أين هي الأسلحة؟
الاختلاف في الرأي لا يمنع الاحترام الشخصي وتنوع العقائد والمعتقدات أمر لا يجب أن يكون مدعاة للانزعاج بل انه يمكن أن يكون مصدرا من مصادر الثراء الذي يفيد أي مجموعة من البشر يعيشون في مكان أو مجتمع واحد.
هكذا كنت ومازلت انظر إلي الدكتور محمد سليم العوا فالرجل سواء اتفقنا أو اختلفنا معه مفكر ولديه رؤية يعبر عنها من خلال انتماءاته ومواقعه وكل هذا نحترمه ونقدره.
والدكتور العوا كثيرا ما يردد بين الحين والآخر أنه تربطه علاقات صداقة ومودة شخصية مع عدد من أساقفة الكنيسة المصرية وهو ما يعني ان الدكتور العوا يعرفهم ومن المؤكد انه تبادل الزيارات معهم.
ولهذا بقدر ما للدكتور سليم العوا من مكانة وبقدر ما حاول ان يقدمه لنا من صورة للمفكر المتفتح المستنير بقدر ما شعر الرأي العام بصدمة شديدة من تصريحاته التليفزيونية والتي زعم خلالها وجود أسلحة في الكناس والاديرة.
كلام الدكتور العوا جاء في لحظة انفعال وقع تحت وطأتها ردا علي قضية السيدة كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس والتسجيل المصور الأخير الذي نفت فيه شائعات إسلامها وأكدت تمسكها بعقيدتها المسيحية وهو ما دفع الرجل لأن يتهم الكنيسة بأنها أصبحت دولة داخل الدولة.. وطالما ان الرجل وصف الكنيسة بالدولة فإن هذه الدولة يلزمها سلاح ومن الطبيعي ان هذا السلاح لابد له من أيد تحمله سواء كان ذلك في صورة جيش نظامي أو قوات شبه نظامية.
ما قاله العوا خطير وهو يسيء لمؤسسات الدولة قبل أن يسيء للكنيسة لأن السماح بوجود شيء من هذا القبيل يعني توجيه اتهام خطير لكافة المؤسسات الأمنية بالتهاون في أمن هذا المجتمع ويحمل تحريضا شعبيا مباشرا ضدالكنيسة التي تعد واحدة من مؤسسات المجتمع.
ولكن علي أي الأحوال دعونا نسير مع الدكتور العوا فيما قال ونفترض جدلا وجود هذه الأسلحة التي لم يحدد لنا العوا نوعيتها وحجمها وسبل الحصول عليها فإن الأمر المنطقي الذي يفرض نفسه علي تفكير أي عاقل هو أن من يقتني سلاحا من المؤكد انه يدخره لوقت يستخدمه وليس مجرد للزينة ..وإذا كان الدكتور العوا يري ان الكنائس والاديرة تحولت إلي مخازن للأسلحة والذخيرة فلماذا لم نر قطعة واحدة من هذا السلاح في حادث نجع حمادي مثلا الذي وقع ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد "7 يناير 2010" حين فتح الإرهابيون نيرانهم علي المصلين لدي خروجهم من الكنيسة فقتلوا 6 أقباط وشرطيا مسلما..أعتقد أنه لو كان هذا السلاح الوهمي موجودا لكان هذا الحادث الأليم مناسبة مثالية تفرض علي الأقباط الذين يختزنون السلاح استخدامه ولو من باب الدفاع عن أنفسهم علي أقل تقدير.
وإذا عدنا إلي الوراء قليلا فإننا لم نلمس أي أثر لهذا السلاح حين تعرض رهبان دير أبوفانا للخطف والاعتداء في نزاعهم المشهور مع العربان علي أرض الدير وبناء السور الخاص به العام الماضي.. ومن المؤكد أيضا ان احدا لم ير هذا السلاح في موقف أصعب منه حين تعرض رهبان دير المحرق للاعتداء واستشهد عدد منهم قبل عدة سنوات.
ان تساؤلا منطقيا يفرض نفسه علي من يتابع مثل هذه الحوادث وغيرها الكثير: أين هو هذا السلاح المختزن بدور العبادة؟
من يختزن السلاح لابد أن يستخدمه فلماذا حدث كل ما حدث ولم نر سكينا أبيض في يد راهب أو رجل دين.
نحن قوم نطلق الأكاذيب ونصدقها.. نصنع الأوهام ثم نخاف منها صدقوني مشاكلنا صناعة محلية 100%.. و"العفريت" موجود بداخلنا ولسنا في حاجة إلي استيراده من الخارج.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :