بقلم: محمد بربر
مساكين هم الذين يخرجون علينا كل صباح بتصريح جديد, حتى حولوا "مصر" إلى بلد تصريحات, واستأنسوا المواطن المصري الذي يتمنى أن يسمع عن تصريح واحد يصدقه تعلن فيه الحكومة عن انخفاض الأسعار أو زيادة الأجور, ثقافة القطيع تحكمت في عقولنا وطغت المادة على الجزء الأكبر من حياتنا, فغابت القيم وضاعت المبادىء وسط مسرحية هزلية الباكي والضاحك فيها والمتفرج هو المواطن البسيط.
مساكين أيضـًا هؤلاء الذين يقسمون بكل غالٍ وثمين أن الانتخابات القادمة نزيهة, وأنهم مع ترشيح السيد "جمال"، خاصة وأن هذا حق يكفله له القانون, وينسى هؤلاء أن المسرحية تم إعدادها وإخراجها بدقة, وما علينا سوى أن نطلق الضحكات البلهاء, بالفعل سُذَّج؛ فعن أي انتخابات يتحدثون؟؟ مَن هى الخالة "نزيهة" حتى نعرفها؟؟ هل يسمح الدستور المصري للمواطن المصري بترشيح نفسه؟ أم يضع أمامه ألف عقبة حتى يسمح لأصحاب البطولة المطلقة أن ينالوا -وفقط- تصفيق الجمهور؟؟ مَن سيكون الوصيف الذي يعارض ويعترض؟ ينقد وينتقد؟؟ يشجب ويدين؟ يفرح ويبكي؟ يتحدث في الصحف القومية وتستضيفه قنوات التليفزيون المصري؟؟ الوصيف كومبارس ضعيف ارتضى أن يكون مطية حتى يعبر فوقه الآخرون!!
أيضـًا أرى أن مَن يتحدث عن ضرورة المطالبة بترشيح امرأة أو قبطي، إنما يضع نفسه في خطأ كبير, أنا –شخصيـًا- ليس لدي أي مانع في أن أنتخب امرأة قبطية، على أن تكون مؤهلة لهذا المنصب, لكن كيف الحديث يا سادة؟؟ ونحن لا نستطيع أن نجري انتخابات نزيهة لاختيار أمين فصل في مدرسة ابتدائية؟! علينا قبل أن نطلق العنان لتصريحاتنا أن نعي الموقف جيدًا, التغيير أولاً وأخيرًا, تغيير الدستور بما فيه من خروقات معيبة فاضحة, والمطالبة بتحقيق قدر كبير من الحرية, حرية كاملة غير منقوصة ولا منكوصة, حقيقية وليست شكلية مزيفة.
في هذا الوقت العصيب -حقــًا- الذي تمر به البلاد؛ علينا أن نحمل قدرًا أكبر من التصالح، وأن تتوحد الأحزاب السياسية الجادة باختلاف أيدلوجياتها؛ للتصدي لهذا الفساد المستشري، وكذلك الحصول على الحقوق المهدرة, وأن نرفض ثقافة القطيع الذي يطلق عبارات غريبة من نوعية: "اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش", وأن نبحث عن طاقات وإمكانيات شابة تحلم لغد أفضل, رافضة سياسة التجويع وتطمح في الرقي بهذا البلد ثقافيـًا وسياسيـًا واجتماعيـًا, وهذا كله مرهون بإرداة المصريين السياسية، ورغبتهم في إحداث تغيير حقيقي, مش كده وكده!!