الخميس ١٧ سبتمبر ٢٠١٥ -
٥٨:
٠٦ م +02:00 EET
بقلم : سامح محروس
فشلت الكنيسة والأحزاب السياسية على حد سواء فى أول إختبار للمواطنة بعد إقرار الدستور الجديد والعمل به، حيث لم يتخل أى طرف عن قواعد اللعبة القديمة التى يتم بمقتضاها اختزال الأقباط فى الكنيسة واللجوء اليها فى اختيار من يتم ترشيحهم لتولى المواقع العامة.
تغيرت كثير من القواعد الحاكمة للعمل السياسى، ودخلت أحزاب جديدة للساحة، وخرجت أخرى، وأطاح الشعب بنظامين يخضعان للمحاكمة، ومازال أسلوب التعامل مع الأقباط يتم "على قديمه.."، فالكنيسة لعبت دورا سياسياً غير مؤهلة له ولم يعد بمقدورها أن تنكره فى اختيار الأقباط الذين تم ترشيحهم فى القوائم المختلفة، والأحزاب السياسية أغلقت أبوابها فى وجوههم وأشارت على الراغبين منهم فى الترشح بضرورة التقدم بأوراقهم للكنيسة والحصول على تزكيتها حتى يمكن الاعتداد بهم.
لم يشفع لأى قبطى دوره وتاريخه وما قام به من جهد سياسى بارز ومكانة يحظى بها فى الشارع، ولم يعد أمامه سوى اللجوء لأحد الأساقفة – نحترمه ونقدره – ولكنه ليس مؤهلاً لتقييم من تدافعوا وراءه سعيا لخطب وده.
حقيقة دامغة ما كان لى أن أصدقها حين حدثنى عنها عمرو موسى ومصطفى بكرى وسامح سيف اليزل وغيرهم لولا أن رأيتها بعينى، حين وجدت الأحزاب والتحالفات "كبرت دماغها" ولم ترهق نفسها فى بحث ملفات من تقدموا لها من الأقباط وتركتهم لكنيستهم التى تورطت فى عملية سياسية لن ترضى أحداً، وحين اكتشف رجالها خطأ ما فعلوا زعموا أن ترشيحاتهم لم يتم احترامها.. ياله من مشهد عبثى شديد السواد حين أبلغتنى شخصية سياسية مرموقة أن المقاعد الـ24 المخصصة للأقباط ملك للبابا شخصيا، وهو الوحيد الذى يملك أن يرشح عليها من يشاء.. والبابا تواضروس قد يكون بريئا مما يحدث، ولكن أحد رجاله المقربين قام بهذا الدور باسم الكنيسة وهو الذى سبق أن مثلها فى لجان الدستور السابقة.
إذن نحن أمام واقع يقر تهميش الأقباط ويدفعهم دفعا وراء أسوار كنيستهم.. ورغم ذلك نجد من يحلو له أن يتباكى على حالهم وسلبيتهم فى الحياة السياسية وضرورة خروجهم من "شرنقة" الطائفية ليمارسوا دورهم كمواطنين طبيعيين.
بالله عليكم.. كيف يحدث هذا وقد شهدت الكنائس والمطرانيات خلال الشهور الماضية لقاءات مكوكية وحالات من الشد والجذب وتبويس الأيدى والأقدام واللحى باعتبار أن كل ذلك من متطلبات إثبات الولاء والطاعة اللازمين ليكون المرشح المسيحى جديرا بثقة كنيسته فى الحياة العامة؟!!
ونخرج من القوائم إلى الترشيحات الفردية.. والصورة لم تختلف فى قليل أو كثير من تفاصيلها، فالأحزاب التى كثيرا ما حدثتنا قياداتها عن ضرورة إفساح المجال للأقباط عزفت عن الدفع بهم على المقاعد الفردية، حتى أن حزبا ليبراليا حديث النشأة أسسة رجل أعمال قبطى مرموق كثيرا ما رأيناه يتحدث عن ضرورة الأخذ بيد الأقباط وتشجيعهم، لم يلتزم حزبه بحرف واحد مما قاله، وترك الأمر فى يد القائم بأعمال رئيسه وهو رجل فاضل ولكننا لا نعرف له أى تاريخ سياسى، ولا يوجد فى سجل نشاطه سوى أنه تاجر ولديه مكتب بمنطقة وسط البلد يمارس من خلاله تجاة قطع غيار السيارات، والبعض يقول إنه تاجر فى الأدوات الصحية.
وحده الدكتور عبد الجليل مصطفى الذى حاول أن يتعامل مع الأمر بمنطق عقلانى فى قائمته "صحوة مصر" التى تعرضت لضربات عديدة أكثرها غير شريف حتى اضطرت للانسحاب.. وبقى مستقبل الأقباط السياسى أسير أحزاب كرتونية وكنيسة تمارس دورا من الأفضل لها أن تعترف به لأن إنكاره لن يفيد.