الأقباط متحدون - الإعلام وتجارة الخردة
أخر تحديث ١١:٣٤ | الأحد ٨ نوفمبر ٢٠١٥ | ٢٩ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٤٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الإعلام وتجارة الخردة

ريهام فؤاد الحداد
ريهام فؤاد الحداد

الإعلام سواء كان «شاشة» أم «أقلاماً» بات يسبب الضجر والضيق ويستدعى كوابيس الأحلام، يضلل، يكئب ويدلس على المواطنين ويريهم سواد الأيام، وأسفاً أصبح مهنة للأشرار واللئام.

إقليمياً مررنا بأوقات عصبية لا تغفل على أحد، فما حدث للعالم العربى من هزات أودت بحياة بعض دوله بدأت بورقة (الإعلام)، فهى الطريقة الأسهل والأسرع والأكثر تأثيراً على جميع الأنام وبذلك تحول الإعلام إلى إحدى أدوات المافيات العالمية، فأصبح العاملون به أغنى من تجار السلاح والرقيق الأبيض، فهو السلاح المهرب بالقانون و(الدعارة) المسموح بمزاولتها على مرأى ومسمع من الجميع.

وفى وطننا، تجلت بوضوح تلك الخطة الشيطانية لإضعاف الدولة بإضعاف إعلامها بطريقتين، أولاهما كان ظهور أصوات تعلو من فضائيات تدعى الشهامة والمثاليات والصدق والسبق الصحفى، ثانياً شن حرب شرسة على الإعلام الحكومى بمهاجمته وتكذيب أخباره فى خطة ممنهجة ساعد على إتمامها خونة وكسالى داخل الجهاز الإعلامى الحكومى، بعضهم بقصد، والبعض الآخر شارك بالتقاعس واللامبالاة أو بعدم المهنية.

إن أولى خطوات الاستيلاء على الدول أو الحكم بها يكون بالسيطرة على التليفزيون الرسمى للبلد المعنى، لهذا كان ماسبيرو أول هدف دسم لكل من أراد ببلادنا سوءاً، أيام حصاره وأيام تخريبه وكأنه ما كفاه ما يعانيه داخلياً من عصابات وتكتلات محبطة تقتل الموهبة وتحيى البيروقراطية والمحسوبية ومن ثم الإحباط، وللأسف كان لهم ما أرادوا، فأصبح هيكلاً عظمياً يشكو الجوع وعدم التنظيم والفقر، لقد أفقروه عمداً وكان لإفقاره وانهياره أهداف جمة، أولها سطوة الإعلام الخاص، الموجه من الخارج والمدعى للدقة والمصداقية وبلع الناس الطعم فالقنوات أشهى والإنفاق كبير والمذيعون يجلسون بالساعات ترى عروق رقابهم تكاد تنفجر من فرط الحماس والتأثر والحمية، لكن مع الوقت سقطت أوراق التوت، وانكشف السر المكنون وخرج الغل المكبوت، ما هم سوى أبواق لخطط أكبر منهم ومن قنواتهم، بعضهم مول ودفع له نظير تخريبه أدمغة وعقول الشعب وهدم الوطن والبعض الآخر أخذ نبرة المزايدات والصوت العالى والتبجح نبراساً ومنهاجاً مقلداً غيره (فأصحابها بالنهاية يتقاضون الملايين)!! والملايين تغرى الملاعين!، فخلطوا القليل من الصدق مع وافر الكذب وأشاعوا الفوضى، وساعدوا ملفقى القضايا، وأثاروا بلبلة وذعر الناس وصدّروا غضباً لا أول له ولا آخر، ولم تكن البلاد ولا أبناؤها فى الحسبان، يتغير الحاكم فتتغير النبرات، يتغير الوقت فتتغير الموضوعات، ودائماً وأبداً يعلو صوتهم المحبط فى الأزمات والنكبات.

وفى حربنا، تزعم تجار الإعلاميين جرائم الحرب وانقضّوا بمدافعهم وسهامهم وقنابلهم صوب قلب الوطن غدراً وحقداً وجحوداً، ومع انتهاء الجولات الكبرى من المعركة ومع هدوء الأجواء ووسط ما بقى من ضباب الأتربة وإزالة مخلفات المعارك ظهروا بثيابهم الملوثة وبأيديهم الملطخة، بعضهم فر واختفى وبعضهم قلب نشاطه، فأصبح يتحدث بالفن والطرب وبعضهم ما زال ينعق، عله يحتفظ بميزاته وميزانياته الكبيرة وبعضهم ما زال يقدم قرابينه لشياطينه، كلهم تجمعهم لوحة واحدة باهتة وهم عبارة عن مجموعة عرجاء كسيحة بوجوه ممسوخة قبيحه يتساقطون واحداً تلو الآخر يترقب سقوطهم تجار الخردة لجمع بقاياهم وبيعها بالكيلو! فمن يدفع مقابل أجزاء صدئة!!! يا جمهور مصر أما زلتم تشاهدون الروبابيكيا!!! تخلصوا من قنوات عفنت استهلاكاً لعقول وأرواح أجدى بها أن تبنى وتطور، تخلصوا من الخردة وتجارها ومافيات تجارة الأوطان التى تقف من خلفها.

وبالمقابل يجب أن يعود للإعلام الحكومى سطوته وزهوته والتخلص من جميع الروبابيكيا بِه، والروبابيكيا هنا لا تعنى العتق أو الأقدمية بل تعنى الأشياء العطبة والمكسورة وغير الصالحة للاستخدام، وإن كانت حديثة السن (شابة شكلاً وكهلة موضوعاً)، فلا وقت للخردة، إنه وقت التنظيف والتلميع وطلاء الأرواح والعقول بماء الذهب، فلا صدأ بعدها أو انتكاس للوراء، إنه وقت البناء، الشعب يريد إعلاماً نظيفاً صادقاً معلماً، يبنى ويرشد وينور، الشعب يريد التخلص من الروبابيكيا والخردة.

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع