طالب حسين بتطوير المناهج.. واصطدم بثوابت المؤسسة الأزهرية
علماء الأزهر يكفرون طه حسين ويرفعون ضده دعوى قضائية
كتب – محرر الأقباط متحدون
"ويل لطالب العلم إن رضي على نفسه"... مقولة شهيرة للدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، تصف حاله وشغفه بالبحث عن العلم، وكسر "تابوهات" التفكير المصري، الأمر الذي أدى في بعض الأوقات إلى أزمة فكرية في المجتمع –آنذاك- ومعارك فكرية عنيفة خاضها "حسين" كان أهمها معركته مع الأزهر وشيوخه والتي نرصد بعض ملامحها في التقرير التالي، بمناسبة ذكرى رحيله الثانية والأربعين في 28 أكتوبر من عام 1973..
علاقة وثيقة بالمؤسسة من التعليم للتطوير
علاقة عميد الأدب العربي بالمؤسسة الأزهرية نفسها، علاقة تنشئة وتعلم، بدأت عام 1902 حينما دخله للدراسة الدينية، والاستزادة من العلوم العربية، فحصل فيه ما تيسر من الثقافة، وحتى بعد انتسابه للجامعة المصرية، بعدها بستة سنوات، ظلت علاقته بالمؤسسة الأزهرية قائمة، حيث ظل يتردد خلال تلك الحقبة على حضور دروس الأزهر والمشاركة في ندواته اللغوية والدينية والإسلامية.
بالرغم من ذلك ضاق طه حسين، ذرعا بهذه المؤسسة وطريقة التدريس فيها، ووصف السنوات الأربع التي قضاها بها "كأنها أربعون عاماً وذلك بالنظر إلى رتابة الدراسة، وعقم المنهج، وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وطرق وأساليب التدريس".
بدايات الصدام مع المؤسسة الأزهرية
في عام 1914 نال الدكتور طه حسين شهادة الدكتوراه، حول أطروحة "في ذكرى أبي العلاء"، وهي التي كانت بدايات اصطدامه مع الأوساط الدينية، والقواعد الشعبية لهم، حيث اتهمه أحد أعضاء البرلمان –آنذاك- بالمروق والزندقة والخروج عن مبادئ الدين الحنيف –حسب موسوعة ويكيبيديا-.
يعود عميد الأدب العربي ليسبب صدمة أخرى لأساتذة الأزهر في كتابه "في الشعر الجاهلي"، والذي خلص فيه إلى أن الشعر الجاهلي منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين، وقد عمل فيه بمبادي الفيلسوف "ديكارت"، الأمر الذي وضعه في مواجهة مباشرة وحادة مع شيوخ الأزهر وأقاموا ضده دعوى قضائية، إلا أن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة للدين أو للقرآن. فعدل اسم كتابه إلى "في الأدب الجاهلي" وحذف منه المقاطع الأربعة التي أخذت عليه.
التصادم مع ثوابت التراث
صحة قصة وجود الشخصيتين الدينيتين إبراهيم وإسماعيل، كانت محورًا أخرًا لمعركة جديدة يخوضها عميد الأدب العربي، حيث قال إنه "للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يحدثنا عنهما ولكن هذا لا يكفي لصحة وجودهما التاريخي"، مشيرًا إلى أنه لا يوجد دليل على وجودهما فضلا عن زيارتهما الحجاز ورفعهم الكعبة سالكا بذلك المنهج الديكارتي في التشكيك.
كما هوجم أيضًا لمساندته عبد الحميد بخيت أمام الأزهر في فتوى جواز الإفطار في نهار رمضان لمن يجد أدنى مشقة، وتم اتهامه بـ"الكفر والإلحاد".
الجانب الأخر من الهجوم على العميد
على الرغم من كل المعارك السابقة، إلا أن الكاتب الكبير رجب البنا، يقول في مقال له منشور، بموقعه على شبكة الانترنت: "لا يزال بعض علماء الأزهر يرون أن طه حسين هاجم الأزهر هجوما قاسيا ، وأنه ردد أقوال المستشرقين الذين تعلم على أيديهم في الجامعة المصرية وفى فرنسا وكان صديقا لكثير منهم. والحقيقة أن موقف هؤلاء مجرد تأثر بأقوال مرسلة قديمة يتوارثها البعض عن أساتذتهم في بداية القرن العشرين كان طه حسين ينتقد طريقتهم العقيمة في التدريس".
وأكد "البنا" أن طه حسين لم يكن "على علاقة بالمستشرقين المنحازين ضد الإسلام والأزهر"، "وكان يشارك في مؤتمرات المستشرقين ليتحدث فيها عن القيم الحضارية فى الإسلام وفى اللغة العربية، إلا أنه من أبناء الأزهر، حفظ القرآن، ودرس علوم القرآن والحديث والفقه وعلوم اللغة، والدارس لشخصيته وكتاباته لا يخطئ إدراك عمق تأثره بدراساته الأزهرية حتى في أسلوبه اللغوي وطريقته في الحديث والإلقاء واختياره للألفاظ".