الأقباط متحدون | طربوش فارس الخوري
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٣٧ | الأحد ١٨ اكتوبر ٢٠١٥ | ٨ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧١٧ السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

طربوش فارس الخوري

الأحد ١٨ اكتوبر ٢٠١٥ - ٥٧: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : زهير دعيم 

تمطّى صديقي في كنبته بُعيْدَ عودته من رحلة قصيرة إلى عمّان، العاصمة الاردنية، تمطّى ضاحكًا وقال : لقد اكتشفت يا صديقي انّ للسُمنة ضريبة ما عرفتها من قبل ، فقد عرفت ضريبة ضغط الدم المُرتفع والدّهنيات و...و... أمّا انّ هناك ضريبة البنطلون فما عرفتها الا في الايام الاخيرة –ربما كانت وانا ما جرّبتها- ...نعم عرفتها وتعرّفت عليها في عَمّان. فقد بحثتُ طويلاً في حوانيت العاصمة الاردنية حتّى اهتديت الى بنطال يلائم مقاسي ، وفوجئت حين طلب البائع سعرًا أعلى بكثير من سعر البنطلون العادي ، مُتذرّعاً بأنني لن أجد هذا المقاس في كلّ حانوت ، فاضطررت لشرائه .
غرقت في الضحك وقلت لصاحبي : "كان عليك ان تفعلَ كما فعل فارس الخوري قبل عشرات السنين .
- من هو فارس خوري هذا وماذا فعل؟

فارس خوري يا صاحِ أشهر من نار على علم ، أنه رجل قانون وأدب وسياسة سوري تولّى رئاسة الحكومة السورية من سنة 1945- 1954 وابنته الكاتبة المُبدعة كوليت خوري ، كان رحمه الله رأساُ كبيراً في كلّ شيء!!

كان رأسًا كبيرًا في الحجم وفي السياسة وفي الادب وفي الحقوق...اهترأ طربوشه او كاد ، فارتأى ان يشتريَ طربوشًا اخر َجديدًا ، فبحث في دمشق وفي كل حوانيت سوق الحميدية لعله يجد طربوشًا بمقاس رأسه إلى أن اهتدى أخيرًا الى ضالّته المنشودة لدى احدهم ، فحدثت مساومة جميلة بينه وبين البائع ، فقد طلب هذا سعرًا عاليًا قائلاً : " انصحُكَ بشرائه بالثمن الي اطلبُ ، فلن تجدَ في السّوق كلّه طربوشًا بهذا الحجم.
فرد الخوري ببسمته الحنطية المعهودة : " بل نصيحتي لكَ ان تعطيه بالثمن الذي اعرضُ ، فانك لن تجد في سورية كلّها رأسًا بهذا الحجم !!".
غريب امر هذه الايام ، فالكل يريد ان ينتهز الفرصة وان ينقضّ على "فريسته" دون ان يفكّر في طينة هذه الفرصة، وما مدى حلالها، ومن هي الضحية ، فيُخيّل اليك ان ميكيافيلي الجديد يتربّص بكَ في كل ركن وفي كل زاوية ، تارةً في الحانوت واخرى في المصرف ، وطورًا في المدرسة والمكتبة والكلّية والشارع ، وعن طريق الهاتف ، الذي يُزعجك خمسًا في اليوم الواحد وعلى الطرف الآخر ، صوت أنثوي ولا أحلى، يُخبركَ بأنك فُزْتَ-هكذا-بالقُرعة برحلة الى اسبانيا ، او انك مدعو ٌللانضمام إلى عائلة تأمين الحياة وتأمين الدراسة الجامعية لاولادكَ.
الكلّ يريدُ ان ينتهز الفرصة ، وان يربح بأهون السُّبل وبالطريقة الأمريكية ...بطريقة أنت الساذج تدفع ونحن نتدبّر،انت تدفعُ ونحن نتظلّل افياء النعيم ، وبعدنا الطوفان !!
لقد بات الأمر مُزعجًا ، ويدعو الى اليقَظة والانتباه والحيْطة، ويُحتّم علينا ان نصحوَ ونتيقظَ خاصةً في هذا الظرف الاقتصاديّ العصيب نوعًا ، والذي يُشجّع على أعمال الاحتيال والنصب والربح السريع، البعيد عن بذل الجُهد ، كما ويُشجّع على الركون الى مُخصصات البطالة ، تاركين النشاط والمُثابرة جانبًا ، ملتجئينَ الى الذّل نشربه بإرادتنا من كأس التأمين الوطني!.
انّ في العمل حياة وحياة وكرامة، وفي الكسل مهانة ما بعدها مهانة ، وفيها ايضًا جريٌ حثيث ٌ خلف أساليب ملتوية يمقتها الله والحِسّ وينهى عنها الضمير الحيّ ...وقديماً قالوا التدبير نصف المعيشة، وامّا اليوم فنقول ان اليقظة اكثر من نصف المعيشة!!.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :