الأقباط متحدون | عزيز سوريال عطية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٢٤ | الخميس ٢٤ سبتمبر ٢٠١٥ | ١٤ توت ١٧٣٢ ش | العدد ٣٦٩٣السنة التاسعه
الأرشيف
شريط الأخبار

عزيز سوريال عطية

الخميس ٢٤ سبتمبر ٢٠١٥ - ٥٧: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

( 1898- 1988 )

بقلم/ماجد كامل
لعب الدكتور عزيز سوريال عطية ( 1898- 1988 )دورا هاما وخطيرا في خدمة التراث المصري عموما والتراث القبطي خصوصا .فهو العالم الذي حرك جميع الهيئات الدولية والعالمية من أجل تأسيس أول دائرة معارف قبطية في العالم كما سنري خلال هذا المقال .أما عن حياته ونشأته الأولي ؛فلقد ولد في 5 يولية 1898 بأحدي قري محافظة الغربية ؛تلقي تعليمه الأولي في قريته ؛ وفي المرحلة الثانوية نزح الي القاهرة ودرس في مدرسة التوفيقية بشبرا ؛وتخرج منها عام 1914 من القسم العلمي ؛ وبعد حصوله علي شهادة البكالوريا ؛التحق بكلية الطب بالقصر العيني ؛ولكن نظرا لوطنيته وحماسه الشديد ضد الاستعمار البريطاني ؛طردته الإدارة الأنجليزية من الجامعة ؛ فعمل بوزارة الزراعة ؛ ثم قرأ اعلانا عن دراسات مسائية بمدرسة المعلمين العليا ؛ فألتحق بها ونظرا لنبوغه الشديد احتل المركز الأول في الامتحان النهائي ؛فسارعت وزارة المعارف وأرسلته في بعثة الي انجلترا لدراسة التاريخ الحديث والمعاصر ؛وكان ذلك عام 1919 ؛ ولكنه بعد سماعه الي محاضرة في تاريخ العصور الوسطي من أحدي الأساتذة الأنجليز ؛شعر بعشق شديد لهذا النوع من الدراسات ؛فقرر أن يتخصص فيه ؛ وحصل علي درجة الدكتوراة من جامعة لندن عن "الحروب الصليبية " ؛وفي عام 1938 أصدر مجلدا ضخما بعنوان "الحملات الصليبية في العصور الوسطي المتأخرة THE Crusade in the Middle Age " . انتقل للعمل في جامعة بون بدعوة من المستشرق الالماني الشهير بول كالاها . ثم عاد الي مصر عام 1939 ؛ وعمل استاذا لتاريخ العصور الوسطي بجامعات القاهرة والإسكندرية ؛وعمل وكيلا لكلية الآداب جامعة الإسكندرية خلال الفترة من (1949- 1950 ) وفي عام 1950 ؛ اختارته جامعة الإسكندرية لمرافقة البعثة الامريكية في دراسة وتصوير مخطوطات دير سانت كاترين بسيناء ؛ وقامت دار نشر جون هوبكنز بنشر نتائج هذه الدراسة في كتاب بعنوان "المخطوطات العربية في دير سيناء " وكان ذلك عام 1955 . أسس معهد الدراسات القبطية بالتعاون مع آخرين عام 1954 . ثم قام بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1955 ؛فأختير أستاذا زائرا في جامعة ميتشجان ؛ وفي عام 1957 أختير أستاذا للتاريخ خلفا للعالم الراحل الشهير فيلبيب حتي . وفي عام 1959 انتقل للعمل في جامعة يوتا ؛فأسس هناك مركز دراسات الشرق الأوسط . وبداية من عام 1977 ؛قكر في العمل بمشروع دائرة المعارف القبطية ؛فاتصل بالمهتمين بالدراسات القبطية في جميع انحاء العالم ؛وعقد اول اجتماع لهذا المشروع في معهد روكفلر ؛وقرر ان يكون الدكتور عزيز سوريال عطية هو محرر الموسوعة ؛ ويتعاون معه ستة عشر عالما من تسع دول ؛ وتم توزيع العمل علي الستة عشر عالما ؛كل في مجال تخصصه ؛فهناك أستاذا للتاريخ القديم ؛وثان في العصور الوسطي ؛ وثالث في العصر العصور الإسلامية ؛ورابع في العمارة والآثار ؛وخامس في اللاهوت ؛وسادس في التاريخ الحديث ؛ وسابع في الجغرافيا ؛ وثامن في تاريخ البطاركة ؛ وتاسع في الموسيقي القبطية ؛وعاشر في الفن القبطي ...... الخ .

وعن أهمية دائرة امعارف القبطية ؛يروي لنا الدكتور عزيز سوريال عطية عن جهود من سبقوه في إعداد مثل هذه الموسوعة ؛ وذلك في حديث لسيادته مع مجلة مدارس الأحد نشر في عدد سبتمبر وأكتوبر 1984 ؛قال فيه "أعتقد أن فكرة إصدار دائرة المعارف القبطية بدأت في القرن الثالث علي يد العلامة أوريجانوس ؛ لقد كان شخصية لا تباري في تاريخ مدرسة الاسكندرية اللاهوتية ؛ لقد كان هذا العلامة وراء رفعها الي ذروة المجد ؛ كان مؤلفا عظيما واليه يعزي وضع ستة آلاف كتاب ؛لقد كتب أكثر من أي إنسان آخر في تاريخ الإنسانية ؛ تناولت كتاباته كل المواد العلمية واللاهوتية ؛ولقد بدأ مشروع تدوين المعارف المسيحية في مدرسة الاسكندرية بتدوين كل ما يتعلق بالأقباط ؛إلا أن المشروع لم يكتمل في عهده ؛وظل خاملا من القرن الثالث إلي القرن الثالث عشر حين تناوله أولاد العسال الذين كانوا عائلة عظيمة جدا من محافظة أسيوط ؛عائلة أشتهرت بالعلم الغزير وكتبوا عشرات الكتب المهمة جدا في اللاهوت ؛وفي القانون كتبوا المجموع الصفوي ؛الذي يعتبر أكبر حجة في تاريخ القوانين القبطية كقوانين الزواج وهو كتاب مهم جدا نشره جرجس فيلوثاوس عوض في العشرينات ويعتبر المرجع الرئيسي في أحوال القبط .إلا أن هذا المشروع لم يكتمل أيضا في عهدهم . ومع هذا فأن هذه العائلة تعتبر من أهم العائلات في تاريخنا ؛ولهذا فأنهم يحتلون هم وأوريجانوس جزءا عظيما من دائرة المعارف القبطية ".

ولقد جاء في السيرة الذاتية لنيافة الانبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ( 1919- 2001 ) خبر عن خطاب أرسله نيافته الي الدكتور عزيز سوريال عطية بتاريخ 5 يولية 1979 ؛قال فبه (تسلمت بالشكر خطابكم الرقيق المؤرخ في 15 يونية 1979 ودعوتكم الملحة الكريمة لاقناعي بالاسهام في الكتابة والتأليف لمواد الموسوعة القبطية ؛وانه ليسرني ويسعدني ان تضطلعوا شخصيا بهذه المهمة الروحية والعلمية علي الصورة اللائقة المنشودة بتاريخ الأقباط العريق وحضارتهم الإنسانية والمسيحية الرفيعة . فإن ثقتنا في علمكم الرصين وكفاءتكم في التأليف علي المستوي العالمي تطمئننا أن الموسوعة القبطية ستكون إن شاء الله علي ما نريده لها من المستوي الرفيع الخالد حتي لو استغرق العمل عشرات السنين منذ الآن .ولكن ينبغي أن نبدأ في الإخراج طبقا للخطة المرسومة والتصميم الهجائي الشامل ... وحيث أن سيادتكم اضطلعتم بالعمل كالمسئول الأول ؛وأنكم بالعقلية العلمية ستتعهدونه بأن يكون عملا جادا رفيعا ؛فإنني أرحب بإسهامي فيه ؛مادمتم ترون أنه يمكني أن أقوم بجهد متواضع إلي جانب جهود العلماء الأكثر علما وأوسع معرفة . ولقد يبدو لي في مبدأ الأمر أن توزع علينا – إذا أمكن- ثبت أو قائمة بمواد الموضوعات تحت حرف أ أو A لعله يمكن الاطمئنان إلي أن هذه المواد تستغرق كل ما يمكن دراسته تحت حرف أ أو A وهل يمكن إضافة شيء آخر .

ثانيا :- أرجو أن نعرف أولا بأول أسماء العلماء الذين سيسهمون في الكتابة – والمواد التي يكتبون فيها .
ثالثا :- يمكنكم إفادتي بالمواد التي ترون أن أكتب فيها – خصوصا في دوائر اللاهوتيات والفلسفيات ؛ والدراسات القبطية ؛ وهي التخصصات الثلاثة التي يلذ لي البحث فيها .

مع أطيب تمنياتي بكم بالتوفيق ؛ ودعائي أن يطيل الله حياتكم متمتعا بكل أسباب الصحة والسلام الإلهي الذي يفوق كل عقل ).
وفي عام 1986 ؛وقع الدكتور عزيز سوريال عطية العقد النهائي لطبع الموسوعة مع دار نشر ماكميلان ؛ولقد صدرت الموسوعة عام 1990 في ثمانية مجلدات باللغة الانجليزية .

أما عن مؤلفات الدكتور عزيز سوريال عطية فهناك كتاب "تاريخ المسيحية الشرقية " ولقد صدرت له ترجمتان باللغة العربية ؛الترجمة الأولي صدرت عن المركز القومي للترجمة خلال عام 2005 وقام بها الدكتور اسحق عبيد تاوضروس . اما الترجمة الثانية فلقد قام بها الدكتور ميخائيل مكسي اسكندر وصدرت عن مكتبة الأسرة عام 2013 . كما توجد عربية مختصرة لكتابه الضخم عن الحروب الصليبية صدرت عن دار الثقافة بعنوان " الحروب الصليبية وتأثيرها علي العلاقات بين الشرق والغرب " ؛ وقام بالترجمة الدكتور فيلبب صابر يوسف وراجعها الأستاذ أحمد خاكي ؛ولقد صدرت الترجمة عام 1990 . كما توجد له كتابات أخري باللغة الانجليزية ليس مجال عرضها متاح الآن .

وفي مجال تحقيق التراث ؛قام بتحقيق كتاب "قوانين الدواوين " للاسعد بن مماتي ؛وهو كما قال عنه ابن خلكان في كتاب وفيات الاعيان " كان ناظرا للدواوين بالديار المصرية في عهد صلاح الدين الأيوبي ؛وتوفي عام 1209 م " والكتاب الذي قام الدكتور عزيز سوريال عطية بتحقيقه موسوعة علمية ضخمة تعالج موضوعات نهر النيل وفيضانه وطبيعة الأرض ؛وموسم الزراعة وأنظمة الري وما يرتبط بها من ترع وخلجان وجسور ؛ولما كان أبن مماتي من أصول قبطية ومن أحدي عائلات أسيوط التي أشتهرت منذ العصر الفاطمي بتولي الوظائف الكبري في الدولة ؛ فلقد كان ملما بكل الجوانب التي تخصص فيها الأقباط . ولقد صدر الكتاب في عام 1943 عن الجمعية الزراعية الملكية ؛وكتب المقدمة لها الأمير عمر طوسون .

كما حقق كتاب " الإلمام بالأعلام فيما جرت به الأحكام والأمور المقضية في واقعة الإسكندرية لمحمد بن قاسم النويري الاسكندراني المتوفي عام 1373 م ؛ في سبعة مجلدات ؛ ونشرته دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد بالهند خلال الفترة من ( 1968 – 1976 ).

وحقق أخير كتاب "تاريخ البطاركة " لساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين في القرن العاشر الميلادي ؛ وصدر عن جمعية الآثار القبطية في ثمانية مجلدات خلال الفترة من ( 1943- 1948 ).

وله مقال بالغ الاهمية نشر في المجلة التاريخية المصرية ؛المجلد الثالث العدد الاول في مايو 1950 بعنوان "الكنيسة القبطية والروح القومي في مصر في العصر البيزنطي . وله أيضا مقال عن "نشأة الرهبنة المسيحية في مصر وقوانين القديس باخومويس " ونشر في رسالة مارمينا (الرسالة الثالثة ) التي تصدر عن جمعية مارمينا العجايبي بالاسكندرية ؛وكان ذلك عام 1948 .

وكتب أيضا مقالا بعنوان " مصر المسيحية واثرها في تاريخ الكنيسة العام "نشر في مجلةو مدارس الأحد عدد شهري اكتوبر ونوفمبر 1953 .
ولقد توفي الدكتور عزيز سوريال عطية في 24 سبتمبر 1988 عن عمر يناهز 90 عاما تقريبا ؛ أثناء عكوفه علي البحث والدراسة في مكتبه بجامعة يوتا كما ذكر بعض شهود العيان .

ومن المعروف ان الدكتور عزيز سوريال عطية عمل في جامعة يوتا بالولايات المتحدة الأمريكية ؛وهذه الجامعة يوجد بها اكبر تجمع لطائفة المورومون ( وهي أحدي الطوائف المسيحية المنحرفة ؛والتي يوجد عندها بعض المعتقدات والتعاليم الغريبة ) في العالم ؛ حيث اتخذوا من المدينة وتحديد في Salt Lake City مركزا لهم ؛ ولقد روي لنا شقيقه الاصغر الدكتور فؤاد سوريال عطية ؛ ان هذه الطائفة قد عرضت عليه منصبا كبيرا في كنيستها وايضا في جامعاتها ؛مقابل ان يتخلي عن الانتماء للكنيسة القبطية الآرثوذكسية ولإنتمائه الوطني المصري ؛ إلا انه رفض هذا الأمر بشدة ؛ واعلن بكل وضوح أنه ابدا لن يتخلي عن وطنه وكنيسته حتي النفس الأخير .

وفي النهاية تبقي لنا أمنية عزيزة وغالية ؛ وهي الإسراع في ترجمة الموسوعة القبطية Coptic Encyclopedia في ترجمة عربية رصينة حتي يستفيد منها كل القارئين بلغة الضاد .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :