الأقباط متحدون - الأقباط فى عهد السيسى - هل تغير شىء؟
أخر تحديث ٠٥:٠٠ | الاثنين ٥ اكتوبر ٢٠١٥ | ٢٥ توت ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٠٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

الأقباط فى عهد السيسى - هل تغير شىء؟

بقلم منير بشاى
فى السنوات القليلة الماضية شهدت مصر قيام ثورتين.  وكان للاقباط دورا ايجابيا فى كلتيهما ينفى عنهم الاتهام المستمر بالسلبية.  وكان دورهم واضحا بالذات فى ثورة 30 يونيو 2013 التى اطاحت بالفاشية الدينية متمثلة فى حكم الاخوان. وكان اللوم يوجه دائما للاقباط انهم لا يأخذوا حقوقهم سبب عزلتهم.  فهل بعد مشاركة الاقباط فى الثورتين، وبعد ان تحمّلوا أعبائها ومخاطرها، هل ايضا جنوا ثمارها؟  ونحن هنا لا نتكلم عن امتيازات ولكن عن مجرد الحد الادنى للحقوق الانسانية.
 
ما حدث هو ان الاقباط لم ينالهم سوى دفع الثمن لمشاركتهم السياسية.  فنتيجة لذلك تعرضت كنائسهم للتدمير حيث تم حرق اكثر من 40 كنيسة فى يوم واحد وايضا مبانى للخدمات وبيوت وصيدليات ومحلات للاقباط.  ومع ذلك لم يتذمر الاقباط بل اعلنوا انهم يقدمون كنائسهم قربانا للوطن.
 كان واضحا ان الاخوان يهدفون الى ان يستفزوا الاقباط لاستخدامهم كاداة تمكنهم من العودة الى حكم مصر.  وكانت خطتهم مزدوجة:
ولا: احداث فتنة طائفية داخل مصر باللعب بورقة  الدين.  كانوا يظنون ان الاقباط سيثوروا عندما تحرق كنائسهم.  كانوا يأملون ان ينفعل بعض  الاقباط ويرد باعتداء مقابل على المساجد او الاهداف الاسلامية الاخرى.  وكانوا يأملون ان هذا سوف يسبب اشتباكات دموية بين المسلمين والاقباط تكون اكبر من ان تستطيع الدولة السيطرة عليه وبالتالى يطالب الشعب بعودة الاخوان لوقف العنف.  ولكن كل هذه التوقعات كانت على درجة من الغباء تعكس غبائهم الشخصى.  وفى المقابل كان الاقباط من الذكاء بحيث فهموا (الملعوب) الذى كان يحاك، وفوّتوا علي الاخوان المخطط اللئيم.
 
وثانيا: كان الاخوان يظنون انهم باعتداءاتهم على الكنائس سيثيروا مشاعر اقباط الخارج فيهبوا للدفاع عن اخوتهم فى مصر.  كانوا يتوقعون ان ينظم اقباط المهجر المظاهرات فى كل عواصم العالم منددين باضطهاد الاقباط ومستنكرين ما يحدث لكنائسهم.  كانوا يظنون ان اقباط المهجر سيقوموا بشراء صفحات فى كبريات الصحف الغربية يشرحوا فيها الاضطهاد الواقع علي اخوتهم فى مصر.  وكانوا يأملون ان يتم الاتصالات بحكومات وبرلمانات العالم للشكوى ضد حكومة مصر.  وقامت فعلا مظاهرات وتم شراء صفحات فى الجرائد العالمية وعملت اتصالات بحكومات العالم.  ولكن كان هذه كله لتأييد الحكومة المصرية ضد الاخوان ونفى ما كان يتردد من ان ما حدث كان انقلابا عسكريا بل ثورة شعبية نفذ فيها الجيش ارادة الشعب.  لأول مرة نرى الاقباط يعانون ومع ذلك لا يشكون ويتم التكاتف مع الحكومة المصرية لأننا ادركنا ان العدو لكلينا اصبح واحدا، واننا نقف مع الحكومة المصرية فى خندق واحد ضد الارهاب الدينى الاخوانى.
 
الاقباط فخورون بدورهم، وتضحياتهم الكثيرة لم تذهب ادراج الرياح.  يكفى انهم تخلصوا من حكم الاخوان الذى كان يخطط لحكم مصر فى ال 500 سنة القادمة.  لو بقى الاخوان فى الحكم لكان معنى هذا خراب مصر.  ولكن الاقباط كانوا سيصبحون الخاسر الاكبر.  ولذلك فالعمل الذى قام به البطل عبد الفتاح السيسى بطردهم من الحكم لن ينسى أبدا وسيسجله له التاريخ بأحرف من نور.
ولكن لكى تكون الصورة متكاملة يتحتم علينا ان نتساءل: هل اتت الثورتان للاقبط بما كانوا يطمحون من الحقوق؟  هل حقق الرئيس السيسى للاقباط آمالهم فى المساواة؟
 
بداية، الرئيس السيسى يعلم مدى محبة الاقباط له.  وهو يدرك انهم صوتوا لصالحه بنسبة مائة فى المئة.  والاقباط يقدرون للرئيس السيسى مشاعره الطيبة تجاههم التى ظهرت فى تهنئته لهم بالاعياد واقتصاصه من قتلة الاقباط فى ليبيا.  واستمرينا لفترة طويلة نتحمل فى صبر ولا نلومه على ما يحدث للاقباط فى عصره بل كنا دائما نلتمس له العذر بانه قد ورث مناخا مليئا بالتعصب والكراهية.  ولكن على قدر ايماننا بالرجل كانت خيبة املنا من بطء التغيير.  خذ هذه الامثلة كمجرد عينة:
 
قبطية متفوقة تفاجأ بأنها تأخذ صفرا فى كل المواد فى امتحان الثانوية العامة.  بمقياس العقل وحده هل يمكن ان يحدث هذا؟  ثم بدلا من انصاف الدولة للمظلوم نجد الدولة تصبح خصما فيطلع علينا من يريد ان يقاضيها هى واسرتها؟
 
عشرات الاقباط بعضهم لا يزيدوا عن كونهم اطفالا يودعون السجون فى قضايا ازدراء اديان لمجرد ان بعضهم وزع بلحا مع رسالة محبة او انه اتهم بتوزيع الانجيل او انه ضغط على لايك لمقال او انه شارك اصدقائه فى الفيسبوك برنامجا تلفزيونيا قد سبق بثه ورآه ملايين المشاهدين.  هل الاسلام ناله شيئا من الازدراء؟  وهل المسيحية تلقى نفس الحماية ضد الازدراء الحقيقى؟ 
 
اقباط الصعيد فى القرى والنجوع يتعرضون للخطف ودفع الفدية وخطف بناتهم وتحويلهن قسرا للاسلام ويهجّرون من قراهم وتنهب بيوتهم واراضيهم امام صمت السلطات وتنفيذا لأحكام جلسات صلح لا تتمشى مع القانون ولا تراعى مبادىء العدل والمساواة.
 
التوجس ضد بناء الكنائس وترميمها ما يزال قائما.  قال قداسة البابا ان " وطنا بلا كنائس افضل من كنائس بلا وطن".  كان قداسته يريد ابراز اهمية الوطن على اساس انه لا يمكن تعويضه، اما الكنائس فيمكن الصلاة لله فى اى مكان.  ولكنه طبعا لم يكن يقصد ان يقدم تنازلا عن حقنا فى بناء الكنائس او القول ان الوطن يغنينا عن الكنائس.  فهل هو نوع من الجشع من ناحيتنا ان نطالب بالوطن والكنائس كليهما؟
 
بعد ثورتين ما يزال الاقباط يلهثون وراء شبح المساواة.  والامر المحير لماذا يكون تحقيق المساواة للاقباط امرا صعبا حتى فى عصر السيسى؟  ولا اتصور ان الرئيس السيسى لا يعلم  بما يحدث للاقباط ، ولا اعتقد انه يريد الاساءة لهم، ولكن صمته ازاء ما يحدث يثير القلق.  فما هو سبب هذا الغبن؟ هل هو محاولة لاسترضاء المتطرفين لأنهم العنفاء؟  أم هو عدم الاكتراث بالاقباط لأنهم الودعاء؟  هل هو تطبيقا لايدلوجية دينية تأمر باضطهاد الغير؟  ام هو عدم الاكتراث بايدلوجية دينية تدعو الى الصلاة من اجل من يضطهدون؟   أى من هذه الاحتمالات مزعج....

Mounir.bishay@sbcglobal.net 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter