخصوص لجدتى، على فكرة فيه زجاجتين تانيين، لو عايزاهم خديهم بمتين جنيه، جدتى كانت بتدفع خمسمية في الواحدة». فتحت علية هانم حقيبتها وأخرجت 1500 جنيه، وأعطتها للشاب ووضعت زجاجات العطر في حقيبتها وخرجت مسرعة ودمعة تفر من عينيها، وسط دهشة الجميع.
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع