الأقباط متحدون - ننتخب مين؟
أخر تحديث ٠٤:٠٦ | الأحد ١٨ اكتوبر ٢٠١٥ | ٨ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧١٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

ننتخب مين؟

بقلم - محمود بسيونى
يطاردك السؤال ، لم يتوقف رنين الهاتف او السؤال في عربات المترو او الجيران في العمارة ، الناس تتسأل ببساطة " احنا عايزين نشارك بس ننتخب مين ؟ احنا خايفين ننتخب الاخوان تانى ، وعايزين ناس محترمة وبتفهم تمثلنا في البرلمان؟
 بصراحة شديدة ، اعلامنا ونخبتنا قصروا في حق الشعب ، وانشغلنا جميعا بالاخبار التافهة عن محاولة توضيح الموقف للناس وكيف يمكنهم الاختيار في الانتخابات ، بل أزعم انهم لا يعرفون دور وأهمية البرلمان ، فأخر برلمان استكمل مدته كان موجودا عام ٢٠٠٩ ونحن الان في عام ٢٠١٥ ، وخلال اعوام الفوضى ظهر برلمان الاخوان والسلفين وتابعنا أبشع تجربة برلمانية شهدتها مصر منذ اول برلمان عام 1866 ، فلقد كان لدينا نواب ترفض الوقوف للسلام الجمهورى وتمتنع عن نطق قسم عضوية المجلس او تحرف فيه بكلمة ما يتفق مع الشريعة الاسلامية ، وراينا قوانين ومناقشات ما انزل الله بها من سلطان سواء من جانب الاعضاء او رئيس المجلس ولاول مرة نرى عضو يقوم بالاذان خلال الجلسة ثم خناقة حول شرعية ذلك بينه وبين رئيس المجلس الاخوانى  والاخوان حول شرعية ثم وصلة الفضائح من اول انف البلكيمى الى الفعل الفاضح علي الطريق الزراعي مع نائب حزب النور علي ونيس

.التأكيد لم يجيب الاعلام عن اسئلة الشارع ، و أهتم بالمناظرات وصراع الديوك الانتخابي ثم تبنى قضايا تشكك في البرلمان وجدية الانتخابات الي ان توحد مع هدف الاخوان مختارا او مجبرا وهو صناعة صورة عدم المشاركة وضعف الاقبال وبالتالى نجاح حملة المقاطعة .

لم ينتبه احد للاشارة الي وجود كل تيارات السياسة المصرية في حلبة المنافسة لأول مرة، لدينا نخبة ما قبل ٢٥ يناير ممثلة في مرشحى الحزب الوطنى وهم معرفون في دوائرهم ، ونخبة ٢٥ يناير وهم موجودون وينافسون في اكثر من دائرة وقائمة انتخابية ثم ممثلي تيار الاسلام السياسى ممثلة في مرشحى الاخوان والوسط ومنشقي الاخوان والمتعاطفين مع الاخوان واخوانى الهوى وينافسون علي مقاعد القائمة والفردي ، ثم نخبة ٣٠ يونيو ومن بينهم من أعلن بوضوح انتمائه لمشروع الرئيس عبد الفتاح السيسى ، كما تضمنت القوائم النسب المقررة دستوريا للمرأه والاقباط والشباب وهو ما يعنى تمثيل لكامل شرائح المجتمع .

للاسف هذه الفكرة غابت عن نقاشات وأحاديث الفضائيات او مواقع الانترنت الاكثر تأثيرا في الوعى الجمعي ، واصبح البرلمان القادم صاحب ال٥٩٧ نائبا مجهولا بالنسبة لغالبية الشعب المصرى ، فلا حزب اغلبية مثل ايام الحزب الوطني ولا قوة سياسية معارضة قوية مثل حزب الوفد او التجمع او الناصرى ، ودليل حي علي ضعف اعلام كل الاحزاب المصرية التي فشلت في اقناع الناس ببرامجها والا ما كان قد تسائل " ننتخب مين ؟"
تقصير اخر لدي الاحزاب و المرشحين الذين ركزوا علي لعبة الانتخابات التقليدية والحشد وتناسوا مخاطبة الناس بافكارهم وبرامجهم ، فنحن نحتاج الى صناعة فكرة البرلمان واهميته ودورة لدى وعي احيال استسهلت فكرة الثورة والتخريب دون اعتبار لوضع البلاد او فهم لفكرة الدولة وضرورة وجودها وتقويتها في ظل التدمير الحاصل فى المنطقة بأكملها والذي نجت منه مصر بأعجوبة .

اعتقد ان الاختيار يجب ان ينطلق من قاعدة المقارنة بين المرشحين وقراءه كل ما يصدر عنهم من تصريحات ، الانتخابات هي امتحان للمواطن واختيار حر لا يحب التوجية فيه ، وحسنا فعلت حينما نأت اجهزة الدولة والرئيس عن دعم مرشحين أو قوائم بعينها بشكل مباشر كما كان يحدث في زمن الحزب الوطنى ، والاوفق ان يخضع اختيار لعده اعتبارات، الاول  ان البرلمان القادم لدية صلاحيات واسعة تتجاوز صلاحيات الرئيس وبالتالى البرلمان المعارض بالكامل يدخل البلاد في ازمة سياسية لا حد لها ، واستبعد فكرة الحل لانها ستفقد خارطة الطريق جدواها ، ثانيا خسارة مالية فادحة اذا علمنا ان الانتخابات الحالية ستكلف الخزانة العامة التى تعانى في الاساس اكثر من مليار جنية ، الثانى برلمان تتساوى فيه الاوزان النسبية لكافة التيارات ، التوافق بينهم خاضع لتبادل المصالح ، الثالث هيمنة التيار المؤيد للدولة علي البرلمان وهو امر مفيد للرئيس ويسهل حركته ، لكنه لا يصنع معارضة قوية .

اما اختيار الشخصية سواء المؤيد او المعارض يجب ان يخضع لقدرته وخبرته السياسية ليكون مؤهلا للتعامل مع الادوات البرلمانية .

الاختيار في يدك ، انت من تصنع مستقبلك ، احرص وتحلي بفضيلة التحليل ، ذاكر المرشحين ولا تلفت لدعايته الزاعقة ولا تستحيب للحشد دون فهم اسبابة ولا تتعصب لمرشح بعينة ، يجب ان تأخذ قرار الاختيار بعد دراسة للشخصية وللمواقف ، وابعد عن حزب النور ، ومرشحى الوسط والتوافقيين والمتعاطفين مع الجماعة الارهابية ، خسارة البرلمان القادم فادحة ، ولن تتمكن الدولة من النزول للتصحيح كما حدث في ٣٠ يونيو ، التجربة لم تعد قابلة للتكرار.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter