بقلم نسيم عبيد عوض
كتب أحد الأخوة القراء تعليقا طويلا على مقالى السابق – موسى كليم الله – وجاء تعليقه بسؤال لماذا موسى ؟‘ وبمعنى ما الهدف من المقال والجميع يعرف قصته ‘ والاجابة على هذا السؤال بمنتهى البساطة هو الرجوع الى ماكتبته فى أول المقال " كان موسى النبى العظيم ضمن تدبيرات الله للخلاص العتيد ان يكون فى ملء الزمان ‘ فعلى يديه تم الخروج من عبودية فرعون التى هي رمز لعبودية إبليس ‘ وعليه اسند الله له قيادة الشعب فى البرية ليدخل به لأرض كنعان الموعودة ‘ أرض تفيض لبنا وعسلا ‘ رمزا لملكوت الله المرتقب ‘ وهو الذى تنبأ لهم بالمسيا المنتظر ...الى آخره ..وعلى الرغم من القول بان الجميع قرأ التوراة ويعرف قصة موسى ألى انه عاد وسأل سؤال استنكارى وخطير " هل حقا كان هناك موسى ؟" وتبعه بالكثير من الاسئلة التى تنكر ماذكرته التوراة من أساسها عن أحداث الخروج وماتبعها من أحداث أى إنكار مارواه موسى النبى العظيم فى أسفاره الخمسة التى بدأت بسفر التكوين وإنتهت الى سفر التثنية ‘ حتى انه وصل الى القول ان ماذكرته ماهو إلا هلوسة سمعية وبصرية أقرها الطب النفسى ‘ حتى ان البعض سماه نبى الله ‘ والى آخر التعليق الذى ينكر كل شيئ ‘ وهذا يدخل فى موجة الشك والإنكار التى تسود العالم فى زماننا هذا ‘ والتى وصلت الى الإلحاد بكل كلمة الله التى أوردها فى الكتب المقدسة ‘ ودعونا نرد بقدر الإمكان على كل هذه التساؤلات ‘من واقع إيماننا المستقيم بأن الكتاب المقدس بعهدية القديم والجديد ماهو إلا كلمة الله.
كلمة الله
كلمة الله المسطرة فى الكتاب المقدس لا تقرأ مثل ماتقرأ فى أى كتاب آخر ‘فما سطره موسى النبى فى أسفاره الخمسة والمسماه بالتوراه ‘ هو وحي إلهى بمعنى الكلمة ‘ وبأبسط العبارات انه كتب عن بدأ الخليقة والسقوط ووعد الخلاص وتدبيرات الله الخلاصية ‘ وفى زمن لم يكن هو أصلا موجودا على قيد الحياة ‘ ولكن المهم قول الرب يسوع المسيح فى العهد الجديد عن ماكتبه موسى (( فإنى الحق أقول لكم : إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل.مت 5: 18" وهذا ينطبق على الكتاب المقدس كله ‘ ولكنه حدد ماكتبه موسى بالناموس ‘ وعندما كان الرب يسوع المسيح فى البرية بقوة الروح القدس يجرب من إبليس ‘ رد على الشيطان بما هو مكتوب وخص بالذكر ماورد فى سفر التثنية 8: 3" أنه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل ما يخرج من فم الرب يحيا الانسان ."‘ وأيضا ماورد فى نفس السفر تثنية 10: 20 "الرب إلهك تتقى وإياه تعبد وبه تلتصق وباسمه." والتى نطقها الرب " اذهب عنى ياشيطان لأنه مكتوب : للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد,"مت 4: 10" ‘ ونحن نؤمن بقول الرب " الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة." يو6: 63‘ وبإيمان القديس بطرس الرسول " يارب الى من نذهب وكلام الحياة الابدية عندك."يو6: 68. وقول الرب لبنى إسرائيل " فتشوا الكتب لأنكم تظنون ان لكم فيها حياة أبدية وهى التى تشهد لى." يو5: 39 ‘ وأيضا قوله الكريم " السماء والارض تزولان ولكن كلامى لا يزول." مر 13: 31.
وحي الله لإنبيائه
كيف نقول ان الكتاب المقدس هو كلمة الله ؟‘ أو بمعنى أصح موحى به من الله ‘ وكيفية كتابة الانبياء والرسل الكتاب المقدس ووصل الينا بالصورة التى بين أيدينا ‘ وماهو دور النبى أو الرسول الذى أوحي اليه بالروح القدس ليكتب ‘ ويأتينا الرد على كل هذه التساؤلات من الكتاب المقدس نفسه ‘ ورد الآباء القديسين عن هذه التساؤلات:
1- قول القديس بولس الرسول للعبرانيين " الله بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما ‘ بأنواع وطرق كثيرة ‘ كلمنا فى هذه الايام الأخيرة فى ابنه." عب 1: 1و2.
2- " كل الكتاب موحى به من الله .ونافع للتعليم والتوبيخ وللتقويم والتأديب. الذى فى البر ليكون انسان الله كاملا متأهبا لكل عمل صالح." 2تيمو 3: 16 و17.
3- تأكيد القديس بطرس الرسول" عالمين هذا أولا ان كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص .لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس." 2بط1: 20 و21.
اذا الكتاب المقدس كله بالكلمة والحرف والنقطة هو موحي به من الروح القدس ‘ ومن محبة الله للبشر ولغتهم البشرية ترك للكاتب نبيا كان أو رسولا ان يكتب مايوحى به اليه حسب شخصيته وثقافته وتعليمه ومهارته وموهبته ‘ وأولا وأخيرا بإرشاد روح الله القدوس ‘ ولأنه ليس كباقى الكتب البشرية يحتاج من القارئ فهما روحيا قبل الفهم العقلى ‘ بمعنى طلب أرشاد روح الله للقارئ وفتح ذهنه لفهم الكلمة المكتوبة لأن لغة البشر مهما كانت تعجز عن التعبير عن لاهوت الله إلا بمعونة ونعمة إلهية.
لماذا موسى ؟
إنكار حقيقة وجود موسى النبى العظيم ‘ وإنكار كل حوادث الخروج ‘ وعدم التصديق بأنه كلمه الله ‘ يدخل تحت بند إنكار كلمة الله ‘ وهذا لا يجعلنا نرد ‘ ولكن ردنا فقط على من يقبل وبذهن متفنح ماأوحاه الله لأنبياءه بما هو مكتوب ‘ ونحن نؤمن بكل ماذكر فى الكتاب المقدس ‘ تحت إرشاد الروح القدس وبطلب المعونة ‘ وبإرشاد الآباء والقديسين الذين فسروا لنا بإرشاد الروح القدس ما هو مكتوب‘ ولذلك فشخصية موسى وكل أحداث الخروج حقيقية ‘ ولعل أقوال الرب يسوع المسيح الذى أتى فى ملء الزمان مايؤكد ذلك:
1- ماورد فى انجيل القديس لوقا أصحاح 16 عن ماقاله الرب يسوع عن الغنى ولعازر الفقير ‘ وسؤال الغنى لأبونا ابراهيم ان يرسل لعازر لأخوته الخمسة يحذرهم من الخطية حتى لا يأتوا الى موضع العذاب الذى هو فيه ‘ قال له إبراهيم: عندهم موسى والأتبياء ليسمعوا منهم‘ وقال له أيضا" إن كانوا لا يسمعون من موسى والأنبياء ولا إن قام واحد من الأموات يصدقون." لو16: 25-31
2- قول الرب يسوع لليهود ليؤكد لهم معجزة الله بأرسال المن للشعب فى البرية وإطعامه إياهم 40 سنة ‘ وأيضا بوجود موسى النبى قوله " الحق الحق أقول لكم : ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء ‘ بل أبى يعطيكم الخبز الحقيقى من السماء." يو6: 32.
3- قال الرب يسوع لليهود " لا تظنوا أنى أشكوكم إلى الآب . يوجد الذى يشكوكم وهو موسى‘ الذى عليه رجاؤكم. لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقوننى ‘ لأنه هو كتب عنى. فإن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك فكيف تصدقون كلامى," يو5: 45-47.
4- فى حادثة التجلى المذكورة فى اناجيل الكتاب المقدس ‘ رأى بطرس ويعقوب ويوحنا شخص موسى النبى على جبل التجلى وكقول الكتاب "وظهر لهم إيليا مع موسى ‘ وكانا يتكلمان مع يسوع. فجعل بطرس يقول ليسوع" ياسيدى جيد أن نكون ههنا .فلنصنع ثلاث مظال: لك واحده ولموسى واحدة ولإيليا واحدة." مر9: 4و5.
وبالكتاب المقدس الكثير عن شخص موسى ‘ من أقوال الشهيد استفانوس فى سفر أعمال الرسل ‘ ومن كتابة القديس بولس الرسول عن موسى وبالتفصيل عن حياته فى سفر العبرانيين اصحاح الإيمان 11‘ ولكن نكتفى بما كتب على سبيل المثال وليس الحصر.
وللأخ القارئ أقول هذا هو كلام الله وكتابه المقدس ‘ إن شئت آمنت به أو أتركك لتعرف الحقيقة يوما ما ‘لأن كلمة الله راسخة وثابته ليس فيها تغيير ومنذ آلاف السنيين باقية مابقينا فى الحياة الحاضرة وحتى فى الأبدية كقول الرب" وهذه هى الحياة الأبدية : أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته,"يو17: 3. وللمؤمن نقول أمين.