الأقباط متحدون - مولد سيدى برلمان!
أخر تحديث ٢٢:١٥ | الأحد ١٨ اكتوبر ٢٠١٥ | ٨ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧١٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

مولد سيدى برلمان!

بقلم منير بشاى
    كشخص يعيش فى بلاد الكفار منذ ما يقرب من نصف قرن يبدو اننى نسيت ما يحدث فى بلاد التقوى والايمان.  تعودنا هنا على ان كل شىء منظم مدروس ومحسوب.  ومعروف الموضوع الاساسى وكيف سيتم وما هو دور كل واحد فى التنفيذ بدءا برئيس الجمهورية وانتهاء الى اصغر موظف.   ومعروف ايضا دور المواطن وكيف سيتم تعريفه بدوره فى وضوح ودون لبس.  وعندما يذهب المواطن لاداء واجبه يجد نفسه جزءا من منظومة لا يريد الخروج عنها ولا يستطيع اذا اراد.

    ولكن يبدو ان جزءا هاما من خاصية بلاد التقوى والايمان ان الامور عندهم تسير بالبركة.  وان اليد اليمنى لا تعرف ما تعمله اليد اليسرى، بل ولا تعرف حتى اين توجد، وربما لا تعرف اصلا ان هناك يدا يسرى تقوم باشياء يمكن ان تناقض او تلغى ما تفعله اليد اليمنى.
    اكتب هذا المقال قبل يومين من بدء المرحلة الاولى للانتخابات فى الخارج..  وكشخص مهموم بمشكلات الوطن ظن البعض اننى على علم ببواطن الامور فتلقيت وابلا من الاستفسارات من كثيرين فى مدينة لوس انجلوس.  وهم يريدون ان يعرفوا منى كيف يؤدون واجبهم الانتخابى. اسئلة كثيرة تبدأ ب متى واين وكيف ولماذا الى آخر ادوات الاستفهام.  اسئلة انا شخصيا لم اكن اعرف الاجابة عليها، وعندما عملت اتصالاتى لم اجد كثيرين عندهم الاجابة الكافية لكل التساؤلات.

     وتاكدت اننى رجعت الى مصر بعقلى مع اننى ما ازال بعيدا بجسدى بحوالى ثمانية آلاف ميل واكثر من 15 ساعة طيران.  والاعجاز ان يتم هذا دون ان اتحرك من مكانى خطوة واحدة.  فلمن وحشتهم مصر ممن يعيشون فى بلاد العم سام هذه فرصة نادرة ان يعودوا لمصر دون ان يتكبدوا مشاق السفر او يتكلفوا من المصاريف سنتا واحدا او مليما (حسب فارق العملة).

    بعد بحث مضنى اكتشفت ان انتخابات المصريين فى الخارج هى شكل دون مضمون.  لقد اعطى لنا حق الانتخاب فى البرلمان، وانتهى الامر عند هذا.  اى انه حق مع وقف التنفيذ.

    الاساس فى البرلمان انك تنتخب من يمثلك من الذين يعيشون فى نفس ظروفك ليكون صوتك فى القضايا التى تهمك.  طبعا بالاضافة الى ذلك هناك واجبات عامة لعضو البرلمان وهى الرقابة على الدولة وصياغة القوانين.  ولكن هذا الشق الثانى يمكن ان يقوم به اى نائب.  ولكن النائب الذى يمثلنا يجب ان يكون واحدا منا ووظيفته الاساسية ان يرعى مصالحنا.  بدون هذا فنحن مواطنون غير ممثلون ومصالحنا لا يوجد من يثيرها على ارض الوطن.
    تعالوا لنرى كيف سينتخب المقيمون فى الخارج فى انتخابات البرلمان القادم؟
    اولا: يجب ان تذهب لمقر السفارة او القنصلية لاداء واجب الانتخاب. 

معنى هذا انك ان اردت الانتخاب يجب ان تسافر (او تطير) آلاف الاميال من مكان اقامتك الى مكان الانتخاب وتتحمل تكاليف تذاكر الطيران والاقامة بالفنادق والاكل والمواصلات والوقت الضائع من عملك.  وكلنا نعرف ان هناك طرقا حديثة كان يمكن اتباعها لتسهيل الامر مثل الانتخاب بالبريد الالكترونى او البريد العادى او عن طريق الهاتف او الفاكس او غير ذلك من تقنيات.
    ثانيا:  عندما تصل للسفارة سيعاملوك كشخص ما يزال يعيش فى مصر.  سيسألوك عن محل اقامتك فى مصر ويطلبوا منك البطاقة التى تثبت ذلك.  بعض الذين استخرجوا بطاقات رقم قومى كتبوا محل اقامتهم الحقيقى بالخارج، هؤلاء لن يستطيعوا الانتخاب فى مجلس النواب.  البعض الآخر كتبوا محل اقامتهم بمصر الذى تركوه من عشرات السنوات. هذا هو العنوان الذى على اساسه يمكن ان تنتخب حتى لو كان لا وجود له فى عالم الواقع.  يعنى هى لعبة نسلى نفسنا بها اسمها انتخابات المصريين بالخارج. الكل فاهمين اللعبة والكل يلعب.

ثالثا: بناء على الدائرة التابع لها محل السكن المثبت فى بطاقتك  سيتحدد المرحلة الانتخابية الخاصة بك سواء  كانت الاولى او الثانية.
رابعا: تذهب للسفارة فى موعدك فيعطى لك القوائم التى تتعلق بعنوانك فى مصر لتصوت على واحدة منها، وكذلك الاسماء الفردية لتصوت على العدد الذى يجب ان تنتخبه.  لا يجب ان تصوت على اقل او اكثر من هذا العدد والا بطل صوتك.

خامسا: اذا حدثت اعادة بين المرشحين الذين غالبا لا تعرف احدا منهم يتحتم عليك العودة الى السفارة او القنصلية لاعادة كل الخطوات السابقة من جديد.
     هذا الكلام الذى سبق ذكرته لا يعرف تفاصيله معظم الناخبين فى الخارج. واذا وجد من له بعض الدراية به لا يسعه الا التساؤل عن جدوى الموضوع كله.  ما فائدة الانتخاب له ولجاليته وللمصريين فى الخارج بل وما فائدته لمصر بصفة عامة ؟
    كل من سمعته يتكلم عن مجلس النواب الجديد يقول انه يشك فى انتخاب مجلس جاد يستطيع ان يقوم بالاعباء الجسيمة التى ستلقى على عاتقه.  معظم المحللين يعتقدون ان هذا المجلس لن يكتب له الاستمرار والنجاح.  وان حالة الفوضى التى رأيناها قد بدأت ستتزايد الى ان تشل حركة المجلس وفى النهاية ستصيبه فى مقتل قبل ان يكمل عمره الافتراضى.  البوادر توحى اننا بصدد انتخاب مجلس يطغى عليه ذوى الجلاليب البيضاء الذين سيحاولوا تشريع زواج الطفلة وتحطيم اثارنا القديمة ودفع المسيحيين للجزية. سنراهم يحاولون ان ينقلونا الى القرن السابع بدلا من ان ياخذونا لنلحق

بقطار القرن الواحد والعشرين الذى مر بنا وتركنا خلفه؟
    الغريب ان حالة الفوضى التى نشاهدها تبدو لى انها فوضى منظمة بمعنى انها معروفة ومسكوت عليها من اولى الامر، ربما ذلك عن قصد وتخطيط.  لماذا؟ الله اعلم.  فأنا لا اتصور ان المولد اذا ترك يسير بدون صاحب يمكن ان يكون اكثر فوضى مما نراه الآن.  ترى هل هذه مشاعر احس بها انا وحدى وسببها اننى نسيت انها امور عادية جدا تحدث يوميا فى مصر؟


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter