عساسي عبدالحميد- المغرب
ظاهريا تأتي زيارة البابا تواضروس رأس الكنيسة الأرثودكسية المصرية   في شكلها البروتوكولي البحت  وهي حضور جنازة رجل دين مصري تحظى رتبته الدينية ومسؤوليته في التدبير والاشراف على الكرسي الأورشليمي الملحق بالكنيسة القبطية المصرية  بأهمية وازنة ....

لكنها، أي هذه الزيارة في عمقها و فحواها تأتي في اطار متغيرات اقليمية ودولية تعتبر مصر جزءا منها، و على المكون القبطي أن يكون له دور مستقبلي في المنطقة  ، فاذا كان البابا السابق " البابا شنودة" قد منع رعاياه من زيارة يوروشلايم القدس تحت أي مسمى سواء روحي أو سياحي أو تجاري ...فذاك كان قرارا حكيما فرضته الظرفية الصعبة التي مرت منها المنطقة و تحملت فيه مصر جزءا من أعبائها في اطار الصراع  العربي الإسرائيلي ..و حتى يتم تجنيب أقباط مصر الاشارة بالبنان و التهم الجاهزة من قبيل موالاة اليهود  المحتلين لأرض فلسطين، فكان موقف الكنيسة القبطية هو التعاطف الكامل مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي  من منطلق إنساني ومبدئي نبيل لكنه موقف اتسم ببعض من التشدد الذي ظهر في مقاطعة أية زيارة لكنيسة القيامة والمهد و القبر المقدس....

زيارة البابا تواضروس اليوم للقدس لحضور مراسيم تشييع جنازة الأنبا أبرام تأتي في أحسن توقيت و البابا يزن خطوته جيدا في ظل المتغيرات والمستجدات التي تعصف بالمنطقة و لعلها قراءة مستبصرة لوضع جديد في منطقة قدرها هذا المخاض العسير والتي  لن تكون حكرا على الجنس العربي أو معتنقي العقيدة الاسلامية، فشعوبننا و أوطاننا متعددة  المنابت والأصول والمعتقدات يقطنها والأقباط و العبرانيون والأمازيغ والعرب و التركمان و السريان والآشور والكلدان والشركس بمسيحييهم ومسلميهم  ويهودهم  و بهائييهم ويزيديتهم  وصابئتهم    ...

ربما جاء انتقال الأنبا أبرام الى السماء في هذا الظرف كترتيب من الله و تمهيد منه  لكي يكون  لأقباط مصر موطأ قدم و دور مؤثر فعال يعود على مصر و شعوب المنطقة بالنافع و الايجابي..

لقد حان الوقت لتفعيل دور مكتبة الاسكندرية التي تم حرقها  على يد عمرو ابن العاص و تذكير العالم بأن المصريين بناة حضارة وجسر تواصل  و طلبة علم ومعرفة و صناع سلام  و ليسوا أجناد الله و انتحاريوه ومفجرو الطائرات ...
شالــــــــــــــــــــوم ...........

Assassi_64@hotmail.com