البداية قبل الاسترسال فيما يسوقه ممارسو الحجامة من مبررات واهية وغير علمية، هو سؤال صريح لوزارة الصحة: هل الحجامة ممارسة طبية مصرح بها فى مصر؟ وهل من يمارسها، حتى ولو كان طبيباً، لا يقع تحت طائلة القانون لأنه يُحدث جرحاً عمدياً لمريض دون داعٍ ومبرر طبى؟ وهل فى بلد يسكنه وباء فيروس سى نترك الأمر سداح مداح خوفاً وفزعاً من التكفير؟
ما يحدث فى مراكز الحجامة لا يوافق عليه قانون النقابة ولا ميثاق الشرف ولا القسم الذى أقسمه الأطباء ولا لوائح وزارة الصحة، لن أحيلكم إلى ركام المكتوب على الإنترنت حول الحجامة وفوائدها المزعومة ولكنى سأحيلكم للأسف لجريدة الأهرام، عدد 20 يوليو 2013، نشرت تحقيقاً منحت فيه الفرصة لكلام لا يَمُت للعلم بصلة عن فضل الحجامة الطبى، وأتحدى الأطباء المروّجين لهذه الممارسة أن يقدموا لنا بحثاً علمياً منشوراً فى مجلة علمية محكمة، يؤيد مزاعمهم الوهمية،
فالحجامة كانت علاجاً طبياً مُورس فى عصر النبى، عليه الصلاة والسلام، مثله مثل ممارسات كثيرة دخلت متحف التاريخ وصارت فلكلوراً، وقد وضع الرسول قاعدة: «أنتم أعلم بشؤون دنياكم» للتعامل مع المستجدات الطبية وغيرها من شؤون الدنيا، ولو كان الرسول بيننا وشاهد التقدم الطبى المذهل ومنهجه القائم على الدليل، لكان من المؤكد قد هجر الحجامة ولجأ إلى الطب الحديث وأدواته، فلا يخدعنكم أحد أو يفزعنكم بكلمة الطب النبوى، فتتخيلوا أن الحجامة ركن إسلامى أو فريضة سادسة، وأرجو من كل ذى عقل وكل طبيب أن يقرأ هذا الكلام المنشور فى عدد الأهرام ليحكم بنفسه.
يقول د. أمير صالح، رئيس الجمعية الأمريكية للعلوم التقليدية بشيكاغو، وهى جمعية لم أسمع عنها من قبل ولم يتشرف طبيب مصرى بقراءة قصاصة من قصاصات علمها الغزير، ولكن د. أمير أدرى وأعلم، ويقول: «النبى ذكر علاج الحجامة فى 79 حديثاً صحيحاً، (خير ما تداويتم به الحجامة)، وجاء كلامه مطابقاً لما جاء فى العلم الحديث والذى أثبت من خلاله أحد العلماء الأمريكان أن شرطة المحجم لها أثر كبير فى تخفيف الألم لمواجهة فيروسات الإيدز وفيروس C وعلاج القدم السكرى وتنميل الأطراف وخلل إفراز الغدد وعلاج الآلام المزمنة مجهولة السبب والعديد من حالات الخلل الكيميائى فى المخ والتى ينتج عنها أمراض نفسية كالاكتئاب والقلق بجانب العلاج السلوكى ودعم الأسرة، بالإضافة إلى علاج الروماتيزم والإمساك المزمن وأمراض القلب والدوالى والأمراض الجلدية والعقم والسمنة والنحافة والصداع النصفى والجيوب الأنفية وضمور خلايا المخ»، وأعتقد أن د. أمير نسى فى معرض حديثه عن فوائد الحجامة التى تعالج كل الأمراض التى عرفتها البشرية أن ينادى بإغلاق كليات الطب والاكتفاء بتدريس الحجامة التى تعالج حتى الشىء وضده!!،
ويستكمل رئيس جمعية شيكاغو أن الحجامة لها توقيت، وأشار إلى أن «للحجامة أياماً يفضل عملها فيها وهى 21،19،17 من الشهر العربى، كما يوصى بيومى الإثنين والخميس، ويفضل أن تكون على الريق أو بعد الأكل لمدة لا تقل عن ساعتين، ويجب الراحة بعد عملها على الأقل بساعة وعدم إجراء أى مجهود، وفى حالة الشعور بارتفاع فى الحرارة يجب ألا تزيد على درجة ونصف الدرجة، بالإضافة إلى عدم تعجّل النتيجة لأنه يجب إجراؤها على الأقل 5 مرات»!!، ولم يتوصل عقلى القاصر حتى هذه اللحظة إلى علاقة هذه المواقيت القمرية والإثنين والخميس بجدوى علاج الحجامة!!، أما ما قاله دكتور مصلح، الأستاذ بقناة السويس، فهو العجب العجاب، فقد قال عن علاج الروماتيزم بالحجامة: «علاج الروماتيزم باستخدام الحجامة من خلال وضع الكأس على مكان ينشط الدورة الدموية ويصل إلى العروق غير المستخدمة (الاحتياطية) التى لا يدخل فيها الدم، ومع شفط الجلد تتم تعبئة العروق بالدم،
حيث ترشح مواد الأندورفين التى ثبت أنها مادة طبيعية يفرزها الجسم، وهذا يدل على أن الحجامة تقوم بدور فعال فى تنشيط الدورة الدموية كلها، كما يساعد على نقل كمية من الدم إلى المنطقة تحت سطح الجلد، وبالتالى ينقص حجمه فى الدورة الدموية والأوعية المركزية، وعندما يقل حجم الدم يزيد من عدد ضربات القلب ويحاول الجسم الحصول على سوائل للأوعية الدموية لتعويض النقص، وعلى المدى الطويل وبسبب إخراج الدم بعد التشرط يصبح هناك نقص فى كرات الدم الحمراء، يعوض النخاع العظمى ويبدأ فى تصنيع الكرات وتزيد الدورة»!!. ومع احترامى الكامل لشخص وشهادة قائل هذا الكلام، أراهنه أن يقدم لى ولو بحثاً من كوكب زحل يؤكد هذا التهريج العلمى الذى لا سند له، أرجوكم كفى إهانة للدين وإقحامه فى البيزنس والنصب والدجل، الدين أسمى وأقدس من تحويله إلى سبّوبة لطبيب فاشل أو داعية سمسار.
نقلا عن المصري اليوم