الأقباط متحدون - نصر أكتوبر ووحدة وطن
أخر تحديث ١٣:٥٧ | الأحد ١٨ اكتوبر ٢٠١٥ | ٨ بابه ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧١٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

نصر أكتوبر ووحدة وطن

نصر أكتوبر
نصر أكتوبر

كتب : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
أرى أن الاحتفال بالسادس من أكتوبر هذا العام ، قد حل علينا و المواطن المصري تنتابه لأول مرة خليط من المشاعر المتباينة بداية بمشاعر السعادة بتذكر يوم من أيام مصر المجيدة الذي شارك فيه باعتباره مواطن مصري لم يتقاعس يوماً عن تلبية نداء الوطن ،وبالطبع  لم يكن من الوارد مطلقًا على أرض المعركة أن يتساءل أى منا عن الهوية الدينية للأخر، وهكذا دائماً حال شعبنا العظيم عند الشدائد يُسطر للوطن أبدع ملاحم الحب والعطاء والفداء بكل مواطنيه كتفاً بكتف  ..

أيضاً كان احتفالنا بالسادس من أكتوبر بعد ثورة 30 يونيو 2013 الذي حقق بها شعبنا العظيم نصراً لا يقل في قيمته وعبقريته عن الانتصار الاكتوبري العظيم بإسقاط نظام حكم جماعة التخلف الإنساني والحضاري التي وصلت للقصر الرئاسي بحفنة لها تاريخ دموي ، ولعلي لا أكون مبالغاً عندما قاربت قيمة تلك الثورة بانتصار أكتوبر الذي حرر سيناء ، لأنه وببساطة ، ولولا تلك الثورة لاكتملت أركان جريمة ضياع سيناء وما حققه انتصار أكتوبر عبرمؤامرة شرع فعلاً الإخوان في نسج خيوطها ، ويكفي ذلك المشهد المؤلم الذي احتفلت فيه جماعة الخيانة الحاكمة بمناسبة السادس من أكتوبر بحضور رئيس مصر اخواني وسط أهله وعشيرته ، وحوله على المنصة قتلة الرئيس أنور السادات ومجموعة من السفاحين أصحاب التاريخ البشع في ارتكاب معظم العمليات الإرهابية ، والأبشع أن يتحدثوا بكل ما هو رذيل وقميئ في الاحتفاء بذكرى ذلك الحدث العبقري في تاريخ أمتنا ..

نعم ، احتفل الشعب المصري بأعياد أكتوبر والمسيحي في القلب منه وهو سعيد بإزاحة غمة الحكم الإخواني ، وأكاد أجزم أن أقباط مصر قد خرجوا جميعاً يوم 30 يونية وبدون استثناء وبغير توجيه من أحد داخلي أو خارجي ..خرجوا إلى ميادين الحرية ، لأنهم أدركوا بعد عام من الإحباط والأيام السوداء مايمكن أن يعانوه لو واصل هؤلاء حكم البلاد ، ولذلك قبلوا التحدي ودفعوا الثمن الأعظم من قدر فاتورة تلك الثورة .. كنائس وأديرة وجمعيات وبيوت ومتاجر وورش مسيحية تُهدم وتُحرق ويسوى بعضها بالأرض .. قتل وإصابة وسحل وتهجير قسري للأقباط ، ويقف البابا تواضروس ليعلن أن كنائس مصر وأديرتها نفدي بها وطن من شر فتنة كبرى خطط لها أمراء كراهية الوطن وأشاوس صناعة التطييف عبر تاريخهم البشع ، هم ومن لف لفهم ..

ولكن ــ للأسف ــ الحكومة و الرئاسة يدللون حزب النور بشكل خاص والأحزاب الدينية بشكل عام ، ويعربون عن قلقهم لو غضب رئيسهم أو ممثلهم وخرج من لعبة السياسة .. والمواطن المصري الذي شارك في ثورة 30 يونيو يرقب ما يحدث بدهشة غريبة ، بداية من دعوة الحزب للمشاركة أصلاً في خارطة المستقبل ، رغم عدم مشاركتهم في ثورة يونيو ، ورغم أن البعض منهم كانوا يمثلون الفزاعة التي يراهن بها مرسي وجماعته عبر إطلاق فتاويهم الكارهة للتراث والإبداع والديمقراطية والأقباط  .. يدللونهم وهم من شاركوا الإخوان على منصات رابعة والنهضة ، وتم القبض على البعض منهم وهم الأن في انتظار المحاكمة .. يدللونهم ، وهم من أعلنوا ببكاسة غير معقولة أنهم من ضحكوا على الأقباط والأزهر واللي بيسموا نفسهم ليبراليين وعلمانيين عند وضع دستور 2012 كما جاء على لسان ياسر البرهامي نائب رئيس الدعوة السلفية .. يدللونهم ومصر الثورة يفترض اتفاق ثوارها أنه لا أحزاب بمرجعية دينية إخوانية أو سلفية أو مسيحية ، فلماذا نقبلهم ونحن لم نبرأ بعد من كارثة "الحرية والعدالة" ؟!!

كان نفسي يقرر المجتمعون بلجنة وضع الدستور بالاتفاق مع الحكومة والرئاسة أن نستلهم درس حرب أكتوبر الأهم ، عندما خرج عبد الناصر معترفاً بمسئوليته عن الهزيمة أولاً ، وعندما قررت الجماهير عودته قررالزعيم في خطوة ثانية بناء الجيش المصري على أساس قواعد علمية وعصرية جديدة ، فتحقق لنا جيش عصري ترتيبه الرابع عشر على مستوى العالم..

نعم كنت أتخيل أن نعمل بعد ثورة وفق نظرية " انسف حمامك القديم " .. قرار بإلغاء الأحزاب جديدها وقديمها ، ماهي دينية وماهي تدعي الليبرالية والفسكونية الفنكوشية ، ويجلس الجميع على طاولة عصرية ، ليتشاركوا بوطنية في وضع ملامح عناصر تشكيل أحزاب جديدة .. لا لعمم بيضاء أو سوداء في محافل العمل السياسي .. لا لوجود الكنيسة والأزهر في لجان سياسية .. وضع قانون جديد فعال لإنشاء الجمعيات الأهلية ..

أعود لحرب أكتوبر ، وأذكر بالمشاركة الإيجابية الهائلة من جانب أقباط مصر .. فكرة تدمير خط بارليف جاءت من اللواء القبطى المهندس باقى زكى الذى اخترع مدفع مائى شديد القوة استخدمته القوات المسلحة سلاح المهندسين ،وكانت فكرة اكثر من ممتازة  فى تحطيم هذا الخط الخيالى الذى افتى الخبراء  الروس باحتياجة لقنبلة نووية لتدميره !!

إن الدولة الحديثة هى دولة المواطنة والمواطنين، وليست دولة الطوائف أو الطائفيين، وليست دولة الأديان. لذلك حينما قام "محمد على" بتأسيس الدولة الحديثة بـ"مصر" لم يهتم من أى طائفة أو ديانة يختار أعوانه ، فكان منهم اليوناني والشركسي والفرنسي والقبطي والمسلم. واستمر تعزيز هذه الفكرة مع الدولة الحديثة أيام الخديوى "إسماعيل"، حتى أن أول رئيس وزراء فى "مصر" كان "نوبار باشا" وهو مسيحي..

 يحكي الدكتور "مكارى أرمانيوس"- الكاتب المعروف عن وجود العديد من الأبطال الأقباط فى حرب أكتوبر، موضحًا أنه قام بالكتابة عن (40) شخصية منهم تولوا مناصب حساسه جدًا ودقيقة فى الجيش المصرى آنذاك، منهم على سبيل المثال وليس الحصر: الفريق "فؤاد عزيز غالى"، الذى كان قائدًا للجيش الثانى، وقد تم محاصرته ولم يستسلم محتملًا بكل شجاعة إلى أن تم التحرير، وقد كرَّمته الدولة وتم تعيينه فيما بعد محافظًا لـ"جنوب سيناء" فى عام 1981، واللواء أركان حرب طيار "جورج ماضى عبده" الذى وصل إلى منصب رئيس أركان الدفاع الجوى، والشهيد اللواء أركان حرب "شفيق مترى سيدراك" الذى استشهد فى الدفاع عن "الدفرسوار"، وكان أول من استشهد فيها، واللواء طيار مقاتل أركان حرب "مدحت لبيب صادق"، واللواء طيار مقاتل أركان حرب "نبيل عزت كامل"... إنها دروس في " المواطنة " علمتنا إياها حرب أكتوبر المجيدة ..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter