السبت ١٩ سبتمبر ٢٠١٥ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بشار الأسد - أرشيفية
مينا ملاك عازر
ما يسببه الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب بزعامة أمريكا ليس إزعاج بقدر كونه أسف، نعم أسف على منطقة صار يتحكم بها أطراف أخرى. كنا نعترف بأن الغرب يتحكمون بمنطقتنا العربية من خلال حكام ضعاف النفوس أو جماعات أضعف نفساً وأحط خلقاً، بيد أن اليوم زاد على هذا ذلك الاتفاق النووي شجوننا شجون، حيث بات الغرب يعبث بمقدرات المنطقة بالشراكة مع طرف كان من المفترض أن يكن قلبه على المنطقة، بيد أن طموحاته وأطماعه الاستعمارية تجعل منه غاصباً ومغتضباً، طامعاً وليس طامح، يشارك في مذبحة بلدان ودول صغيرة أو كبيرة، يشارك في بتر دول عريقة وتحويلها لدويلات، شارك في محاولة إنهاء مصر باقتحام حماس لأرضها، يشارك الآن في تقسيم اليمن وسوريا وله كلمة عليا فيهما، وما أعنيه هو الطرف الإيراني.
ليست المفاجأة في أن ثمة طرف منحط خلقاً يساوم على مصير بلدان أخرى لمصلحته، يسهم في تكوين عصابات لتنفيذ أحلامه وأغراضه ورغباته المنبثقة من جنسه الفارسي الكاره للقومية العربية، لكن المفاجأة حقاً كانت في وصول هذا الطرف للقدرة على أن يكن على هذا المستوى الذي يضطر للمواءمة معه، وغض النظر ولو عن بعض الأمور ولو لفترة قصيرة إلى أن يستديروا له وينهون عليه، كيف فعلت إيران هذا؟ ونحن أين كنا؟ كيف استطاعت إيران إرغام العالم على أن ينحني لها ويكون له معها مصالح ونحن نحاول الإنحناء لهم لإرضائهم دون جدوى.
إيران صنعت بشار الأسد، هذا ليس صحيحاً، هي فقط أسهمت في وجوده، فميراث الأسد الصغير عن أبيه كبير، أبيه لم يكن صنيعة إيرانية، فإيران الحالية لم تكن موجودة حين وصل للسلطة، كان الأسد صنيعة إسرائيلية لكن إيران الثورة تعاونت معه وأيدت ولده وقوته وابقته للآن في الحكم بغض النظر عن نفي الأسد نفسه عن أن إيران أعطته جيشاً، فيكفي أن مقاتلي حزب الله يقفون بجواره وهم رجال إيران بالمنطقة، لم تكن إيران الوحيدة هي التي تدعم الأسد بل هناك الدب الروسي الذي نفى - ولو بشكل مؤقت- أنه يقيم قاعدة جوية بسوريا، وإن حدث ذلك وتم بناء القاعدة ستكن نقلة كبيرة في تاريخ المنطقة وحالتها السياسية والعسكرية، ما يعني انقلاب الموازين لمصلحة الأسد تماماً.
بيد أن الكرملين نفسه الآن ينفي الشائعات الصادرة بأن الروس تقدموا بصفقة من بينها إخراج الأسد من الحكم، هذا ليس مستبعد ففي عالم السياسة حين تنفي خبراً فأنت تؤكد على احتمالية حدوثه، هذه هي الدبلوماسية والسياسة السافلة، وعليه فثمة صفقة كبرى تحدث من تحت المنضدة يتوقع قريباً أو بعيداً إتمامها يكون الأسد بنداً رئيساً في تلك الصفقة بل قد يكون الصفقة كلها الأسد أي أننا مقبلين على إتمام صفقة الأسد.