الأقباط متحدون - ديليسبس يحصل على عقد الامتياز الاول لحفر القناة
أخر تحديث ١١:٠٦ | الاثنين ٣٠ نوفمبر ٢٠١٥ | ٢٠ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ديليسبس يحصل على عقد الامتياز الاول لحفر القناة

ديليسبس
ديليسبس

بقلم : سامح جميل
فى مثل هذا اليوم 30 نوفمبر ديليسبس يحصل على عقد الامتياز الاول لحفر القناة
1854
عقد الامتياز.. نموذج لسذاجة عملية اتخاذ القرار
بدأت قصة مشروع قناة السويس في عهد سعيد باشا، عندما حصل المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس في 30 نوفمبر 1854 على عقد امتياز تأسيس شركة عامة لحفر قناة السويس واستثمارها لمدة 99 سنة تبدأ من تاريخ افتتاح القناة للملاحة، وكانت شروط العقد مجحفة بمصر.

ويروي ديليسبس كيف حصل على امتياز القناة من صديقه القديم سعيد باشا عقب توليه حكم مصر، بعد شهر من تقديمه للمشروع، عندما عرض عليه الفكرة أثناء رحلة عبر الصحراء من الإسكندرية إلى القاهرة، فيقول: «بعد أن قبل سعيد باشا المشروع استدعى قواد جنده، ودعاهم إلى الجلوس أمامه، وقص عليهم الحديث الذي دار بيننا، وطلب منهم أن يبدوا رأيهم في مشروع صديقه، فلم يكن من هؤلاء المستشارين وقد فاجأهم هذا الاقتراح، وهم أقدر على إبداء الرأي في مناورات الخيل منهم في التكلم عن مشروع عظيم لا يستطيعون فهم مراميه، إلا أن نظروا إلي بملء أعينهم، كأنما يريدون إفهامي أن صديق مولاهم الذي رأوه يقفز على الحواجز ممتطيًا جواده بمهارة فائقة لا يمكن إلا أن يدلي إلا بآراء صائبة، وكانوا أثناء الحديث يرفعون أيديهم إلى رءوسهم بين آن وآخر».

وكان ديليسبس أثناء رحلته مع سعيد باشا من القاهرة إلى الإسكندرية قد أبدى مهارة في ركوب الخيل واجتياز الموانع الطبيعية في الصحراء وهو ممتطيًا جواده، مما أثار إعجاب حاشية سعيد باشا وقادة جيشه بالصديق الأجنبي لمولاهم. وفي موضع آخر يذكر ديليسبس أثر إعجاب هؤلاء القادة بفروسيته على قرارهم بالموافقة على مشروعه، تلك الموافقة التي لم تستغرق سوى أسابيع قليلة من الدراسة، لم تصل إلى شهر، في بلد كانت تتميز بيروقراطيته ونخبته العسكرية بالبطء القاتل في اتخاذ القرار، فما سر هذه السرعة المذهلة؟
الامتياز العظيم
يقول ديليسبس: «جمع سعيد باشا قواد جنده، وشاورهم في الأمر، ولما كانوا على استعداد لتقدير من يجيد ركوب الخيل ويقفز بجواده على الحواجز والخنادق أكثر من تقديرهم للرجل العالم المثقف انحازوا إلى جانبي، ولما عرض عليهم الباشا المشروع بادروا إلى القول بأنه لا يصح أن يرفض مشروع صديقه، وكانت النتيجة أن منحني الباشا ذلك الامتياز العظيم».

بهذه البساطة حصل ديليسبس على امتياز شق القناة، بهذه البساطة كانت النخبة الحاكمة تتخذ قرارًا يحدد مصير الوطن لسنوات طويلة. رغم أنه نفس المشروع الذي رفضه محمد علي باشا قبلها بسنوات عندما عرضه عليه السان سيمونيون، وهم أتباع حركة إصلاحية ذات توجهات اجتماعية استعان بهم الباشا في تحديث مصر وفي مشروعات إقامة البنية الأساسية الحديثة في البلاد، وكان مبرره في الرفض الخوف من أن تزيد القناة من المطامع الدولية في مصر، الأمر الذي تحقق بالفعل.

وبعد انتهاء مرحلة الدراسات التمهيدية للمشروع التي استغرقت عامًا وبضعه أسابيع تم تعديل عقد الامتياز في 5 يناير 1856 بشروط أكثر إجحافًا بمصر. وفي 25 إبريل 1859 توجه ديليسبس بصحبة أعضاء مجلس إدارة الشركة إلى شاطئ البحر المتوسط بالقرب من الفرما، عند الموقع الذي أُنشئت فيه مدينة بورسعيد بعد ذلك، وفي احتفال كبير ضرب الرجل أول معول في الأرض إيذانا ببداية حفر قناة السويس، الحفر الذي استغرق أكثر من عشر سنوات، ضرب فيها مئات الآلاف من الفلاحين المصريين ملايين المعاول، في ظروف عمل غير إنسانية وأوضاع قاسية، سقط عشرات الآلاف من الفلاحين، وتكبدت الخزانة المصرية أعباءً مالية جسيمة بلغت أكثر من ستة عشر مليون جنيه...!!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter