تناولنا فى مقالنا السابق فى هذه السلسلة ما سميناه الشائبة الثانية فى علاقة الرئيس عبدالفتاح السيسى بالصحافة والإعلام، والتى لخصناها فى قيام بعض المسؤولين المتوسطين والصغار فى بعض الأجهزة الأمنية بالبلاد، والذين يركزون على ما لديهم من وقائع وتفاصيل جزئية، بالقبض أو التوقيف لبعض الصحفيين وإحالتهم لجهات التحقيق والمحاكمة، دون تقدير أوسع سواء لطبيعة عملهم أو لما يؤثر به هذا على صورة البلاد ونظامها السياسى. كما أشرنا بالمقابل إلى أن تلك التصرفات غير الحكيمة أو المدروسة من تلك النوعية من المسؤولين الأمنيين، قد أوقفتها أو ألغتها فى معظم الأحيان تصرفات وإجراءات من مسؤولين آخرين فى نفس تلك الأجهزة من نفس المستويات أو أعلى قليلاً أو كثيراً، وذلك ضمن رؤية أشمل لقيادة النظام السياسى، خصوصاً لرئيس الجمهورية، تتضمن تقديراً عالياً للصحافة والإعلام وترفض التدخل فى شؤونهما.
واستكمالاً لهذه السلسلة من المقالات حول «الرئيس والصحافة والإعلام»، فإن ما نرجو عمله اليوم من جانب الرئيس السيسى لكى تتسق مقدمات هذه العلاقة المشار إليها آنفاً مع أوضاعها الحالية، استكمال ما سبق ذكره فى المقال الثانى السابق من إفراجات تمت بالفعل خلال عامين تشرفت فيهما بتولى موقع نقيب الصحفيين (مارس 2013- مارس 2015)، وبلغت نحو 120 إفراجا عن صحفيين وإعلاميين، بعضها لم يستغرق سوى ساعات قليلة. وفى الإطار، فإن الذكرى الثانية والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة قد تكون موعداً ملائماً لاستخدام الرئيس صلاحية العفو عن العقوبة التى خولها له الدستور والقانون، لكى يفرج عن مجموعة الصحفيين المحكوم عليهم فى قضايا متعلقة بجرائم نشر وعلانية بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الفكرية أو المؤسسات الصحفية التى يعملون بها.
ولتوضيح الأمر أكثر، فإن عدد المحكوم عليهم من أعضاء نقابة الصحفيين فى قضايا عموماً يبلغ 8 صحفيين، منهم 6 حضورياً ويقضون العقوبة، وهم: أحمد سبيع، وهانى صلاح الدين، ومحسن راضى، وإبراهيم الدراوى، وحسن القبانى، ويوسف شعبان، واثنان محكوم عليهما غيابياً لهروبهما إلى خارج البلاد، وهما جمال نصار، ومحمد القدوسى. ومن بين هؤلاء هناك 4 من الموجودين بالسجن والاثنان الهاربان محكوم عليهم فى جرائم تتعلق بالنشر والعلانية، وهو ربما ما يسهل إفراج الرئيس عنهم، خصوصاً فى ظل المادة (71) من الدستور التى تحظر الحبس فى هذه النوعية من الجرائم. وبجانب أعضاء نقابة الصحفيين المحكوم عليهم حضورياً، هناك نحو أربعة ممارسين آخرين للصحافة الورقية والإلكترونية من غير أعضاء النقابة، محكوم عليهم جميعاً فى جرائم تتعلق بالنشر والعلانية، وهو ما يرشحهم للتمتع بالعفو الرئاسى كأعضاء النقابة بعد فحص حالاتهم، كل على حدة.
ويتبقى بعد هؤلاء المحكوم عليهم المحبوسون احتياطياً على ذمة قضايا قيد التحقيق، ويبلغ عددهم من أعضاء نقابة الصحفيين 3 صحفيين هم: مجدى أحمد حسين، ومحمد على حسن، ومحمد البطاوى، بالإضافة إلى نحو 4 آخرين ممارسين للصحافة الورقية والإلكترونية من غير أعضاء النقابة، أبرزهم المصور محمود شوكان. والرجاء هنا للسيد النائب العام الجديد المستشار نبيل صادق أن يستخدم صلاحياته القانونية ومكانته كنائب للشعب المصرى ودولته فى الحفاظ على حقوقهما، لكى يفرج عمن لم تتلوث يده بدم أو إرهاب من هؤلاء الزملاء، استكمالاً لما نرجوه من عفو من الرئيس السيسى عن المحكوم عليهم، وأن تكون ذكرى حرب أكتوبر المجيدة القادمة هى أيضاً المناسبة التى يتم فيها هذا الإفراج.
ويبقى أخيراً أن نزيد من مساحة مطالبنا من الرئيس عبدالفتاح السيسى، بأن يكون الاحتفال بذكرى أكتوبر مناسبة ليس فقط للإفراج عن الصحفيين المحكوم عليهم فى قضايا نشر وعلانية، ولكن أن يتسع العفو الرئاسى ليشمل مجموعات أخرى من الشباب كتلك الأخيرة التى تكونت من 100 شاب الذين أُفرج عنهم فى عيد الأضحى، وقبلهم مجموعة الـ165 شاباً الذين أفرج عنهم فى عيد الفطر، بما يعيد للشباب ثقتهم فى دولتهم وبلدهم ويعيدهم إلى صفوف مواطنيهم، ويلملم أوجاعنا، ويفسد على المستغلين والمروجين خططهم للحرب علينا.
نقلا عن المصرى اليوم