بقلم: جرجس وهيب
توقعت خلال مقال سابق، وبعد مرور أربع حلقات فقط من مسلسل الجماعة الذى تم عرضه خلال شهر رمضان الماضى، أن يأتى المسلسل بنتائج ايجابية لصالح جماعة الإخوان المحظورة. وأرجعت ذلك لعرض المسلسل الكثير من أعمال الشيخ "حسن البنا" التى يراها الكثير من الإخوة المسليمن من الصفات الطيبة، مثل حرص الشيخ "حسن البنا"- مؤسس الجماعة- على نشر مبادىء الفضيلة منذ سنوات عمره الأولى من خلال إقامة جمعية الأخلاق الحميدة، وجمع الأموال من أجل شراء حصر للمساجد واقامة شعائر الصلاة، حتى لو على حساب اليوم الدراسى. وهى بالطبع أفكار سيشجعها الكثير من المصريين، وخاصة بين الشباب صغير السن، بل سيقتدى عدد كبير من الشباب بهذه المبادىء والأفكار.
 
بالإضافة إلى  انتشار الرشوة والمحسوبية والفساد فى المجتمع المصري، وحرمان أعداد كبيرة من الشباب-  وخاصة أولاد الأسر البسيطة والمتوسطة- من الوصوال إلى مراكز أو وظائف مرموقة فى المجتمع مثل النيابة والشرطة والسلك الدبلوماسى؛ مما أدى إلى حالة من الضجر والكراهية للواقع الحالى، والبحث عن بديل جديد.
 
 لذلك فجاء مسلسل الجماعة ليطرح البديل. فما بالنا إن كان هذا البديل يطالب بتطبيق شرع الله، والشرعية الإسلامية، والقضاء على الفساد، وإحياء الدولة الإسلامية؟!! فبالتالى سيكون هناك ارتياح لمن سوف يخلصهم من القهر والظلم. فكان توقيت المسلسل غير مناسب. فقد قصدت الدولة تعرية الجماعة وتاريخها الدموى، ولكن للأسف كان معظم حلقات المسلسل دعاية للجماعة من حيث إنها تنظيم يهدف إلى نشر تعاليم الإسلام الصحيحة، ومحاربة الفساد، ودعم الجماعة للطلبة الفقراء. فضلاً عن أن الجماعة تنظيم منظم بشكل كبير، ويعمل أعضائها بايمان كامل بمبادىء الجماعة،  وهم على أتم استعداد لبذل حياتهم وأموالهم من أجل نشر فكر الجماعة. 
 
وتوقعت أن المسلسل سيضم للأسف الشديد أعددًا كبيرة من الشعب المصرى للجماعة، مما يزيد حالة الإحتقان الموجودة بالمجتمع، ويزيد من حالة الدروشة الدينية التى يعيشها الشعب المصرى. وأن الجماعة ستحظى بدعم إضافى من قطاعات جديدة من الشعب المصرى.
 
وبالفعل، بعد مرور عدد من الحلقات، تساءل عدد كبير من المتابعين للمسلسل: هل المسلسل كان القصد منه تعرية الإخوان، أم الإشادة بهم؟ فالوزيرة "مشيرة خطاب"- وزيرة الدولة لشئون الأسرة والسكان- قالت فى تصريح لها: "إنها لا تعرف إن كان المسلسل مع الجماعة أم ضدها."
 
وطرحت صحيفة "لوس أنجلوس" الأمريكية  سؤالاً حول مسلسل الجماعة، ملمحةً فيه إلى مكسب الإخوان من المسلسل، وهل العمل التليفزيونى المقدَّم حول تاريخ الإخوان سيقوض أم يعزز صورتهم فى عيون ملايين المشاهدين بالعالم العربى؟ تركت الصحيفة الإجابة إلى آراء بعض الخبراء من المصريين، وتعتقد الجريدة أن الأمر قد ينتهى بتعزيز صورة الجماعة الإسلامية.
 
ويقول "أشرف شريف"- أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بـ"القاهرة": إن ما فعله المسلسل هو تغيير نمط ظاهرة فى الحياة السياسية. فالآن لم تعد جماعة الإخوان المسلمين محظورة، إنما دخلت كل بيت وشارع ومقهى فى "مصر". ويرى آخرون أن الممثل الأردنى "إياد نصار" الذى يؤدى دور مرشد الإخوان "حسن البنا" يمكن أن يزيد شعبية الجماعة بين جيل الشباب. كما أعلنت احدى دور النشر أن مبيعاتها من الكتب عن تاريخ الجماعة زدات إلى أضعاف ما بيع خلال الفترة الماضية.
 
ومن المعروف مدى تغلغل جماعة الإخوان فى كافة قطاعات المجتمع، بل إن هناك للأسف الشديد بعض المسيحين متعاطفين مع الجماعة، ويرغبون فى خوض الإنتخابات على قوائمها. فلابد أن يتم محاسبة المسئولين عن العمل التليفزيونى، فقد يكون بعض القائمين على العمل من أعضاء الجماعة، أو حتى من المتعاطفين معها. فكان لابد أن يخضع المسلسل لمراجعة دقيقة طالما كان المقصود من المسلسل فضح تاريخ الجماعة.  
 
والغريب فى الأمر، إن نجل الشيخ "حسن البنا"- مؤسس الجماعة- قام برفع دعوة قانونية ضد مؤلف المسلسل،  فالواجب عليه أن يكرّمه لا أن يقاضيه. بل تبحث الجماعة الآن عن مكان لتصوير مسلسل ليرد على هذا المسلسل!!
 
 قيادات جماعة الإخوان نشيطة وذكية، وتبحث دائمًا عن مكاسب إضافية للجماعة؛ لأنها مؤمنة بما تفعله. بينما على الطرف الآخر، موظفي حكومة لا يؤمنون بشئ  سوى البحث عن مصالهم، ونأخذ كم؟  فساد فساد فى كل شىء لابد أن ينتج عنه دولة فاشلة فى كل شىء، إلا فى الفساد والسرقة تأخذ الدرجة الأولى.