عاشت بريطانيا، مساء أمس الأول (الثلاثاء)، حالة من الشحن الوطنى العاطفى التى يندر أن تحدث فى بلاد الإنجليز الذين يتميزون -عادة- بالمحافظة والبرود.
أقيمت فى لندن مباراة ودية فى كرة القدم بين المنتخب الوطنى الإنجليزى وضيفه المنتخب الفرنسى.
ورغم حالة الطوارئ الأمنية التى تواجه دول أوروبا فإن القرار السياسى فى لندن وباريس جاء بضرورة إقامة المباراة بعد أن كان الاتجاه بتأجيلها.
وفى ملعب «ويمبلى» الشهير حضر الأمير إدوارد ممثلاً لملكة بريطانيا وحضر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وكبار الشخصيات السياسية من أجل إظهار التضامن مع الشعب الفرنسى فى معركته لمواجهة الإرهاب ولتأكيد أنه لا خوف من مخاطر «داعش» وتهديداتها وأن الحياة الطبيعية يجب أن تستمر مهما كان الثمن.
وفى بداية المباراة عزفت الموسيقى النشيد الوطنى الفرنسى فإذا بالجماهير البريطانية تشارك الجمهور الفرنسى وقامت بإنشاده فى مشهد عاطفى مؤثر للغاية.
ووضع كل لاعب بريطانى شارة سوداء حول يده لإعلان التضامن ضد جريمة تفجيرات باريس ثم وقف الجميع دقيقة حداداً لمشاركة الشعب الفرنسى أحزانه.
هذا الحدث من بدايته لنهايته ليس مجرد تمثيلية مجاملة وطنية من شعب لآخر لكنه -قبل أى شىء- تضامن إنسانى ضد الإرهاب.
هذا الموقف هو تكرار لذات الموقف الذى وقفه الشعب البريطانى مع الشعب الفرنسى منذ 60 عاماً لمواجهة إرهاب نازية هتلر الذى اجتاح أوروبا والعالم.
هكذا تتم صناعة الضمير الوطنى للشعوب وهكذا تخلق الأحداث الوجدان العام للمجتمعات.
وفى عالم حولته ثورة الاتصالات إلى قرية إلكترونية صغيرة أصبح فيها الجميع يشتركون فى ذات اللحظة فى متابعة الحدث أصبح هناك ما يسمى بـ«الضمير العام الإنسانى» المصنوع عبر وسائل الإعلام والاتصال.
لم تعد محنة دولة واحدة محبوسة داخل حدودها الجغرافية، ولم تعد الجريمة قاصرة على القاتل والقتيل وحدهما.
نحن نعيش متغيراً عظيماً اسمه وحدة الزمان والمكان، ولكن بعضنا -للأسف الشديد- ما زال يعتقد أن العالم لا يراه وأنه معزول عن هذا الكوكب وتحولاته الجذرية!
هذا هو قانون العصر!
نقلا عن الوطن