الاثنين ٢٦ اكتوبر ٢٠١٥ -
٤٦:
٠٨ ص +02:00 EET
بقلم منير بشاى
الاسماء لها دلالتها التى قد تكون محببة او مكروهة، مقبولة او مرفوضة. بعض هذه اسماء اطلقها الوالدون على اولادهم، والبعض الآخر اكتسبها الناس بحكم معاملاتهم فى المجتمع. بعض الاسماء مصدرها الاصحاب، والبعض الآخر مصدرها الاعداء. ولذلك فهناك اسماء ايجابية تصف الشخص لتمدحه واسماء سلبية قصد بها الاستهزاء والتحقير.
ظاهرة هجرة المصريين لخارج مصر ومن بينهم الاقباط جديدة وهى قد بدأت منذ حوالى نصف قرن تقريبا. ولذلك لم يستقر الوضع على تسمية مقبولة لهذا الفصيل من الناس. وكل واحد يستخدم الاسم الذى يراه مناسبا من وجهة نظره. ولكن اصحاب الشأن من حقهم ان يقبلوا الاسم او يرفضوه. تعالوا بنا نستعرض بعض الاسماء المستعملة، ونناقش دلالتها ومدى مشروعيتها.
أقباط المهجر
وهو الاسم الاكثر شيوعا. وكان السادات هو اول من استخدمه فى خطابه الشهير بعد زيارته للولايات المتحدة. كان السادات غاضبا من ما ادعاه بسؤ استقبال الاقباط له فى واشنطن وتردد القول انهم رموه بالبيض والطماطم. ولكن من شاركوا فى تلك المظاهرة قالوا ان من قام بهذا هم فلسطينيون اندسوا بين الاقباط وكانوا غاضبين من توقيعه لمعاهدة كامب دافيد التى اعتبروها بمثابة بيع للقضية الفلسطينية. شخصيا لا احبذ هذا الاسم لانه لا يعبر عن الحقيقة، وهو يفترض ان كل الاقباط فى الخارج مهاجرون. ولكن هناك اعداد كبيرة من الاقباط قد ولدوا فى تلك البلاد ولم يهاجروا اليها. وهناك من يقومون بالزيارة المؤقتة او بالدراسة لمدة محدودة وسيعودون الى مصر.
أبناؤنا فى الخارج
وهو اسم يستخدم من الذين فى الداخل وخاصة من كبار السن الذين يزيدون عادة عن سن الستين. والاسم يفترض ان من هم فى الخارج اصغر سنا وبذلك يظهرون على ان اقباط الخارج ابناء وهم فى منزلة الآباء. البعض يستخدم هذه بحسن نية والبعض الآخر ليفرض وصايته وسيطرته على هؤلاء المهاجرين. استخدم الاسم بشىء من المعقولية فى ستينات القرن الماضى حيث هاجر معظم المصريين وكان غالبيتهم فى الثلاثينات من عمرهم. ولكن بعد مرور خمسون عاما تحول بعض هؤلاء الى سن الثمانينات. ثم ان هؤلاء اتوا بوالديهم وهناك من هاجروا بعد ذلك فى مراحل متأخرة من عمرهم. وعلى ذلك ففى بلاد المهجر حاليا يوجد اناس من جميع الاعمار التى تجدها فى مصر. وعلى ذلك فالذين فى مصر ممن ما يزالوا يستخدمون اسم ابناؤنا على مصريوا الخارج يبدو كأنهم يحاولون التصغير منهم. ولكى يدركوا وقع استعمال الاسم عليهم ان يتصوروا واحدا من المصريين بالخارج يطلق على من يعيشون فى مصر اسم ابناؤنا فى مصر.
مزدوجو الجنسية
وهذا اسم آخر له وقع سلبى. الازدواجية كلمة تعنى تناقض الولاء. ومن هنا تعرض مصريوا الخارج للايحاءات البغيضة التى توصمهم بالخيانة، او على الاقل بانتقاص الوطنية. هذا مثل الرجل الذى تزوج وبعدها اصبحت امه تتهمه بانتقاص حبه واخلاصه لها. مع ان الانسان يستطيع ان يعدل فى مشاعره بين الام والزوجة بدون مشكلة. والمواطن يستطيع ان يجمع بين حبه لوطنه الاصلى وحبه لوطنه الجديد دون تناقض. وحتى اذا كانت هناك ظروفا خاصة توجد هذا التناقض مثل نشوب حرب بين دولة الهجرة والدولة الام فان قوانين الدول تعفى هذا المواطن من ان يشترك فى الحرب ضد وطنه الأم. ولذلك فشخصيا لا احب اصطلاح مزدوجى الجنسية وافضل اصطلاح ثنائيى الجنسية او عدم الاشارة للامر. ومن جهة اخلاص هؤلاء لوطنهم الاصلى فلا حاجة ان ابرهن على ذلك فلا اظن ان هناك من بين هؤلاء من ثبت ضلوعه فى خيانة لوطنه الام.
المصريون بالخارج
وهو اسم يشمل جميع المصريين مهما كانت ديانتهم. ومن اجل هذا هناك من يفضله على اى اسم آخر. والاسم يمتاز بانه يشمل المهاجرين والمسافرين للعمل او الدراسة ويشمل المقيمين بالخارج بصفة دائمة او مؤقتة.
الاقباط بالخارجوهو تخصيص من الاسم السابق. البعض يرفض هذا الاسم لاعتقادهم انه ينفى عن الاقباط صفة المصرية التى تجمعهم جميعا. انا شخصيا لا ارى عيبا فى هذا الاسم كما اننى لا ارفض الاسم السابق. مصريتى لا تلغى قبطيتى وقبطيتى لا تلغى مصريتى. هذا خاصة ان كلمة قبطى تعنى مصرى. كلمة قبطى عزيزة علينا فمن اجلها نضطهد وبسببها هاجر العدد الكبير منا. الغريب ان من يطالبوننا ان ننسى هويتنا القبطية هم من يتذكرونها لنا فى كل يوم واذا تناسيناها فهناك من لن ينساها لنا. يتذكرونها عندما نطالب ببناء كنيسة او نقدم طلبا للترقية الى وظيفة قيادية او تلفق لنا تهمة الازدراء بالدين او عندما تخطف بناتنا او تسلب اراضينا او نهجر من بيوتنا. وانا لا ارى ان كونى قبطيا فيه اى انتقاص من وطنيتى. القبطية ليست وصمة عار حتى استحى او اخجل منها.
القبطية هى صليبى وهى ايضا تاجى.
نخلص من هذا إلى ان الاسم الذى اعتقد انه يصف الاقباط الذين يعيشون بالخارج هو مصريو الخارج او اقباط الخارج وكلاهما يصف بصدق هذا الفصيل من شعب مصر الذى اضطرته ظروف الحياة ان يعيش خارجها. وطنى الجديد لا يطالبنى بالتخلى عن جذورى بل يشجعنى على التمسك بها لأن من لا جذر له لا ساق له. ووطنى الام لا يجب ان يطالبنى بالتخلص من جذورى لأنها هى اصلى، وهى أيضا أصله. ومن ينسى أصله يصبح إنسانا (معندوش أصل).