م / إسحاق صبحى
ليست الديمقراطية سلعة مطلوبة فى بلادنا أو فى حتى جوارنا ، و هى على الرغم من شحها و كونها عزيزة المنال الا انها لا تجد من يشترى ، أو حتى يسعى فى أثرها طلباً للشراء.
دعونا نكف قليلا عن الحديث عن الديمقراطية فأن تكلفة الحديث عنها و الكتابة عنها فاقت كل تصور و هى بعد ليست حتى مفهومة ، ملايين الصفحات و المقالات فى الصحف، الاف الساعات على الشاشات و الفضائيات المختلفة ، مقابلات و حوارات و معلقون و محللون و مذيعون و مذيعات و انتخابات تتجاوز تكلفتها المليارات ، و النتيجة معروفة فطريق الديمقراطية مسدودا تماما و هى – فى بلادنا - تحتاج لطريق جديد و مختلف .
المواطن العادى لا يشعر بالحاجة للديمقراطية و لا للدولة المدنية أو العلمانية ، هذا المواطن اختار الدولة الدينية فى عدة استفتاءات و إنتخابات متتالية ، و هذا المواطن نفسه هو من وافق على الدولة العسكرية لمدة تزيد عن الخمسة و الستين عاما.
كيف نتوقع من هكذا مواطن ان يخرج مدافعا عن ديمقراطية هو لا يفهمها و لا يحتاج اليها.
لعلنا نحتاج للدخول لنقطة اعمق من الديمقراطية و أبسط فى الوقت نفسه.
ما نحتاجه فى مصر قبل الديمقراطية هو " المساواة" كمدخل حقيقى و سليم للديمقراطية بل للحياة السياسية بأسرها.
مثلا جزء من المشكلة الكبرى يتمثل فى سيطرة مجموعة من المؤسسات الفوقية على الدولة و اصرار هذة المؤسسات على كونها فوق القانون و بعيدة عن المحاسبة و غير قابلة للمسائلة او النقد او حتى المراجعة.
مؤسسات( مفيش حد يملا عينها) و لا يحاسبها أحد ، تحتقر باقى المواطنين، فكيف تسمح للمواطن المهان و المحتقر ان يحاسبها ، كيف و بأى حق يطالب هذا المواطن بحقه فى المشاركة او ان تضع الدولة هذا المواطن فى مركز حساباتها و اهتماماتها.
و من العته ان نطلب من هؤلاء و نستأذنهم أن يسمحوا لنا بمواجهتهم و محاسبتهم و مسائلتهم و العياذ بالله!!!
كيف (نتجرأ) و نطالب بمحاسبة مخطىء؟!
كيف نتجاوز و نطالب بإقالة مسئول ؟!!
أو بمحاكمة لص؟
أو باستبعاد فاسد؟
كيف نتسائل عن مليارات منهوبة هنا؟!
أو أخرى مهدرة هناك؟
نحن للاسف لسنا بشراً متساوون
ليس لنا نفس الحقوق
لا نتحمل نفس الواجبات
ليس لدينا مشتركات وطنية
اذن ليس لنا وطن واحد و لا مستقبل واحد
ما سبق بالكامل هو مجرد نتيجة لغياب المساواة كمعنى و كمبدأ
المساواة Equality هى القيمة الاساسية فى الديمقراطية ، من دونها تصبح الانتخابات مجرد لهو و عبث و تحصيل حاصل و لزوم ما لا يلزم فالمنافسة غير شريفة و قواعد اللعبة غير نزيهة و النتائج غير معبرة و لا تصلح لبناء وطن.
حتى مجىء الوقت الذى نتساوى جميعا (مواطنين و مسئولين) امام الدولة و القانون فلا فائدة من الحديث عن أى ديمقراطية ،
و لا عن أى انتخابات.