عند العرب «كل شيخ وله طريقة» حيث يأتى رئيس الجمهورية الجديد بطريقته وآليته ومساره، وتتحرك الدولة كلها معه.. أما فى الغرب فـ«كل شىء وله طريقة» حيث الأصل هو استراتيجيات الدولة وسُبل تحقيقها عبر ثوابت ومحددات لا علاقة لها بالرئيس نفسه بالضرورة.. لذلك فالمخططات الغربية ثابتة ما لم تظهر مخططات أخرى، وأظن أن الغرب يريد من الرئيس المصرى الآن الذهاب إلى ملاهى «جيورا لاند»، فكيف ذلك؟
«جيورا إيلاند» هو الرئيس السابق لشعبة العمليات بالجيش الإسرائيلى، والرئيس السابق لمجلس الأمن الوطنى، والمسؤول عن وضع الاستراتيجية الأمنية للدولة الصهيونية. عام 2009 اقترح هذا الرجل فكرة فى حواره لصحيفة «هآرتس»، مع مواطنه الصحفى «آرى شفيط»، صاحب كتاب «تقسيم البلاد». (نشرت الفكرة بالتفصيل فى دراسة عن مركز بيجن- السادات للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة بار إيلان الإسرائيلية. وهى عبارة عن وثيقة فى حوالى أربعين صفحة بعنوان «البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين»).
عُرفت تلك الفكرة بخطة «جيورا لاند» وهى أقرب ما يكون لإعادة ترسيم الحدود، وتقوم على إنهاء «المسألة الفلسطينية» عبر: مضاعفة مساحة قطاع غزة، توغلاً فى الأرض المصرية باقتطاع 600 كم من سيناء لإنشاء «غزة الكبرى» وبها ميناءان بحرى وجوى ومدينة جديدة تستوعب مليون فلسطينى (الانفجار السكانى الغزاوى على مساحة أرض ضئيلة يمثل خطراً محدقاً على إسرائيل).. بعد ذلك تنضم «غزة الكبرى» إلى الضفتين الغربية والشرقية لتكون جميعاً اتحاداً فيدرالياً مع الأردن.
تقوم الاستراتيجية بترغيب مصر عبر منحها مساحة مساوية فى صحراء النقب جنوب إسرائيل كتعويض. علاوة على شق نفق يربط بين مصر والأردن، ومد خط سكك حديدية بين الميناء والمطار بقطاع غزة مع ذلك النفق. فضلاً عن ضخ استثمارات ضخمة «من البنك الدولى» فى مجال تحلية وتنقية مياه البحر لحل مشكلة نقص المياه فى مصر (إسرائيل تُغلق الصنبور الآن فى إثيوبيا)، كل ذلك مع السماح لمصر بزيادة حجم قواتها فى المنطقة (ج) الملاصقة لإسرائيل.
هذا ما يفكر فيه الآخر، لكنه يتناسى أنه لن يجد مصرياً وطنياً يقبل بذلك.. عموماً مع افتراضنا وجود مؤامرة على النظام لعزله أو لإخضاعه، فإن تلك المؤامرة لن تكتمل إلا بمعاونة شعب ساخط، وعلى الدولة ألا تُغذى هذا السخط - كما هو حادث الآن ببراعة.. الضغط على النظام لن يأتى ثماره لو كان الشعب فى ظهره، وهذا يحدث بالإصلاح وليس بتفعيل تقنيات الشو الإعلامى غير المصحوبة بإجراءات حقيقية على الأرض. لاسيما إذا أضيف لذلك عدم كفاءة العديد من المسؤولين، تماماً مثل العبقرى الذى أضاء الأهرامات بأعلام روسيا وفرنسا ولبنان، ليؤكد للعالم أجمع - بعكس سير التحقيقات- أن حادث طائرة روسيا كان عملاً إرهابياً!.
نقلا عن المصري اليوم