الأقباط متحدون - الأشجار تموت واقفة2-2
أخر تحديث ١٨:٠٣ | الاثنين ٢ نوفمبر ٢٠١٥ | ٢٣ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٣٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الأشجار تموت واقفة2-2

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
مينا ملاك عازر
حدثتكم في المقال الماضي عن تجربة حضوري لعرض قدمه فريق كنيسة مار مرقص بشبرا لمسرحية الأشجار تموت واقفة لأليخاندرو كاسونا، وتوقفت عند خطأ أظنه بدى في تعديلهم على النص أو في أدائهم له على كل حال لم يكن هو الخطأ الوحيد في وجهة نظري كما أظن، لكن لا يمكنك التغاضي عنه فقط بل والتغاضي عن ضعف أداء اللغة العربية التي أصروا أن يقدموا بها عرضهم، بل أستطيع أيضاً أن أتغاضى عن أخطاء أخرى من نوعية لجلجة السكرتيرة

أيزابلا في بداية العرض لكونها انطلقت فيما بعد، كما أن سأتغافل عن عدم قدرة صائغ النص ومخرجه عن أن يضعونا في المساحة الزمانية المناسبة للنص، فتراهم لا يعبرون عن العملة المستخدمة، فلم يختاروا أن يقدموا العملة المستخدمة وقت كتابة النص أو العملة الحالية في أسبانيا الآن، فتهنا في الزمن، كما أنني أستطيع أن أهمل بعض المدخلات الموسيقية المصاحبة كتلك المقطوعة التي سمعناها في الخلفية عندما أشار الجد لعودة زوجته للعب على البيانو فور مراسلاته المزيفة لها، فقد تم تشغيل مقطوعة من الموسيقى الوترية وليست للبيانو، قد كنت أظن أنه كان من الأفضل لعب مقطوعة بيانو تعطي المشهد مصداقية.
 
كل أخطاء العمل تستطيع أن تنساها، أمام اجتهاد مجموعة من الهواة، وصل أداء البعض منهم لمستوى أشباه المحترفين، حاولوا أن يقدموا أفضل ما لديهم، يكفيهم أنهم أصروا على التعاطي مع اللغة العربية رغم أنهم كان يمكنهم الاستسهال والأداء بالعامية، لكنهم قبلوا أن يقال عليهم أنهم أخطأوا لغوياً في سبيل أن يجتهدوا ويقدموا الأفضل وقد فعلوا.
 
المسرحية ليست كئيبة كما يتصوروا هم أنفسهم، ولكنها جادة قوية عميقة حاولوا هم أن يتواروا وراء أغنيتين في الفصل الأول، ليجذبوا أنظار الناس ويخطفوا مشاعرهم لكن الأغنيتين رغم قوتهما لم تفلحا في أن تداري على طول الفصل الأول وبطئه غير المبرر، اللهما إلا محاولتهم التخفيف من حدة النص ولكنهم استطاعوا في الفصل الثاني تقديم فاصلين شعريين أحدهما رديء ومفتعل والآخر، كان رائع وأداءه كان جميل.
 
أما الممثلين فلن أوفيهم حقهم إذا تحدثت عنهم فرد فرد، فكلهم كانوا مجتهدين إلى أقصى درجة خاصة من قاما بدوري الجد والحفيد غير الأصلي، والأخير بالتدقيق قام بمشهد حواري مع ذاته لعبت الإضاءة دور فعال في إلهاب الصراع على خشبة المسرح، أما الجدة فهفوتها الوحيدة أنها لم تستطع ذرف الدموع عندما رأت حفيدها المزيف، وحاولت أن تقنعنا ببكائها وهو نفس ما قدمته في محاولتها للبكاء المدعومة بمؤثرات خارجية عند موت زوجها، وهاتين الهفوتين تبديان قاتلتين وخطيرتين لكن يكفيها المشهد الذي أدته أمام الحفيد الحقيقي حين واجهته والمشهد الأخير حين أصرت على أن تموت واقفة في مشهدها أمام

الحفيد المزيف، كما كانت الخادمة رائعة مبدعة أدت دورها وأقنعنتا بدرجة كبيرة بكبر سنها، أما المبدع الطامع كدوره في المسرحية دون رافايل فكان رائعاً كعادته، قدم وصلة من الذكاء في الحوار والمساومة، وأما الرقيقة أيلينا فكانت حقاً أيلينا ولا أظن أن ثمة من يستطع أن يقدم ألينا بهذه الدقة والتعبير عن أيلينا الرقيقة الوفية وحتى لا أنسى  أحد لن أطيل في الحديث عن الممثلين.
 
فحان الآن وقت شكر من دعوني لحضور ذلك العرض الرائع الذي اجتهد كل من فيه مسؤولي الإضاءة والديكور، ويبقى لي أن أنتظر العام القادم لأشاهد على أيديهم إن عشت وكان لي عمر عرض آخر لا أظنه سيقل جمالاً بل سيزيد بإذن الله عن جمال ذلك العرض، واسمحوا لي أن أشكرهم على أنهم أعادوا إرساء قيمتين الوفاء والعدل، وهما فضيلتان في طريقهما للغياب للأسف.
 
المختصر المفيد إن لم يكن من الموت بداً فلا بد أن تموت واقفاً كالجدة وكالأشجار.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter