نانا جاورجيوس
إيه إللي خلى الإنتحاريين بالأحزمة الناسفة يوصلوا لقلب أوروبا بدلاً من قلب تل أبيب؟! بعد أن بدأت أساسا عمليات التفخيخ الإنتحاري بفتاوى شيوخ السعودية والخليج للفلسطينيين ضد الصهاينة. أي مصدر التفخيخ الإنتحاري المقدس هم حمساوية فلسطين وكان داخل نطاق صراعهم مع إسرائيل. ثم أصبحت العمليات الإنتحارية الجهادية تنتشر في مدن الوطن العربي بين العرب وبعضهم او ضد حكوماتهم كما في العراق وسوريا واليمن ومصر وتفجيرات عمان الأردن 2005 والتي راح ضحيتها المخرج السوري الأمريكي العالمي مصطفى العقاد على إيدين إنتحاريو تنظيم القاعدة أيام الإرهاب الوسطي لإبن لادن!. اما اليوم فأصبحوا يصوبون هذا الحزام الناسف لقلب أوروبا.
خرجت تلك العقيدة المتطرفة عن نطاقها ومباركة شيوخ النفط لها. فأستباحوا بتلك العقيدة الجهادية المتطرفة ليقتلوا شعوبهم ولا لزعزعة أنظمتهم العربية، ثم بدأت تظهر في قلب أوروبا،وتحديداً من قلب باريس.للإيقاع بأكبر عدد ممكن من ضحاياهم أياً كانت جنسية وثقافة ودين هؤلاء الضحايا. فالإرهاب الوسطي لإبن لادن كان أغلبه عمليات ضد الكفار الصلبيين، اما الآن فالإرهاب الداعشي لا يفرق بين ضحاياه. المهم يوقع أكبر عدد منهم.
جميع الإرهابيين الإنتحاريين الثمانية رغم أن أغلبهم ولدوا بدول أوروبية ويحملون الجنسية الفرنسية والبلجيكية إلا أن جيناتهم وعِرقهم العربي وبصمتهم الإسلامية التي يغوص بها في فكر الجهاد الدموي هو الذي قادهم ليرتكبوا تلك الجريمة معتقدين أن هذا جهاد ديني مقدس.
فما نشهده اليوم من حشد للبوارج والأساطيل الحربية التي تملأ البحر المتوسط وخليج عدن وفارس، لهو حصاد لفتاوي الدم التي اطلقها شيوخ النفط الوهابي ممن يحملون بذار الإرهاب المقدس.وهو ما يريده بل يخطط له دول التحالف الغربي للإجهاز على موارد الشرق العربي.
صحيح أن المال أصل الشرور وهو المحرك الرئيسي لكل ما تقاسيه شعوب الدول من ويلات داعشية. ليشترون به العقول المفخخة أساساً بمناهج السعودية وكُتبها العقائدية الإرهابية. اليمين الغربي المتطرف إستطاع أن يشتري و يوظف تلك العقول المفخخة ويستقطبها لمحاربة النظم السياسية القائمة. أصبح العقل العربي المفخخ هو غايتهم لأنه جاهز ومضبوط تايمره على الهدف الذي يريدون إنفجار قنبلته الموقوتة.
فلا يأتينا من يدعي أن داعش صناعة الغرب، لأن الإنسان الغربي لا ينتحر بأحزمة ناسفة، فالجهاد الإنتحاري ليس من أدبيات عقيدته سواء الدينية أو الثقافية أو البيئية و المجتمعية! بل صناعة عربية مائة بالمائة، بدأت من دول العرب وخرجت للعالم من قلب عروبتهم، لم يصنعه الغرب الذي لا يؤمن بفكر التطرف الديني. كل ما يفعله الغرب هو أنه يرعي الفكر الداعشي وينميه ويستخدمه ويوظفه فقط لأغراض سياسية كان المقصود منها التغلغل في الشرق الأوسط لخطريقة تقسيم جديدة، ولكن لا يمنع هذا أن ينقلب السحر عليهم من جنس عملهم.
وإلا لماذا السعودية وقطر وهما أكبر دولتين تتبنيان التطرف الديني وتغدق بالمليارات لتغذية وتعبأة المجاهدين. ولكنهما لم يتمكنا من إستقطاب مسيحي واحد أو يهودي واحد أو حتى بوذي أو ملحد وحيد ليرضى بيفخخ نفسه بحزام ناسف إنتحاري.؟! ليس لأن المسيحيين واليهود والملاحدة مؤدبين ولا لأن ليس بينهم مجرمين أشد خطورة على مجتمعاتهم. فالجريمة تُرتكب في كل العالم وعلى كافة الفئات والإنتماءات الدينية والإجتماعية والثقافية. ولكن لأن الإنتحار المفخخ عقيدة فكرية ودينية لا يحملها سوى العقلية العربية الإسلاموية. ناتجة عن فكر عربي شديد التطرف لأنه يرفض كل مكتسبات الحياة الإنسانية و تحضر. فغسلت مشايخ النفط عقول شبابهم وصدروهم للعالم لتقبض ثمنهم المليارات، وفي الوقت نفسه تصدر ما لديها من فائض داعشي لتتخلص منهم ومن جرائمهم في التناحر المذهبي الداخلي. وهنا تتلقفهم مخابرات اليمين الغربي المتطرف.
حامل هذا الفكر أصبح مستعبداً لأنه تربى على العبودية اليائسة والعدوانية ففقد إنسانيته وأبسط مبادئ التعامل الإنساني فهو لا يؤمن بالحياة بل بالموت لربح الجنة ربما يجد فيها حياة أفضل فهي لهم دار البقاء! وهذا هو الفكر الوحيد الذي تميز به الإنسان العربي عن باقي شعوب العالم وهو إعتناقه لأدبيات عقيدية لا يؤمن بها سواه. بدأ يمارسها الكائن العربي وإسلامي وحتى الكائن من أصل عربي أينما ولد او تواجد في بلدان متحضرة، فهو حامل لجينات التدمير ولا يمارسها حتى تحت ظروف اليأس والفقر كما بداها الإنتحاري الفلسطيني. والدليل أن أغلب منفذي جريمة باريس هم من المغاربة والجزائريين المولودين في حضن الحضارة الأوروبية التي لم تشفع عندهم لأن يرتقوا لمستوى إنسانيتهم ولم تحمهم حياة التمدن من نزعة العنف والإرهاب المقدس لأنه تربى على أدبيات عقيدية جهادية وتشبع بها!.
أصبح الإنسان العربي بدائي الفكر لأنه لم تتربى لديه خواص وصفات الإنسانية. حتى أن حكومات العرب الديكتاتورية هي حكومات إستعمارية صغرى، إنتهجت وماتزال نفس المنهج الجهادي الذي شرّبته لشعوبها، تجرم وتقتل فيهم وتدعهم يقتلون بعض لتضمن بقائها في السلطة.
أما الحكومات الغربية هي القوى الإستعمارية الكبرى التي ستتحمل نتيجة سياساتها المعوجة ويدفع شعوبها الثمن باهظاً لترحيبها بالتعامل مع الإسلاميين ومنحهم الحريات التي لم يعرفوا معنى إستخدامها في بلادهم! وإستقطابهم للشباب العربي المفخخة أدمغته سواء المقيم منهم و المولودين على أرضها أو الوافدين و اللاجئين منهم. حتى أصبح العربي الإسلامي شخص مرغوب فيه على الأصعدة المحلية والدولية وتسعيرته في زيادة سواء في بلده او في بلاد الغرب كلما قتل منهم الآلاف في العراق وسوريا وليبيا واليمن. ودول العرب أصبحت لا تتردد في تصديرهم للغرب لتتخلص منهم ليجاهدون في بلاد الغرب الكافر. واليمين الغربي المتطرف يستخدمهم لإضعاف أنظمة حكوماته أكثر. والنتيجة أن العربي أصبح الكائن الوحيد الذي يُطلب (لماركته التفخيخية المسجلة) فيتم دفع المال الوفير له لإستخدامه فزاعة للشعوب الغرب وأنظمتهم الحاكمة.
وما تفجيرات قلب باريس وأروبا إلا إنقلاب السحر على الساحر والنتيجة ضياع مئات من أرواح الأبرياء، نتيجة سياسة غربية إستغلالية. أجرمت هي أيضاً في حق شعوبها حين سمحت بدخول هؤلاء والتعامل مع عقول عربية مفخخة. الموضوع متشعب ومعقد ويحكمه المال والتنظيم المخابراتي السري وهو التنظيم العالمي الذي يحكم العالم الآن . أحد ذراعيه إخوان صهيون والآخر ذراع داعشي سلفي وهابي والجسد المخابراتي المتخفي صهيوني. وهكذا ستتوالد الدواعش في العالم أجمع طالما الفكرة باقية وتتبناها المؤسسات الدينية الرسمية ورائجة جداً في الأوساط الشعبية لشعوبنا وأصبح لها سوق مصدرة للفائض!
فصراع إثبات الوجود القائم الآن هو حرب معلنة ضد التقدم الحضاري للعالم، وما بين العقلية العربية المفخخة بالحقد والضغينة على بلاد العالم التقدمي الغربي، سيريدون بإستمرار نهبه أو هدمه. وبين دول الغرب الذي
ستضعف حتماً لرفاهيته الشديدة التي جعلت منهم مجتمعات بلا حصانة ضد فيروس الإرهاب المدمر لشعوبه وا الذين لم ينالوا التطعيم اللازم ضد ميكروبات العدوى العربية والإسلاموية، نتيجة الإنشقاقات السياسية بين انظمته واليمين المتطرف وسط مستقبل مجهول لهم، أما الكائن العربي فلا حاضر له ولا مستقبل ينتظره سواء في وطنه او في أوطان حاضنة له، لأنهم صاروا كالخراف الضالة بلا راعي أمين ولا رعية تضمهم وتأمن لهم مستقبلهم! حيث طغى الموروث الديني على الموروث الحضاري والثقافي ولا أمل في الموازنة بينهما او الشفاء من الداء.خصوصاً بعد إنتهاء الدور المنوط للمؤسسات الدينية لتلك الحكومات العربية في تحسين الخطاب الديني لبسطاء مجتمعاتهم كي لا يبتلع الفكر المتطرف أولادهم، وأن جنة حوريات داعش جنة وهمية لا وجود لها وتقديم رسالة دينية سامية تضمن كرامة الإنسان العربي وأن ما تفعله داعش الآن يهينهم كعرب وكمسلمين فالإسلامي المتطرف واجهة سيئة لوطنه وشعبه وقومه ولدينه، تلك المؤسسات التي كان من الطبيعي أن تتولى هذا الدور الإصلاحي على كاهلها. إلا أنها أثبتت عبر كل الأحداث والكوارث أنه تهاب تنظيم داعش وتخشى الإقتراب منهم و إخراجهم عن الدين لأنهم يعلمون أنهم يوم يفعلون هذا سينتهوا من الوجود لو أفتوا بتكفير ممارسات داعش.
سيعود الإنسان العربي لبدائيته بعد الحرب العالمية التدميرية القادمة على منطقة الشرق الأوسط ..كما تنبأ ألبيرت أنشتاين:( أنا لا أعرف السلاح الذي سيستخدمه الإنسان في الحرب العالمية الثالثة، لكني أعرف أنه سيستخدم العصا والحجر في الحرب العالمية الرابعة.)
أرى أنه لاضرورة لحرب عالمية رابعة يا أينشتاين، فالإنسان العربي سينقرض بطبيعته من الوجود لأنه سيفني ذاته بنفسه ومن سيتبقى منهم على كوكب الأرض لن يكونوا بالخطورة التي سيحتاجون معها لحرب رابعة !!