بقلم : رفعت السعيد | السبت ٣ اكتوبر ٢٠١٥ -
٠٢:
٠٩ م +02:00 EET
رفعت السعيد
الدستور وضع سلسلة من الضوابط التى فرض الالتزام بها.. فماذا لو لم نلتزم بها؟ الدستور ذاته لم يجب، لكن القضاء والقانون والمحكمة الدستورية منوطة معاً بذلك. ونراجع الدستور مادة مادة.
م9. تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز.
م 11. تعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية.
م 13. تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال..
م 53. المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة..
م 74. لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى.
م 87. مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح.
م 244. تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين بالخارج تمثيلاً ملائماً فى أول مجلس ينتخب بعد إقرار هذا الدستور.
والآن علينا فقط أن نراجع العلاقة الفعلية والحقيقية بين هذه النصوص وما نحن فيه الآن من فرض إتاوات مالية للترشيح والكشف الطبى تمنع الفقراء من مجرد الاقتراب من حلم الترشح.. والمادة 74 لا تنفذ وهكذا.
لكن الكثيرين ينساقون ونحن منهم كى نتجاوز عن ذلك بأمل الوصول بمصر إلى مجلس نواب نتمنى أن يكون سبيلاً لبناء وطن حر وديمقراطى وعادل.
ولكن الكثيرين إذ ينساقون مثلنا ينسون أشياء مهمة وهى أن القوائم الحالية التى تفانى الكثيرون فى محاولة «التشعبط» فيها لحاقا بقطار البرلمان هى مجرد فرصة واحدة مؤقتة تنتهى بنهاية دورة مجلس النواب الأول. فالنسبة المقررة فى القوائم للعمال ستنتهى ويتبقى على العمال والفلاحين البحث عن وسيلة لتمثيلهم وهم المنتجون الحقيقيون للثروة فى مصر. والنساء مرتهنات بنص بضمان تمثيلهن تمثيلاً «مناسباً» هكذا دون تحديد- والمسيحيون أمام فرصة وحيدة فى هذه المرة فقط ويتعلق مستقبل تمثيلهم فى البرلمان بأن تعمل الدولة على تمثيلهم تمثيلاً «ملائماً» [ونلاحظ التلاعب بالألفاظ. للمرأة تمثيلاً مناسباً وللمسيحيين تمثيلاً ملائماً ومن يمكن أن يحدد الفارق بين الكلمتين؟] ويتعلق بأذيال المرأة والمسيحيين كل الشباب وهم أيضاً نصيبهم سيكون «ملائماً» والجميع مثلهم مثل ذوى الإعاقة والمقيمين بالخارج.
ثم نلاحظ من الآن- ويجب أن نفعل ذلك- أننا وفى المناخ الحالى الذى مازالت تلفحه رياح 25 يناير و30 يونيو و3 يوليو. ورغم هذه اللفحات ذات المذاق الثورى نجد أن عديداً من مواد الدستور القطعية والحاسمة قد تم تجاهلها، فما بالنا بما قد يكون بعد خمس سنوات فى برلمان قد يتحكم فيه أو يتلاعب به أو يتقاسمه الأثرياء أو كبارهم والمتأسلمون وتابعوهم وأعوانهم فى مصر والخارج. ومن فى تلك الأيام يضمن للمرأة تمثيلاً «مناسباً» وللمسيحيين والشباب والمعاقين «ملائماً».
من يمكنه أن يضمن ماذا سيكون؟ ولماذا نستسلم من الآن لما قد يأتى بغير ما يستحق الفقراء والنساء والعمال والفلاحون والمسيحيون.. إلخ. ومن يضمن للعمال «الحفاظ على حقوقهم» ليس فقط فى قوانين العمل وإنما أيضاً فى قواعد التمثيل.
ومن يضمن لنا ألا يتحالف المتحالفون فى المجلس القادم ضد «المرأة» [التى صورتها عورة وصوتها عورة] وضد النصارى [الذين لا يجوز لهم تولى عملية التشريع] ومن يحمينا من جيوش التتار المتأسلم التى ستغزو مسلحة بالتأسلم وبأكوام الأموال؟ ومن يعطى للشباب بعضاً ولو قليلاً مما يستحقون؟ لا حل سوى ألا نستسلم وأن نتحرك من الآن وبرغم كل المرارات التى ستلحق بنا لنتوحد فى عملية تصويت مصرية المذاق مستقبلية الطموح كى لا نسمح لحلف الثنائى المتربص بالهيمنة على البرلمان القادم. وأن يسعى الجميع منا إلى الإسراع وقبل فوات الأوان إلى بناء كيانات وتحالفات اجتماعية ومدنية، وأن يمد الجميع أيديهم إلى الحزب المدنى والديمقراطى الأقرب إلى رؤيتهم وموقعهم الاجتماعى ليمارس الجميع نشاطاً جماهيرياً مؤثراً فى مجرى العملية الانتخابية الحالية وليستعدوا ليكون لهم وجود يليق بهم فى المستقبل دون انتظار لتفسيرات مغرضة لكلمتى مناسب أو ملائم. وإنما يفرضون إرادتهم ووجودهم وحقوقهم فرضاً.
فلنبدأ.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع