الأقباط متحدون - الانتخابات وضرورة مراجعة المواقف
أخر تحديث ١٣:١٥ | الأحد ١ نوفمبر ٢٠١٥ | ٢٢ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٣٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الانتخابات وضرورة مراجعة المواقف

كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
صدر منذ عام  دراسة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حول الوعي السياسي للمرشحين ، خرجت بنتائج تؤكد على أن بعض المرشحين لا يدركون المعنى الأهم للمشاركة السياسية ، ولا يدرون آليات العمل البرلماني ، ولا برنامج الحزب المرشحين على قوائمه ، فإذا أضفنا أن هناك اختيارات على أساس الهوية الدينية ، فالأمر يحتاج إلى مراجعة ووقفة إزاء كل ممارساتنا ذات العلاقة بتفعيل الديمقراطية ..
وعليه جيد أن نتابع أخبار أظنها طيبة ومبشرة وفي الاتجاه المطمئن لصالح السعي الحثيث من جانب شعب يبحث عن تحقيق خطوات نحو تحقيق الديمقراطية المبدأ الأهم لثورة يوليو 1952 وظل بعيد المنال للأسف ، والأهم الاقتراب الجاد والعملي نحو تحقيق المواطنة الكاملة والانتصار للعدالة الاجتماعية ، وهي أخبار وجود كراسي اكتر للمواطن المسيحي والمراة والشباب في المرحلة الأولى .. أمر طيب ومحفز للناخب وأيضاً من فكر في الترشح وتراجع لنراجع جميعنا مواقفه نحو المشاركة في العملية الانتخابية ..
 لقد كان من الأخبار الصعبة في وقعها على كمواطن مصري مسيحي أن تتناقل الأخبار في يوم ما وبعد ثورة 25 يناير الخبر التالي : الشرطة تلقي القبض على أحد المسجلين خطر ، فيقوم شقيقه بمحاولة حرق كنيسة مار جرجس انتقاماً من الشرطة .. هذا ما حدث في قرية منوف محافظة المنوفية !!!
هل هناك تعليق سوى أن الأقباط قد باتوا الحلقة الأضعف ، وأن فرص النجاة من العقاب باتت مواتية لكل من يعتدي على الكنائس ؟ !!!.. للخبر أكثر من دلالة ، ولكن حدوتة الشعور بالمواطنة المنقوصة هي الدلالة الأصعب ..
لا شك أن مما زاد من معاناة المواطن المصري بشكل عام ، والمسيحي بشكل خاص وبعد ثورة يناير التي خرج فيها المصريون يطالبون بكل حقوق المواطنة لكل الناس ، كان في الموافقة على إنشاء أحزاب بمرجعية دينية .. لقد أذهلني القبول والترحيب بقول المستشار طارق البشري مبتدع الفرضية الكارثية  " لقد وافقنا على أحزاب بمرجعية دينية ، ولكن رفضنا أن تميز تلك الأحزاب الناس على أساس ديني " .. حد فاهم حاجة ، غير أنها تلاعب بمصير وطن ومواطن !
لقد عاش المواطن المصري المسيحي في العقود الأخيرة تفاصيل أحداث مشهد كان يتكرر حدوثه أثناء وعقب كل انتخابات برلمانية ، بداية من انتظاره للإطلاع على بيان أعداد الأقباط في القوائم التي تقدمها وترشحها الأحزاب لعضوية البرلمان ، يتبعها حالة إحباط من قلة بل وندرة أعدادها لأحزاب تدعي تفردها بتخصيص أبواب وفصول في متن برامجها لإعلان التزامها بقيم المواطنة والعدالة الاجتماعية ، ثم تكون الطامة الكبرى بخروج المواطن المسيحي من كل دوائر المنافسة والتمثيل النيابي ، حتى بات الناس في بلادي يسألون ويطرحون الخواطر التالية :
◄ هل ولد المواطن المسيحي مختلفاً في شئ ما غامض ، رغم أن له بالضرورة قريناً شبيهاً له يحمل ذات الجنسية واللون ومحل الميلاد والانتماء لذات التاريخ والجغرافيا والمناخ الفكري والتراث الإنساني ، ولكن ذلك القرين ( الآخر ) يختلف معه في الديانة فقط ، ويُفرض عليه أن يقوم بتمثيله في مجلس الشعب في كل الأحوال ؟!
◄ ويسألني قبطي هل ثبت ـ وبالدليل القاطع ـ أن التركيبة الجينية للمواطن المسيحي لا تؤهله بأي حال من الأحوال لممارسة العمل الحزبي والبرلماني والسياسي عبر آلية ديمقراطية منضبطة باحتراف ؟!
◄ هل يرجع سبب اختفاء المواطن القبطي تحت قبة البرلمان إلى طبيعة تربيته الروحية في مدارس الأحد بإدارة نظام كهنوتي يعتمد منهج " على ابن الطاعة تحل البركة " والطاعة ليست بنت الديمقراطية ولا تشبهها ، حتى لوكانت البركة من بين ثمار الديمقراطية ؟!
◄ أم لأن النظام الكهنوتي نظام راسخ ومستقر لا يسمح بوجود أي آلية لتبادل السلطة الكنسية ، فالكرسي يُفقد فقط عند صعود روح صاحب الكرسي إلى خالقها في ملكوت الرحمن ، وعليه فلا قبول بقيم تذهب إلى آلية تبادل السلطة ؟!
◄ ويسأل مواطن أخر : ألم يشهد تاريخ الوطن أن هناك من المسيحيين من لم يلتزموا بمثل هذه الإطارات الكهنوتية ، وحفل بهم تاريخ الحياة السياسية والبرلمانية منذ عام 1866 وحتى عام 2010 مثل النواب : جرجس برسوم ، والمعلم فرج عمدة دير مواس ، وويصا واصف رئيس مجلس النواب 1934 والذي أعيد انتخابه أكثر من مرة ، وسنيوت حنا عضو اللجنة التشريعية للحزب الوطني القديم عام 1913 وصاحب المقولة الشهيرة " الوطنية ديننا والاستقلال حياتنا " والبابا كيرلس الخامس عضو مجلس الشورى والذي أعلن أن الإنجليز يمثلون مكمن الخطر على أقباط مصر ، وفخري عبد النور المجاهد الوطني الذي واتته المنية وهو يقدم 3 استجوابات هامة وخطيرة تحت قبة البرلمان .. ووصولاً إلى منير فخري عبد النور سكرتير عام حزب الوفد السابق ووزير سابق في أكثر من حكومة ، والقمص بولس باسيلي أول وآخر كاهن يدخل البرلمان بالانتخاب الحر المباشر .. وعليه فحكاية التركيبة الجينية القبطية والامتثال الكهنوتي مجرد افتكاسات لا يمكن اعتمادها ، أليس كذلك ؟!
◄ ويبقى السؤال لماذا تشهد مواسم الانتخابات حالة من التودد والتعاطف وإطلاق الوعود من جانب الأحزاب لرموز الأقباط ومرشحيهم قبل/ ومع بداية تلك المواسم ، وبالتدريج ينصرف الجميع عنهم ، بعد اللعب بالورقة القبطية ، لينتهي المشهد بالعودة للمربع الأول ومحدودية الوجود البرلماني للأقباط ؟!
◄ لماذا تشهد ساحات الانتخابات منذ بداية الإعداد لتنظيم عملياتها ، وحتى ظهور النتائج حالة من تراجع الوعي الوطني مع حكاية التمثيل السياسي للأقباط من جانب كل التيارات السياسية ، بشكل لا يتناسب مع شعب له تاريخ برلماني عتيد وعظيم ؟!
◄ ويظل الأقباط يسألون : لماذا يتم تشريع قوانين خاصة للأقباط في غياب نسبي لممثلين لهم في البرلمان ، كقوانين الأحوال الشخصية ، وتنظيم بناء دور العبادة ، والتمييز الديني ... الخ ، حيث يرون أن لها خصوصية تتعلق بشأن قبطي خالص ؟!
إن قراءة منصفة في دفتر الوطن وملفات الممارسة النيابية ، تذهب بنا إلى حقيقة أنه كلما حصل الأقباط على حقوقهم تحقق للبلاد والعباد المزيد من الإنجازات الوطنية ..
وعليه  ، أسأل :  هل يعي المواطن المسيحي أن مفهوم المشاركة السياسية والمجتمعية لا يقتصر فقط على التفاعل مع صندوق الانتخابات ترشيحاً وتصويتاً ، وإنما يمتد ليشمل المشاركة في عضوية الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والسياسية والثقافية ؟!
 إلى المواطن المصري المسيحي رسالة : لابد من رفع سقف طموحاتك الإنسانية لصالح الوطن في الحصول على كل حقوق المواطنة الكاملة ، وفي المقابل المشاركة الوطنية والسياسية باعتبارك مواطناً مصرياً ، وليس من منطلق طائفي ضيق لمواطن يطلق مظلوميات وبكائيات لا مجال لها في وطن يعيش على أرضه أعظم شعب ..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter