الأقباط متحدون | الدبابة... يا أبونا
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٣٩ | السبت ٢٥ سبتمبر ٢٠١٠ | ١٥ توت ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٥٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الدبابة... يا أبونا

السبت ٢٥ سبتمبر ٢٠١٠ - ٤٩: ٠١ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.يحيى الوكيل
هل يقوم رجل الدين بأفعال تعارض كل ما يؤمن به و تؤدى إلى نقيضه بالذات؟ و لسنا نتكلم هنا عن حالات فردية، بل نتكلم عن العموم.
أكاد أجزم أن لا، و خاصة بما يتعلق بالرهبان الذين يتحملون ترك الحياة بكل متعها الدنيوية خلفهم و يكرسون حياتهم للعبادة و خدمة ما يؤمنون به و خدمة الناس.

و ليس الرهبان فقط، فكل "العابدون الزاهدون" – بحسب النص القرآنى - يندرجون تحت فئة "رجال الله"، و أظنهم يماثلون الرهبان فى امتناعهم عن التكالب على الدنيا و ما فيها من شرور و ثروات و سلطة، فكلهم يمتنعون عن التشاحن و التقاتل على متاع الحياة.

إن و افقنى القارئ على ما عرضت سلفاً، فلابد أنه يشاركنى رفضى و امتعاضى لما عرضته تلك الفضائية فى أحد برامجها و التى يقدمها أحد عرائس الماريونيت الذى يحركه التيار الوهابى – فهو مقهور بالبحث عن الثروة و الجاه والمنعة، و يحركه حقده على من يملكون ناصية قرارهم و ليسوا إمعات مثله فصار "أحقد مقهور".
ذلك البرنامج استضاف عَوَاءً يتقن ما تفعله قطعان الذئاب عندما يستفزها ضوء بدر التمام، و أتاح له فرصة عمل ذلك بالضبط: أن يعوى نابحا على رموز مصرية، و أن يصيح بصياح الدم عليها محاولا إتمام غرض أسياده فى شبه الجزيرة الذين يلقون له بفتات اللحم النتن و يمسكون بقياده تماما كالكلاب التى يبقونها بالقرب من مضاربهم و لكنهم لا يسمحون لها أبدا بدخول خيامهم حتى أنهم أدخلوا ذلك السلوك فى الدين.

و غرضهم معروف: الحرب الأهلية فى مصر و إضعافها لإعادة احتلالها و تعويض خسارتهم فى لبنان؛ و قد كتبت فى ذلك مرارا و تكرارا، و اليوم فقط أتناوله من زاوية جديدة.

عوى العَوَاءُ على أبواب الكنائس و الأديرة بعواء كذب، و أدعى تخزين السلاح فى تلك الأماكن – و طبعا بلا دليل أو بينة. و لأن الفكر السلفى الوهابى قائم على أن المتلقى لن يعمل فكره فيما سمع، فاته أن يبحث هذه النقاط:
- من يخرج على الإيمان المسيحى لا يمكن أن يكون راهباً، و حسبما قرأت فى الإنجيل و ناقشت أصدقاء لى من القساوسة بل و من رجال الدين الإسلامى فالمسيحية تنبذ العنف بشكل كامل و مطلق، و حتى إن مارسه المسيحيون فهم لا يمارسونه عن تطبيق لما فى كتبهم بل عن قناعاتهم الدنيوية؛ و هذا يتناقض تماماً مع أن يقوم الرهبان المسيحيون بتخزين السلاح فى أديرتهم و كنائسهم - لأن الغرض الوحيد من السلاح هو العنف - و إلا لخرجوا عن الإيمان المسيحى فلا يصيرون رهبانا.

- من أين تأتى الجماعات الإسلامية بسلاحها، و أين تخزنه؟
كان مصدر سلاح تلك الجماعات فى القديم مخازن الجيش المصرى المتروكة فى سيناء و التى "حررها" البدو هناك، لكن هناك مصدر آخر و هو القوافل القادمة من السودان و الممولة من الوهابيين و تحت رعاية النظام الحاكم الإسلامى المتشدد – و الذى أجرمه المجتمع الدولى. و قد انكشف ذلك المصدر عبر ما تواتر من أخبار عن القصف الجوى الإسرائيلى لتلك القوافل، و السلاح المستخدم فى جريمة نجع حمادى هو سلاح صينى حديث لا يمكن أن يكون قد دخل مصر إلا بغرض تسليح المليشيات المؤتمرة بأوامر الوهابيين.
إذن فمَصدر السلاح و مورده و مستخدمه كلهم على الجانب الوهابى.
أما عن أماكن تخزين السلاح التى تستعملها الجماعات الإظلامية ففى كل مكان فى مصر، و أتكلم عن جميع أنواع الأسلحة بداية من العصى و السلاح الأبيض الذى يظهر بشكل "سحرى" فى أيدى المشاركين فى الشغب الذى قد يعقب الصلوات الجامعة – كالتراويح و الجمعة و العيد - و الموجه بشكل يكاد يكون دائما نحو إخواننا فى الوطن من المسيحيين، و نهاية بأسلحة القتل الآلية و المستخدمة على نطاق قد يضيق أو يتسع، لكنه فى النهاية يغدر بحياة مصرى أشترك معه فى أجداد الجدود.

الكارثة أن المخزن الأهم و الذى تضع الجماعات السلفية عيونها عليه آملة ان تضع عليه يدها هو ما لدى الجيش المصرى و الشرطة المصرية من سلاح، و لكى تحقق ذلك نهجت خطة زرع رجالها فى كل المؤسسات العسكرية و السيادية المصرية بدلا من الصدام مع تلك المؤسسات، آملة أن يصل هؤلاء الرجال إلى القدرة على التحكم فى تلك المؤسسات لينفذوا أوامر الوهابيين ضد أبناء شعبهم.
لا أراهم الله ذلك اليوم أبدا.
- تخزين السلاح لا قيمة له بدون التدريب عليه.
فهل عوى العواء بجانب معسكر تدريبى يبدل فيه الرهبان مسوحهم السوداء – و هم على حد معرفتى لا يستطيعون ذلك أبدا – بأوفرولات الاشتباك و يدربون فيه شباب "المجاهدين المسيحيين" على استعمال السلاح؟
هل هناك دليل واحد على ذلك؟
أو أن هذا دليل على أن "أحقد المقهور" و ضيفه العاوى كاذبان يرميان بالإفك و البهتان؟
- لو أن هناك سلاحاً مخبئاً و تدريبا سريا، فأين أجهزة الدولة من ذلك؟
أين أمن الدولة و أين حرس الحدود و المخابرات العامة و الحربية و الرياضية أيضا لو وجدت؟
يا سادة لو أننى فى رحلة علمية فى الصحراء لما استطعت القيام بها قبل أن أحصل على عدد من التصاريح من عدد من الجهات الأمنية، فكيف بمن يديرون معسكرا للتدريب العسكرى فى الصحراء – و أنا أجزم أن كل الأديرة و الصوامع المسيحية تحت رقابة أمنية مكثفة، و عد إلى النقطة قبل السابقة.
الأقرب للتصور أن لا تغمض الدولة عيونها عن مثل ذلك؛ و هم لا يفعلون، فقد كان لديهم شرائط مصورة للمعسكرات التى كان يتم فيها تدريب الإرهابيين و شاهد بعضها السادات نفسه قبل أن يلدغه الثعبان الذى رباه.
إذن فلا سلاح مخبأ فى الأديرة و الكنائس.

- لو أن هناك هناك سلاحا مخبئا، فما نوعه؟
لا يتصور أن من يخزن سلاحاً لزعزعة أمن بلد مثل مصر و فيها جيشها سيكتفى ببعض البنادق الآلية و زجاجات المولوتوف كما تفضل علينا الخبير العسكرى ضيف "المقهور" بالشرح، و لابد له من بعض السلاح المتوسط و الثقيل، و لابد أن هناك بعض بطاريات صواريخ باتريوت – مخبأة بالتأكيد فى منارات الأجراس، و أن قباب الكنائس هى رادارات حديثة – و من يدرى فلعل بها أسلحة ليزر هربها لهم الأمريكان الذين يعادون الإسلام حتى تحالفوا مع الأنظمة الإسلامية القمعية كلها فى شبه جزيرة النفط.
منظر طبيعى جدا إذن أن تسمع بعد صلوات الصبح صوتا فى صحن الكنيسة يقول "عايزين مفتاح الدبابة يا أبونا علشان نغير زيت الموتور، و ننظف المدفع، و أهو بالمرة نتدرب على عشرين ثلاثين دانة قريب من الدير!"
يا "أحقد مقهور"، حرام عليك عقولنا.
طبعا سيعوى العَوَاء على كل "نبلة" فى يد طفل مصرى مسيحى، فأسياده الوهابيون لا يريدون إلا الخنوع التام عن صغار، و من يدرى فلعل هذه النبلة تستخدم فى مقاومتهم، أو ما فى حكمها من صواريخ و بمب العيد الذى ملأ العَوَاءُ الدنيا عِواءً على ضبطه فى شحنة استوردها مسيحى ليلعب بها أطفال المسلمين فى العيد.
يا "عَوَاءُ"، حرام عليك عقولنا.

- لو أن هناك سلاحا مخبئا، فلماذا لا يستخدم حين الحاجة إليه؟
لماذا لم تخرج المدافع الجرينوف من المزاغل فى جدران كنيسة نجع حمادى للرد على الرصاص الذى انهمر على الخارجين منها ليلة العيد؟
إن التحليل المتعمق لهذه الحادثة بالذات ليكشف عمق التزام المصريين المسيحيين – أبناء بلدى الجميلة – بضبط النفس و السلام، و الذى لا أشك لحظة أنه التزام يرعاه و يحرض عليه وازع دينى و قيادة دينية واعية بمقدرات بلدها، قيادة ترفض ان تنزلق مصرنا الحبيبة إلى حرب أهلية فمنعت رعاياها حتى من حقهم فى الحج إلى القدس لكى لا يجد عليهم الوهابيون حجة يؤججون بها مشاعر أولاد بلدهم من المسلمين و يؤلبونها عليهم.
كيف يتفق أن يكون هذا اتجاه القيادة الدينية المسيحية و شعبها ثم يرمون هذه القيادة بتهمة تخزين السلاح و بالتبعية الاستعداد لحرب أهلية؟
المقهور و العَوَاءُ هما من يريدان استدراجنا لحرب أهلية، فلا يستمع أحد إليهما.

الغريب أن مقدم البرنامج و هو إعلامى قد خالف قواعد الإعلام، فترك ضيفه يكيل الإتهامات بلا بينة و لا دليل و يصرح بدلا من التلميح، ثم لم يأت بالطرف الآخر ليدافع عن نفسه.
و هذا ليس مستغربا من المقهور و قناته، فما يعرضونه ليس بإعلام بل إعتام و حجب للحقيقة.
ما يعرضونه هو رأى، مدفوع ثمن نشره، و ليس خبرا.

أما الضيف فقد جعلنى أكره لقب الدكتوراة.
هذا اللقب هو تتويج لجهد علمى و بحثى مضن، يسهر له مستحقوه ليال، و ينالون شرف اتساع أفقهم و علما عريضا جزاء ما بذلوا، علماً ينعكس على فكرهم و كلامهم و طريقة حياتهم فيصبحون قاطرات للتقدم و ليسوا أفرادا فى قطيع.
الضيف كان على عكس هذا كله؛ و ليس وحده فى ذلك فالعديد ممن تسبق أسماءهم ألقاب كهذه مدعون أو حاصلون عليها من كتاتيب أو خرابات لا تحظى بالاعتراف العلمى أو الدولى.
لم يلتزم "الدكتور" بأى قواعد علمية أو بحثية فى عرضه للموضوع، ففسد عرضه و فسد استنتاجه و بلغت رائحة الفساد السماء.

المخيف أن الغالبية من العوام ينقادون "للدكتور" صاحب اللقب الفخيم فى دغدغته لمشاعرهم و غرائزهم البدائية الراغبة فى القتل و الجنس، و يبهرهم "المقهور" فى بزته الأنيقة و ذقنه المشذبة حسب قواعد التقية لتمنع عنه الإعلان الصريح بإنتمائه للسلفيين و فى نفس الوقت تبقيه منهم.
لهذا يستمعون إليهما.

هؤلاء العوام هم هشيم المعركة الذى يرجو كل عَوَاءٍ و مقهور أن يزجوا بهم فى معركة لن تحمل إلا الدمار لبلدهم و ركوب الوهابيين على ظهورهم.
هذه هى الرسالة التى يجب إيصالها إلى الشعب المصرى كله، و ليس فقط الدفاع عن نقطة نقطة: اليوم الزواج الثانى و تخزين السلاح، و لا أدرى ما سيأتى به الغد!

يا أبناء بلدى
يا كل أقباط مصر، مسلميها و مسيحييها
إذا عوى إبن آوى على الباب، فلن يبعده صوت خشخشة الورق.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :