عصام نسيم
نحتفل في هذه الأيام المباركة بعيد النيروز أو رأس السنة القبطية او عيد الشهداء فجميعها مسمياتن لبداية السنة القبطية الجديدة حسب التقويم القبطي , والتقويم القبطي هو التقويم المصري القديم والذي عمل به أجدادنا قدماء المصريين على مدار ألاف السنين .
. ونحتفل هذا العام بحلول العام القبطي 1732 ورغم ان التقويم القبطي كما ذكرنا تم العمل به حوالي عام 4241 قبل الميلاد ,ومازلت أسماء الشهور القبطية الحالية هي نفسها الأسماء المصرية القديمة التي تسمت بها شهور التقويم المصري ولكن بداية التقويم القبطي كانت منذ عام 284 م وهي السنة التي تولى فيها الإمبراطور الروماني دقلديانوس ,
فعندما دخلت المسيحية الي مصر وتحول كثير من المصريين الي الديانة الجديدة وبدء عصر الاضطهاد على الكنيسة بشكل عام والكنيسة القبطية بشكل خاص والتي كان لها نصيب كبير من الشهداء والاضطهاد .
ورغم ان الاضطهاد بدء منذ دخول المسيحية الي مصر ولكن اعتبر الأقباط ان اكثر هذه العصور اضطهادا هو عصر دقلديانوس الذي تولى الحكم عام 284 ميلادية ليقود اضطهاد عنيف وقوي استخدم الشيطان من خلاله كل اساليبه واسلحته محاولا في محو الكنيسة والتخلص من المسيحية والمسيحيين !! ولكن كانت دماء الشهداء هي بذار الايمان كما قال العلامة ترتليان وكان عصر الشهداء عصر الايمان القوي والانتشار السريع للمسيحية .
وقد استشهد في عصره مئات الالاف من المسيحيين من مختلف البلدان التي كانت تقع تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية في هذا الوقت !
ورغم ان بداية سنوات حكم دقلديانوس لم يكن يقوم باضطهاد المسيحيين ولكن موقفه تغير بعد سنوات قليلة والمؤرخين يذكرون عدة اسباب لتغير موقفه هذا ومهما كان السبب فقد تحول موقف دقلديانوس الي موقف عدائي الي كل ما هو مسيحي ! ! فقد قام في عام 30 بإصدار منشور بهدم الكنائس وحرق الكتب ألمقدسه وطرد كل أصحاب المناصب العالية وحرمانهم من حقوقهم المدنية ثم تطور الامر ليصدر منشور بسجن رؤساء الكنائس وتعذيبهم حتى يجبرهم على ترك الايمان ثم وصل الامر الي ارغام كل المسيحين بالتبخير وتقديم القرابين للاوثان ومن يرفض العبادة الوثنيه يعذب ويقتل بابشع انواع التعذيب والقتل في ذلك الزمان !!!
وبالطبع كان لمصر نصيب كبير من الاضطهاد والشهداء والمعترفين في عهده , وقد كان في عهد دقلديانوس الوالي اريانوس والي انصنا والذي اشتهر بمدى تفننه في تعذيب المسيحيين الاقباط وربما من اشهرهم القديسة دميانه والام دولاجي وابناءها والانبا بضابا وغيرهم الكثير جدا , والعجيب ان هذا الوالي قد امن واستشهد ايضا على اسم السيد المسيح ورفض التبخير للاوثان ونال اكليل الشهادة !
وعن عدد شهداء الكنيسة القبطية يقول العلامة ترتليان " لو ان شهداء العالم كله وضعوا في كفة ميزان وشهداء مصر في الكفة الاخرى لرجحت كفة المصريين " ويقدر بعض المؤرخين بعدد الشهداء الاقباط في عهد دقلديانوس بحوالي 800 الف شهيد ! وقد انتهى هذا العصر من الاضطهاد عندما اصدر الإمبراطور قسطنطين مرسوم ميلان عام 313 والذي أعطى فيه الحرية الدينية للمسيحيين وغيرهم من الديانات الاخرى . وبهذا المرسوم انتهى عصر اضطهاد دقلديانوس . ومن هذا الوقت بدء اجدادنا الاحتفال بعيد الشهداء وبداية تقويمهم القبطي
“." , ويعتبر عيد الشهداء من اقدم الاعياد التي كان يحتفل بها الأقباط وكان احتفال كبير كان يخرج فيه الاقباط الي الاماكن التي دفنت فيها اجساد الشهداء احتفالات بها والتماسا لبركتها .
وفي كل عام نحتفل فيه بعيد الشهداء نتذكر شهداء الكنيسة في كل زمان ومكان الذين بدمائهم نمت الكنيسة وانتشرت واصبحت هذه الدماء الطاهرة هي بذار الكنيسة , يأتي العيد هذا العام مختلفا لاننا عايشنا في ايامنا هذا صورة لشهداء قدموا حياتهم من اجل الايمان صورة من القرون الاولى شاهدناها جميعا في تمسك أقباط (شهداء ليبيا ) بايمانهم تمسك قادهم الي الذبح بطريقه بشعه وهم يرددون الاسم الحلو الذي لالهنا يسوع المسيح صورة تذكرنا بان الشهداء لم يكونوا شيئا من الماضي ولكنهم موجدون في كل زمان شاهدنهم في شهداء ليبيا الاقباط و نجدهم في شهداء سوريا والعراق وفي كل مكان يضطهد فيه المسيحيين يذبحون ويطردون ويضطهدون من اجل إيمانهم بالمسيح ! فالشيطان مازال موجود ويستخدم نفس اساليبه القديمة في حربه ضد الكنيسة ولكن بأسلحة وأشخاص هذا العصر !
نصلي الي الرب ان يحافظ على كنيسته في كل مكان وعلى شعبه وان يعطي السلام والامان للعالم كله وان يسند كل انسان في ضيق او الم او مطرود سواء من اجل الإيمان او لأي سبب آخر .
كل عام والكنيسة والجميع بمحبة وسلام ببركة وصلوات شهداءنا الأبرار . أمين