الأقباط متحدون - ثلاثون يومـًا إعلانات
أخر تحديث ٠٠:١٩ | الاثنين ٢٧ سبتمبر ٢٠١٠ | ١٧ توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٥٨ السنة السادسة
إغلاق تصغير

ثلاثون يومـًا إعلانات


 بقلم: هند مختار
 كل عام وأنتم بخير بمناسبة العيد، انتهى شهر رمضان بأيامه الجميلة وبمسلسلاته الطويلة وبرامجه المثيرة "للغثيان" أحيانـًا كثيرة، والتي تحول "رمضان" على أيدي صناعيها من شهر للعبادة إلى شهر للفضيحة والنميمة.

 اليوم لن أستعرض ما قدمه التليفزيون، أرضي أو فضائي؛ من مواد درامية أو برامج حوارية، ولكن سوف نستعرض ما قدمه التليفزيون المصري تحديدًا من فقرات إعلانية.

 أول الإعلانات التي طالعتنا كانت إعلانات شركات المحمول، وقد اجتهد أصحاب شركات الإعلانات لتقديم أفكار جديدة لتزيد من الترويج للشركات، وجاءت حملة شركة "إتصالات" هي الأقوى والأكبر؛ فكانت هناك الحملة التي كان بطلها الفنان "ماجد الكدواني"، والتي اعتمد فيها على فكرة أنه يريد ما يحتاجه فقط لا أزيد ولا أقل، بصورة كوميدية بسيطة.

 والإعلان الثاني الذي اشترك فيه نجوم الصف الأول من الفنانين بدءًا من "يسرا"، ومرورًا بـ"أحمد عز"، و"عزت أبو عوف"، و"هند صبري"، و"دنيا سمير غانم"، وصولاً إلى الملك "محمد منير"؛ في أول ظهور إعلاني له، واعتمد الإعلان على فكره ظريفة في تقديم خدمات الشركة كلها بصورة غنائية، وإن كانت الصورة المقدمة مستفزة نوعـًا ما، لأنه يدور سؤال: "كم تكلف هذا الإعلان من الملايين"؟؟ خصوصـًا مع الأزمات المالية الطاحنة التي يمر بها المواطنون!!

 ويأتي الأفضل لشركة "فودافون"؛ فلم يعتمد على أسماء كبيرة في إعلاناته، وإنما اعتمد على فكرة البهجة، والتي تصيب الإنسان حينما يربح، واعتمد أيضـًا على فكرة العرائس، واستوحى الأغاني من التراث المصري ولمة العائلة المصرية؛ فكان إعلانـًا طريفـًا جدًا وخاصة للأطفال، وإن كان إعلان "ليلة العيد" شابه عيب، وهو أنه سخر من أغنية "يا ليلة العيد"؛ تقول العروسة: (إنتو قالبينها جد كده ليه؟؟)؛ فكانت الفرفشة في أغنية "أهلا بالعيد"، مع أن الإثنين يحققان نفس الشعور بالبهجة .

 أما إعلان شركة "موبينيل" فلم يكن على المستوى المطلوب، على الرغم من اعتماده على أسماء الفنانين: "إدوارد"، والفنانه "إيمي سمير غانم"، فإذا كانت "شهرزاد" تحكي طوال النهار مجانـًا؛ فكان من الأولى أن تسكت عن الكلام ليلاً، فكان غير منطقيـًا، وإن حاول الاستفادة من ارتباط المشاهدين بـ"ألف ليلة وليلة"، بشهر رمضان .

 بعد ذلك تأتي إعلانات المعاهد الطبية؛ مثل "المعهد القومي للأورام الجديد"، و"مستشفى سرطان الأطفال"، وغيرها من المعاهد، والذي كان يتسول التبرع من المشاهدين، وإني أتساءل: "هل استخدام الأطفال وآلامهم لا يعتبر في نظر القائمين على حماية الأطفال نوع من أنواع إهانة آدمية هؤلاء الأطفال؟ وانتهاكـًا لآلامهم؟
أليس التبرع لهذه المعاهد هو واجب على كل المواطنين؟؟ أعتقد أنه لو اهتمت برامج "التوك شو"، وبرامج النميمة بعمل حلقات عن هذه المعاهد واحتياجتها، وأن يكون التبرع لها ليس صدقة أو إحسان بل واجب وطني على كل المصريين القادرين، فسوف تكون الصورة أجمل وأكثر آدمية مع استعراض الحالات التي تم شفاؤها بصورة أكثر جدية.

 طوال الثلاثين يومـًا ألحت علينا الطفلة "منة عرفة"، والفنان "سامح حسين" بالإعلان عن أحد منتجات البطاطس المقلية، وهذا الإعلان على الرغم من أنه يبدو طريفـًا، إلا أنه يحمل بداخله سلوكيات خاطئة تهدد مجتمعاتنا؛ لاسيما أنها تصدر من طفلة محبوبة ونجم كوميدي محبوب.

 ومن ضمن هذه السلوكيات فكرة المصلحة؛ فالطفلة لا تنقذ صديقها إلا لأن كيس البطاطس أهم منه في أحد الإعلانات، بل وتدبر له المقالب لتفوز هي بالبطاطس، وفي إعلان آخر يستغل طفولتها وضعفها فلا يعطيها ما تريد، وحينما يصغر هو تأخذ منه ما تريد؛ فالقوي لابد أن يقهر الضعيف.

 إعلان آخر لم أفهمه لنوع آخر من البطاطس؛ فكان يقول كله يضلع نفسه، ولم أفهم حتى الآن كيف أكون  إنسانة مضلعة؟

 إعلان أحد المشروبات الغازية الذي يقول: "استرجل"، هل هو إعلان ذكوري؟ فلا يجب على المرأة أن تشربه؟ أم ماذا؟؟ خاصة أن نفس الشركة كان لها مجموعة إعلانات لطبيب نفسي يعالج مجموعة من المرضى، وينصح المريض بأن يضرب صديقه حتى يسترجل؟

 كان هناك إعلان طريف أيضـًا لإحدى شركات المياة الغازية عن منتجاتها الجديدة؛ مثل التمر هندي والكنتالوب، وإن كنت أعيب عليه كلمة "نلبسها لمصيلحي"، لما لها من مدلول غير مقبول لا يخفى عن أصحاب الإعلان.

 أكثر الإعلانات فشلاً واستفزازًا هو إعلان إحدى شركات منتجات الألبان عن نوع جبن، واستخدامهم لأغنية "المصريين أهم"؛ خصوصـًا كلمات الأغنية المركبة على اللحن "الله على المصريين في رغيف فينو"!! ولا تعليق؛ سؤال ألح عليَّ بشده في تلك الفترة؛ وهو هل صناعة السيراميك مربحة كده؟ فأكثر من أربع أو خمس شركات للسيراميك تنافست على تقديم إعلاناتهم طوال شهر رمضان، وتحمل إعلاناتهم نفس الفكرة؛ أنهم الأفضل والأقوى والأحسن.

 هناك إعلانات المنتجعات والقرى السياحية، وهي إعلانات مستفزة شديدة السذاجة، ففي بلدنا معدلات البطالة فيها زائدة والشباب لا يجد حجرة وصالة للزواج، وبعد ذلك نقدم له شققـًا فندقية وتسهيلات في السداد في منتجعات سياحية!!

 وقد كانت حملة إعلانات "مهرجان القراءة للجميع" ممتعة ورائعة، ومن أحسن الحملات للتوعية بأهمية القراءة، لكن هناك سؤال مكتوب في الإعلان؛ "عشرون عامـًا من الثقافة"!! لماذا يقرأها المذيع عشرين سنة من الثقافة؟ مع أن الأولى صحيحة نحويـًا، ما هي الحكمة حتى الآن لا أعرف !!

 السؤال الأخير الذي أطرحه: هل أتت هذه الإعلانات بأية نتيجة؟ هل حققت مكاسبـًا للمعلنين؟ هل وصلت رسالة إعلانية حقيقية؟ وهل أنعشت سوق التليفزيون الذي كان يعاني من الكساد؟؟!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter