د. رأفت جندي
في عام 1990 ضجرت مقاطعة اونتاريو من حزب الاحرار ومن قبلهم المحافظين واختارت الحزب الديمقراطي الجديد (أن دى بى) وكان (بوب رى) اول رئيس وزراء لمقاطعة اونتاريو من الحزب الديمقراطي.
تكللت تجربة هذا الحزب بالفشل الذريع وتراكمت ديون المقاطعة وكانت علامات هذا الفشل واضحة في مجالات عدة، وعلى سبيل المثال تحمس الحزب لكى يمنع زيادة ايجارات المنازل مهما انفقت الشركات المالكة من إصلاحات فامتنع الملاك عن اجراء أي تصليحات في السكن من بياض او تغيير سجاد او خلافه فكانت النتيجة ان العاملين في هذا المجال اصبحوا خالين شغل، وبهذا اصبح الحزب الديمقراطي الذى يعمل وينادى بحقوق وتشغيل العمال هو العدو الأكبر لهم، وتراجعت الحكومة عن قرارها بعد فهم الكارثة التي حلت بالعاملين في هذا المجال. وهذا مثل ما فعله عبد الناصر في ايجارات المساكن في مصر وأدى بعدها لقلة بناء المساكن في فترة حكمه، والفرق ان عبد الناصر لم يتراجع عن قراره حتى أن بعض من المصريين الآن يسكنون القبور.
وفى تجربة أخرى تحمس الحزب الديمقراطي لأونتاريو لزيادة المعونة الاجتماعية لسكان اونتاريو (ويلفير) لكى تفوق المعونات الاجتماعية في باقي المقاطعات وكانت النتيجة أن اكثر من مئة الف اسرة من الذين يحصلون على هذه المعونة من المقاطعات الأخرى رحلوا لأونتاريو، واصبح ملاك الشركات البسيطة لا يجدون عمالا لأشغالهم لأن تقاضى المعونة الاجتماعية افضل ماليا من العمل بالحد الأدنى للأجور، ومن يقبل منهم العمل يطلب أن يكون اجره نقدا أو كما يقال "تحت الترابيزة" مما يسبب ضررا لأصحاب الشركات البسيطة حيث انهم لا يستطيعون خصم هذا من دخلهم الذي يدفعون عنه ضرائب.
وعندما انقضت فترة حكم الـ ان دى بى عام 1995 لم ينتخبهم شعب اونتاريو مرة أخرى بل كسر قلة او زير ورائهم وبعدها رحل بوب رى رئيس الحزب عن الحزب نفسه ثم انضم لحزب الاحرار (اللبراليين) الفيدرالي.
وعندما تولى مايك هارس رئاسة وزراء اونتاريو بعدهم قال بجرأة كبيرة انه مستعد لدفع ثمن تذاكر العودة لمن أتوا من المقاطعات الأخرى بسبب زيادة صرف المعونة الاجتماعية في اونتاريو.
ولان سياسة حزب الديمقراطيين هي الاشتراكية (سوشيلزم) فيطلق البعض عنهم انهم الـ "أس" وورد
انتخاب حزب الديمقراطيين محفوف بالمخاطر لأنهم يمثلون التجربة والخطأ ولا اود لكندا كلها أن تقع في التجربة والخطأ التي وقعت فيه من قبل مقاطعة اونتاريو.
الايدولوجية والزعامة الحالية لحزب الأحرار اللبراليين تمثل منعطفا خطيرا قد تنزلق فيه كندا، وان كانت كندا قد نجت من منعطف خطير من العنف بسبب متطرفي منظمة تحرير كيبك على يد ترودو الاب عام 1970 فأن انتخاب ترودو الابن سيؤدى لوقوع كندا في مستنقع عنف مستورد من خارج كندا بسبب قصر نظره.
بعض من الكنديين يرون أن حزب المحافظين تجاوز الحدود فى انتهاك الحريات في قانون مكافحة الإرهاب الأخير ولكن مثل ما يقول المثل "اللى ما يعرفش يقول عدس" وأيضا من لا يعرف الإرهاب يقول عنه ليبرالية حتى يلسع منه فيفهمه بعد فوات الوقت.
فمن سيحكم كندا الأيام القادمة؟