الاثنين ١٦ نوفمبر ٢٠١٥ -
٤٦:
٠٣ م +02:00 EET
صورة أرشيفية
بقلم الدكتور رؤوف هندي
لقد بات من الواضح والضروريّ إذا شئنا أن نحافظ على كوكبنا الأرضيّ أن نسرع باستحداث إطارعالميّ حقيقي واعتماده لإصلاح الخلل القائم في الشئون الإنسانية الراهنة ومن المؤكد أن قادة العالم يدركون أن مشكلة الإرهاب في طبيعتها الحالية وأيدولوجيتها الراهنة عالمية النطاق ذو منبع واحد وتحتاج وبـصورة ملّحة إلى إيجاد حلول غير تـقليدية لإنقاذ أسرة العالم الإنساني التي تقـف الآن أمام منعـطـف خـطير يهـدد مصيرها وبقائها وعند هذا المنعطف يصبح الإخفاق أوالتقصير في القضاء على هذاالإرهاب الدموي مخالفا لكل مايمليه الضمير والمسئولية . يقول فولتير (إن الذين يجعلونك تعتقد بماهومخالف للعقل قادرون على جعلك ترتكب الفظائع ) ! القتل باسم الإله والذبح باسم الإله وسفك الدماء باسم الإله والحرق باسم الإله ولست أدري عن أي إله يتحدثون!وهذه هي المأساة بل الـمحنة الكبرى التي يـمربها العالم الإنساني اليوم والمؤشرات تشيرأن تلك الكارثة ستستمر لحقبة طويلة قادمة إنْ لم تُتخذ إجراءات مؤثرة وحاسمة يشارك فيها أعضاء الأسرة الإنسانية شركاء الحياة على هذا الكـوكب الأرضي الذي أسـاء إليه الإنسان كثيرا.
فمن خَداع النظر إلى خداع السمع وقع الناس أسـرى الـخرافة والجهـل وتغـيـيب العقـل واقتـنعوا بأن هـناك من يملكون مفاتـيح الجنـة والنار لتسكين البشر فيها فبـاتوا يخشون الـتفـكير خوفا من سيــف التكــفيير وباتَ القتل وسـفك الدماء وسيـلةٌ للتقرب إلى الله وإرضائه من أجـل الفـوزبحورياته في جنتهم المزعومة فـيالها من مأساة وكارثة سيكتوي بنارها العالم الإنساني بأسره ولن تكون هناك دولة واحدة بمنأى عن أو مأمن من الإكتواء بنارالإرهاب الأسود الذي باتَ صناعةً وتجارة وبيزنس وحملة المباخر دائما جاهزون والعقول المغيّبةالتي تعيش في توابيت الماضي السحيق الظلامي أيضا دائما جاهزة للسمع والطاعة وشعوب الشرق هم اكبر صنّاع للطغاة.وبكل يقين أقول مالم تكُن هناك إرادة حقيقية يشارك فيها كل دول العالم عن قـناعة كاملة باستشعاركارثةأنها تواجه خطرا لايهدد مصالحها فقط بل بات يهدد وجودها وبقائها.
أناشد دول العالم وقادته أن يبدأوا فورا التريبات لعقدإجتماع عالمي من اجل البحث والتفكيروالتشاورلإيجاد رؤى جديدة وحلول شاملة غير نمطية لمواجهة هذا الخطر الدامي ألا هوالإرهاب باسم الإله الذي باتَ يهدد وجود وبقاء الإنسان بل والكوكب البشري بأسره .
لـقد آن الآوان أن يجلس قادة ومفـكرو وفلاسـفة العالم الإنساني لوضع حلول قانونية وإنسانية غيرتقليدية لمواجهة محنة كوكب أرضي بات كيانه ووجوده مهددا بالفناء.أن العالم الإنساني في احتياج لإستراتيجية عالمية شاملة تعتمدعلى نظريةالأمن الجماعي فالإرهاب الحالي وبنمطه المتطور وإيدلوجيته العقائدية الدموية لايمكن ان تواجهه دولة بمفردها مهماكان إمكانياتها وأنا هنا لاأتحدث عن إستراتيجية امنية فهي ومع أهميتها لن تكون كافية بـمفردها والأستراتـيجية الأمـنية هي مسئولية الدول بما لديها من اجهزة أمنية وجـيش وشـرطة كما يحدث حاليا في فـرنسا ومصـروغيرها من الدول التي ستضطر تحت وطأة الإرهاب الأسود أن تسلك ذات المنهج .واستراتيجية المواجـهـة الامنية تحتاج ايضا لتعاون معلوماتي من كافة دول العالم ومع اهميتها ولكنها ليست كافية بمفردها .
ماقصدته هـو المواجهة الفكرية من أجل تجفيف المنابع الفكرية لذلك الإرهاب اللعين بنمط جديد غيرتقليدي لذاأناشد قادة العالم وفي خطوة غيرمسبوقـة وخلال مؤتمر عالمي تنظمه الأمم المتحدة بإعلان مبدأ وحدة العالم الإنساني لمواجهة هذا الخطر الذي يحيط بأركان الكرةالأرضية وأرى أنه قد آنَ الاوان أن يكون للامـم المتحدة دورا فاعلا وجديدا بعيداعن الشجب والإدانة فهذا بات لايجدي في ظل هذا الإرهاب الأسود والفكرالدموي الرهيب فالأمـم المتحدة هي المـظلة الشرعية العالمية التي يستظل تحتها كل بلدان العالم يجب أن تتـخلى قليلا عن دورها السياسي ليحل محله دورا إجتماعيا تـنويريا عالميا من خلال إستراتيجية شاملة تهدف إلى تـجـفيف منابع الأرهاب الفكري ومحاربة الفـقر والجهل وتـطوير التعليم لترسيخ معاني القيم الإنسانية العليا ودعـم ثقافة التعـدد والتنوع والتسامح والمحبة ونبذ التعـصبات بكافة أشكالها وتكـون تلك الأستراتيجية التنويرية موجهة في الأساس لبلدان الـعالم الثالـث وعلى وجه التحديد الدول الشرق أوسطـية التي بات واضحا لكـل ذي بصيرة أن هذه الدول خارج دائرة الزمن الحقيقي بعيدة كل البعدعن قيم وأليات النهوض والتعامل مع امفاهيم العالم الجديد بل وفشلت كل مؤسساتها لمحاولة إصلاح وتثقيف مجتمعاتها فـفاقد الشيء لايـعطيـه ومن هنا كانت شعوب تلك البلدان مرتعا خصبا لنمو الفكر الإرهابي بكل انماطه العنف والتخلف والكراهية للآخر تحت ستارعباءة الدين وأنعكس آثارذلك على العالم اجمع ويقـول إيـنـشتاين : لايـمكنـنا حل مشكـلة باستـخدام العقـلية نفسها التي أنشأتها .
لذا أطالب بجملة من الإجراءات الـقانـونية الإجـبارية تـطبق على جميع الدول في الشرق الأوسط لترسيـخ تلك المفاهيم من خلال مناهج تعليمية يضعها متخصصوا الامـم المتحدة وتحت إشراف دولي لخلق أجيال جديدة قادمة لاتكون فريسة لفكرالإرهاب الدموي الأسود. أناشـد قادة العالم أن يـبدأوا على الـفور وبروح يسودها الإصراروالتعاون والإيمان بقيمة الإنسان باتخاذ خطوات فاعلةعاجلة لإصلاح العالم من اجل المحافظة على كوكبنا الأرضي من الفناء والتلاشي ونصلي جميعا من أجل عالم يسوده الحب والتسامح والسلام .