الأقباط متحدون - بعد عقدين على اغتيال رابين.. وجه إسرائيل يرسمه اليمينيون والمتطرفون
أخر تحديث ٠٤:٠٤ | الاربعاء ٤ نوفمبر ٢٠١٥ | ٢٥ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٣٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

بعد عقدين على اغتيال رابين.. وجه إسرائيل يرسمه اليمينيون والمتطرفون

نتنيياهو يضع اكليل زهور على قبر رابين
نتنيياهو يضع اكليل زهور على قبر رابين

 تتجه إسرائيل إلى مزيد من التطرف بعد عقدين على اغتيال رئيس الوزراء الأسبق اسحق رابين وتتعثر مسيرة التسوية مع الفلسطينيين، وتنذر بانفجار شامل قد يعيد الأمور إلى ما قبل اتفاقية أوسلو.

منذ أيام أحيا عشرات الآلاف من الإسرائيليين ذكرى اغتيال رابين على وقع الهبة الشعبية الفلسطينية. ومع تصدر اليمين المتطرف المشهد السياسي في إسرائيل منذ سنوات، وتشرذم اليسار وانسياق معظم رموزه إلى تبرير القتل بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والتمييز ضد العرب داخل الخط الأخضر يكاد يختفي اسم رابين إلا في المناسبات كذكرى اغتياله، أو توقيع اتفاقات أوسلو ووادي عربة. وفي استطلاعات للرأي أجرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" منذ عامين تبين أن 79 في المئة من الشباب الإسرائيليين لا يعرفون إسحاق رابين، أو أي شيء عنه، ولا يعرفون تاريخه في الجيش الإسرائيلي، ويجهلون "لماذا سمي ميدان رابين في تل أبيب بهذا الاسم".
 
ويعّد اغتيال رابين نقطة فارقة في تاريخ إسرائيل، فللمرة الأولى يتم اغتيال رئيس وزراء على يد إسرائيلي يميني متطرف. وبعد عشرين عاما على الاغتيال فإن بنيامين نتنياهو يتصدر المشهد السياسي في إسرائيل من دون منافس، وبخمس حقائب وزارية، رغم أنه قاد خطابا تحريضيا على رابين في مسعى لزعزعة حكم حزب العمل. ومنذ أيام عُرض فيلم إسرائيلي بعنوان "اليوم الأخير لرابين" نشر فيه مقاطع مصورة لخطابات نتنياهو ومشاركته في مظاهرة رفعت فيها لافتات تصور رابين يرتدي الزي النازي، في مؤشر على درجة التحريض التي تعرض لها قبيل اغتياله.
 
ويختزل مشهد خسارة الجنرال رابين معركته الأخيرة بثلاث طلقات في الظهر بعد إلقائه خطابا وسط مؤيدين للتسوية السلمية قصة صعود إسرائيل وبداية تراجعها، من دون أن يشفع له تاريخه الطويل في خدمة أهداف إسرائيل، وتحقيق مصالحها. ويثبت أن حركة المجتمع الإسرائيلي تراوح بين التطرف والتطرف.
 
فرابين من الرعيل المؤسس للدولة العبرية، وانتظم منذ شبابه في صفوف عصابة الهاغاناه في العام 1938، وشارك في معارك انشاء دولة إسرائيل وقتل وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم وقراهم في 1948 والأعوام التي سبقتها. وبعدها نسج علاقات استراتيجية مع واشنطن أثناء توليه منصب سفير إسرائيل هناك. وكان رابين من مدبري النكسة التي حلت بالعرب في العام 1967 فقد كان رئيس أركان الجيش. وبعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول تسلم رئاسة الوزراء. وجرب رابين كل أدوات قمعه لإنهاء الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987 عندما كان وزيرا للدفاع، وأشرف شخصيا على اغتيال رجل منظمة التحرير القوي أبو جهاد الوزير في تونس. وهو من كان يحلم بأن تغرق غزة في البحر. ومع قناعة رابين بتغيير الظروف نتيجة الضغوط، وصعوبة قمع إرادة الفلسطينيين، انتهز الفرصة التاريخية ليظهر كداعية سلام ويوقع اتفاق أوسلو مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، ويتقاسم معه، ومع شمعون بيريز جائزة نوبل للسلام في عام 1994.
 
شباب فلسطينيون يحملون أحد الجرحى في الخليل
أجواء التطرف المنفلتة من كل عقال تسببت في قتل رابين وأوصلت بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم، وفي عام 1996 اشتعلت هبة النفق ضد سياسات نتنياهو بحق المقدسات الإسلامية في القدس. وواصل نتنياهو سياسة المراوغة معتمدا على الدعم الأمريكي غير المحدود، ومستغلا حالة ضعف العربية والفلسطينية، وأدخل عملية التسوية في الثلاجة، ليواصل البناء الاستيطاني وقضم الأراضي، ويصبح أسيرا للمستوطنين وأحزابهم.
 
ويبدو أن وجه إسرائيل يزداد قبحا ويقطر عنصرية بعد عشرين عاما على اغتيال رابين. فمجموع التشريعات التي سنها الكنيست في الاعوام الأخيرة تهضم حقوق ابناء البلاد الاصليين وتجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية. كما أن إطلاق يد المستوطنين في الضفة والتواطؤ معهم في عمليات حرق الفلسطينيين وهم احياء، والاعتداء على مقدساتهم لا يمكن أن يتم في بلد يدعي أنه "واحة الديمقراطية" في الشرق الأوسط. والاهم أنه قتل الفلسطينيين لمجرد الاشتباه، وتحويلهم إلى إرهابيين يفتح بوابات الجحيم على الاسرائيليين، فالفلسطيني لم يعد عنده الكثير ليخسره بعد عقود من الاحتلال والتهويد وسلب الأراضي، وانتهاك أبسط حقوق الإنسان، وفشل مشروعات التسوية السياسية.
 
من الواضح أن "بيبي" لم يتعلم الدرس والعبر من سيرة وتجارب الجنرال رابين في التعامل مع الفلسطينيين. ولا يعي أن بروز مئات الآلاف من أمثال بيغال عمير "قاتل رابين" في إسرائيل في ظل حكومة نتنياهو يؤدي إلى تصاعد التطرف اليهودي العنيف الأمر الذي يشكل خطرا، ليس على مسيرة التسوية السلمية مع الفلسطينيين فحسب، بل على دولة تبرز فيها تناقضات صارخة بين تيارات سياسية وايديولوجية وعرقية، ويشي بصراع حاد في داخل مكونات دولة تفتقد إلى نسيج موحد حتى الان، وتخشى في أثناء الاحتفالات بذكرى إنشائها من خطر وجودي يؤرق مضاجع الأحياء، ويهدم ما حاول رابين وغيره الحفاظ عليه عبر خوض تسوية سياسية، بغض النظر عم مصداقيتها، بعد استنفاد فرص الحرب.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.