الجمعة ١٨ سبتمبر ٢٠١٥ -
٤٩:
١١ ص +02:00 EET
التلوث السمعي
بقلم : أشرف دوس
يتوقف القطار في محطة لم ألتفت إلى اسمها، ليصعد شاب يضبط حياته على خطوات تامر حسنى، من حيث طريقة تصفيف الشعر والملابس، يجلس فى المكان الشاغر إلى جواري، ثم يضع يده في جيبه ليخرج جهازاً عجيب الأطوار، ينتمي إلى فصيل الموبايلات الصينى، لحظات
وينطلق من هذا الكائن العجيب صوت أغانٍ مزعج. وقبل أن أطلب منه أن يخفض الصوت قليلاً، يكون القطار قد توقف فى المحطة التالية، والتي لم ألتفت إلى اسمها أيضاً، ليصعد عدد من الشباب لا يربطهم يبعضهم البعض سوى اقتنائهم لهذا الكائن الصيني المزعج، لحظات أخرى قليلة وتنطلق مجموعة من الأصوات المتداخلة والمختلفة، جعلتني غير قادر على التمييز بين صوت الأغاني والقراّن والأدعية الدينية والترانيم، الأصوات كلها تتداخل وتتشابك، لتكون في النهاية صوتاً يتجسد لي على هيئة شبح مزعج يلتهم في كل لحظة قوانا السمعية والعصبية، لننصهر مثل الجليد في بحور بلا بداية ولا نهاية من التلوث السمعي.ألعن فى سرى الصين، وثورتها التكنولوجية، وتطورها وتقدمها، وخط إنتاجها الموجه إلى الشباب المصري، التائه .. الحائر .. المغيب، محاولاً بهذا السباب واللعان أن أمتص غضبى. أفكر فى أن أسال واحداً منهم عن موقفه من حرية الآخرين، وعن سبب عدم استخدامه لسماعات الأذن، لكن نظرات أعينهم التي تحمل من العند والتحدي، أكثر مما تحمله من رغبة في التفاهم والتواصل، تمنعني.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع