الأقباط متحدون - فكر كأنك داعشي
أخر تحديث ١٢:٢٠ | الجمعة ٢٧ نوفمبر ٢٠١٥ | ١٧ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٥٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فكر كأنك داعشي

محمد الدويك
محمد الدويك

بعد موجة الأحداث الدامية التي شهدتها فرنسا وتونس ولبنان ومصر.. هل يظن الفرد الداعشي أنه حقق مناله. أو أنه قد كسب جولة إضافية في معركته التي ستمكنه من الفوز في نهاية الطريق؟

بقراءة متأنية سنجد أن كل ما حدث من تتابعات لا يخدم التنظيم في شيء. فضلا عن أنه يضر بالإسلام ضررا بالغا. فـ فرنسا ذهبت بحاملة طائرات شارل ديجول على متنها 6 طائرات رافال، ودخلت بشكل مباشر خط القتال وبدأت في قصف التنظيم في الرقة.

المجتمع الدولي تناسى قضية بشار الأسد، وتراجع عن المطالبة الفورية برحيله، وجعل التصدي للإرهاب هدفا أول وعاجلا. بل سيصبح الأسد عنصرا رئيسيا في مفاوضات حل القضية في فيينا.

المسلمون في أوروبا يصل عددهم إلى 50 مليونا. ويمتلكون فيها أكثر من 3000 مسجد. و 99٪ من هؤلاء مواطنون صالحون يحترمون القانون ويدفعون الضرائب ويعملون بإتقان. وهؤلاء من ستقع عليهم عواقب أفعال داعش، من تضييق أمني وشكوك، واستهجان مجتمعي. وصارت كافة الرموز الإسلامية محل تشويه وانتقاد. شكل المئذنة، وحجاب المرأة، وصفوف المصلين، وكلمة "الله أكبر" التي رددها الإرهابيون. والتي إن سمعها المواطن الفرنسي الآن سيظنها كلمة السر لانفجار حزام ناسف، أو تعويذة ينطق بها صاحبها قبل ممارسة القتل.

تزايد أعمال العنف والاعتداء على مخيمات اللاجئين في ألمانيا على يد النازيين والعنصريين. حتى وصل الأمر إلى أكثر من 450 حالة اعتداء. الهجمات تعطي فرصة ذهبية لليمين المتطرف في أوروبا لكسب مزيد من الشعبية، في الترويج لسياسات أكثر عدائية ضد العرب والمسلمين، مثل حزب ماري لوبان في فرنسا، وحركة بيغيدا في ألمانيا.

اتبعت الدول الأوروبية سياسة الانسحاب من مشاكل المنطقة العربية، طالما أنها مشاكل إقليمية لا تخصها في شيء. وكانت تلك الدول ترى أنه طالما الصراع على أرض بعيدة، والقتل ضمن أبناء الشعوب المتخلفة، فلا يهم. ولنتركهم يحلون مشاكلهم بطريقتهم الخاصة. حتى لو كانت تلك الطريقة هي نشر رايات الموت.

الآن أيقن الغرب أن مشاكل العالم متشابكة ومتداخلة ولا يمكن فصلها عن بعضها. وصار يعاني من موجات النازحين والهجرة غير الشرعية، كذلك يعاني من ضربات الإرهاب. وهو ما سيجعله يتعامل بجدية مع القضية.
وبذلك فلو أنك من داعش فليس من صالحك أن تستعدي كل تلك الأطراف في وقت قصير.

ولو أن داعش تعيش على وهم/ حلم الدولة الإسلامية القديمة، فيجب أن تعلم أن الإمبراطورية الإسلامية كانت تحوز اعترافا مستقرا، وتحظى بقبول دولي عام، ولديها تفاهمات وتعاقدات مع كافة الممالك. وكان الخليفة يقيم في مكان معروف للكافة، ولا يختفي في الجحور كالفئران. وكان المسلمون أتباع الدولة يتحركون في العالم بحرية ووضوح ويبيعون ويشترون ويتزوجون ولا يهربون من الشرطة أو يختبئون في الحواري الفقيرة كما يفعل هؤلاء. وكانت الدولة الإسلامية تهتم بحركة الشعر والموسيقى وتأليف الكتب والترجمة.

أما ما تفعله داعش الآن فهو أقرب إلى سلوك العصابات. وعندما يتم حصارها في منطقة تلجأ إلى الاحتماء بالمدنيين، وتفخيخ الشوارع والاختباء في البيوت. وتضافر الوضع الدولي لمحاربة داعش ينبئ أن الأمر مستقبليا سيظل محصورا في إطار العصابة الهاربة المتخفية التي تلدغ وتهرب. أو تلدغ وتموت في موقعها. أو تهبط قدم ثقيلة على رأسها فتمنعها عن بث سمها.
                                                        **
في سورة الفتح يذكّر الله عباده المؤمنين بفضله عليهم وهم في طريقهم إلى مكة للعمرة، في العام الذي تم فيه صلح الحديبية، بينما صدهم المشركون عن البيت، فقال:( وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا). إحدى آيات الله على المؤمنين ألا يتطاول عليهم الآخرون بالأذى. ويكف يد الشر عنهم. وأن يؤثروا السلامة. الله جعل ابتعاد الأذى عن المؤمنين آية منه، وسبيلا للهداية وطريقا مستقيما، وهنا تنبني نفسية المؤمن على أن السعي للسلامة هو تحقيق للإيمان، بينما الميل إلى الاشتباك وإثارة الخصومات والدخول في عداوات، سخط من الله.

كذلك الحال لو وجدت دول العالم تتكالب عليك لتنالك بالأذى وتقصفك بالصواريخ وتتعقبك بالطائرات الدرون "بريداتور" فاعلم أنك لست على الطريق الصواب. وآية أخرى تالية لها من نفس السورة تؤكد المعنى: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ). رغم أن الآية تصف مؤمنين وكفار، إلا أنها تتحدث بشيء من الندية، والواقعية، وتساوي أطراف الخصومة.. كف أيديهم عنكم، وحماكم من شرهم، كما أنه حماهم من شركم. وكان ذلك فضلا من الله ونصرا من عنده، بامتناع الأطراف عن القتال.

من بعد أن أظفركم عليهم.. أي من بعد أن انتصر المسلمون عليهم. والانتصار في هذه الواقعة كان من دون إراقة قطرة دم واحدة. فلم يمت انسان. ولم يقتل الرسول الخمسين فارسا الذين تحرشوا بحشود المؤمنين التي أرادت الدخول للعمرة. رغم أنهم البادئون. وبعد أن أمسك منهم اثنا عشر أسيرا، أطلق سراحهم، دون شرط، ودون أن يساوم عليهم.

هذا نوع من الانتصار في القرآن.. دون دم. وبإخلاء سبيل الأسرى. فهل هذا يشابه ما يحدث من تلك الجماعات..!
نقلا عن دوت مصر


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع