الأقباط متحدون - النقاش حول أمر غير مطروح
أخر تحديث ٠٧:٤٧ | الاربعاء ٢٣ سبتمبر ٢٠١٥ | ١٣ توت ١٧٣٢ ش | العدد ٣٦٩٢السنة التاسعه
إغلاق تصغير

النقاش حول أمر غير مطروح

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي

مينا ملاك عازر
لكوننا شعب نحب النقاش ونقدره، نحترم الاختلاف في الرأي ولا يؤدي بنا أبداً للخلاف وتبادل الاتهامات، والتي من أبرزها تهم التخوين والعمالة والغباوة والسفاهة والسفالة، فتجدنا كل حين نبتدع قضية ونفتعلها ونكبرها ونُعملقها ونطرحها للنقاش المجتمعي لاختبار قدرتنا على التفرقة بين الرأي والشخص، ولاختبار قدراتنا على تفتيت المجتمع وتقسيمه وتهرؤه.

فمن أبرز القضايا التي طُرِحت نتيجة لارتجالية الرئيس السيسي، مسألة التعديلات الدستورية حين قال الرئيس أن الدستور كُتب بالنوايا الحسنة والنوايا الحسنة لا تبني دول، ومعه حق النواية الحسنة لا تبني دول،  والنواية السيئة لا تبنيها أيضاً بل أنها تهدمها، فأي النوايا يريد الرئيس؟ كان هذا هو السؤال الواجب طرحه فور طرح الرئيس فرضيته هذه لكن المصريون الملكيون أكثر من الملك، والسيسيون أكثر من السيسي ذاته، أخذوا يتطوعون في وضع المواد التي يجب طرحها للتعديل الدستوري، وكلها ويا للمفارقة الشعبية تنصب على المواد التي تقلص من قدرات وسلطات الرئيس وتعطي لمجلس النواب، ورأينا من يخرج ويقول أن الدستور يحول الرئيس من ديكتاتور لطرطور، وأنا لا أعرف أمثال هؤلاء زعلانين على كون الرئيس كان ديكتاتور أم لكونه أصبح من وجهة نظرهم طرطور، نسى الكل حينها أن هؤلاء كانوا يدعمون الدستور ويمدحون فيه، ويكتبون قصائد مدح لم يكتبها المتنبي في سيف الدولة الحمداني، فاستحالوا يويو لرئيس يرونه للأسف طرطور، يلعب بهم الرئيس كما يريد، يلوح لهم يمين بأن الدستور حلو فيكون الدستور حلو، ويلوح بأنه لا يبني دول فيصبح الرئيس في وجهة نظرهم طرطور.

ومع أنني لا أرى في الرئيس طرطور بل هو رجل محترم، وملو هدومه، وقائد محترم ومحنك، وقادر على لم الشمل إلا أن من حوله من منافقين فاسدين ومفسدين للحياة السياسية يسيئون له أكثر ما يتهمون الدستور بالإساءة للرئيس.

الرئيسي السيسي ترشح بناءاً على الدستور هذا، وقبل المنصب وأقسم على احترام الدستور، وما قاله عن الدستور لا يتوافق مطلقاً مع قسمه الذي اقسمه في بداية توليه منصب رئيس الجمهورية، فكيف أقسم على احترام دستور مكتوب بالنوايا الحسنة التي لا يرى فيها القدرة على بناء دول!؟

أما هؤلاء الذين يتبارون في طرح المواد الذين يظنون في أن الرئيس يعنيها ويربطون هذا بالبرلمان الجديد واحتمالية أن يكون برلمان مناوئ للرئيس، فهم أقل ما يُقال عنهم منافقين لأنهم لم يقولوا كلمة من هذه على الدستور أثناء طرحه للاستفتاء، وكانوا يتحدثون عنه كما يتحدثون عن قطعة فنية بديعة لا عيب فيها، فما الذي فتح عيون أذهانهم على رؤية عيوب الدستور إلا رؤية الرئيس لعيبه؟ فكفانا يا سادة تبخير للقادة وتدليل لهم علماً بأن الرئيس نفسه لم يطرح للآن أي مادة للنقاش المجتمعي ولم يعبر عن أي مادة يقصدها بأنها مكتوبة بالنوايا الحسنة ما يعني احتمالية أن ارتجالية الرئيس هي التي قادته لهذا الخطأ في الدستور، والخطأ مردود، لكن الذي لا يمكن رده خطأ المطبلاتية المفسدين، وأعني خطأهم في حق الرئيس الذين يريدون تحويله مرة أخرى لديكتاتور كما يرنون، وكله في مقابل رضاه عنهم قبل الانتخابات البرلمانية التي لنا معها وقفة.

المختصر المفيد إن ألف منافق يجلسون في ثنايا تاجك رغم أنهم يشغلون هذا الحيز الضيق إلا أنهم يفسدون القطر كله. "شكسبير"


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter