بقلم: سحر غريب
كل سنة وأنتم طيبين، فقد اقترب موسم المسلسلات علي الإنتهاء، وسنعود إلي تليفزيوننا الخالي من المسلسلات قريبًا، بعد أن أصابتنا تخمة شديدة، ستحتاج منا إلي احدي عشر شهرًا حتي يتم العلاج، ونشتاق مرة أخري إلي جرعة جديدة من الدراما العربية.
وقبل أن ينفضّ المولد، قرَّرت أن أشارك في هذا المولد بالرأي، بعد أن كنت ضيفة دائمة علي معظم موائد المسلسلات العامرة. وأعتقد إنني أستحق عن جدارة لقب متابع جيد، من حقه الإدلاء برأيه، وكانت لي بعض الملاحظات:
أولاً- ودون أن يتهمني أحد بالعنصرية، لم أستسيغ بعض الممثلات العربيات في أدائهن لأدوار بنت البلد المصرية، مثل "رزان" في دور البطولة أمام "أحمد آدم" في الفوريجي، و"هند صبري" في أدائها في مسلسل "عايزة أتجوز"، وهو المسلسل الذي وجد عليه اختلاف؛ فالبعض اعتبره أفضل عمل درامي، والبعض الآخر يري عكس ذلك. رغم أن فكرة العمل كانت متميِّزة، وتناقش مشكلة تأخر سن الزواج، مع ما يتضمنه من إصابة الفتيات بحالة من عدم الإتزان واليأس.
أما الفنانة "ميس حمدان" في برنامج (100 مسا)، فحدِّث عنها ولا حرج، فقد شعرت معها بلزوجة، وثقل ظل، واستخفاف دم. وقد استمعت إلي حوار مع أحد المنتجين عن سبب الغزو العربي للدراما المصرية، وعرفت السبب فبطل مني العجب. والذي كان بسبب رفض الفنانات المصريات للقبلات السينمائية، مع إننا لا نري قبلات في الأعمال التليفزيونية، وكذلك انخفاض أجر الفنَّانة العربية؛ فالعمل الفني بالنسبة للفنانين العرب للمتعة لا للمال والملايين، والذي منه.
ثانيًا- تحوّل بعض فناني الصف الثاني إلي فناني الصف الأول بعد نجاحهم السابق في الأدوار الثانوية. الأمر الذي أتوقع إنه سيضر بالفنان أكثر من نفعه، لأن الفنان المُتطلِّع لدور البطولة المُطلقة، سيكون كمن خلع حذائه، ولبس حذاء آخر أكبر في المقاس من مقاسه، مما يجعله يتحرك بصعوبة في الحذاء الجديد غير مناسب له. ولا تنسوا "عبد السلام النابلسي" الذي حقَّق شهرته من خلال أدواره الثانوية، وفقد خفة دمه عندما قدَّم دور البطولة في "حلّاق السيدات"، و"زينات صدقي" التي لم تقدِّم إلا أدوارًا ثانوية عاشت وستبقي حية في وجداننا..وكم من أدوار ثانوية عاشت في ذاكرة السينما العربية وعلت من شأن صاحبها، وأبقته حيًا.
فمساحة الدور ليست مقياسًا للنجاح، وأرجوا أن يستيقظ الفنانون قبل أن تزدحم الشاشة بأبطال غير حقيقين، أبطال من ورق، يتطايرون مع أقل هبة ريح.
ثالثًا- لاحظتُ العدد المخيف للقضايا التي تم رفعها علي عدد من الدراما المصرية، فتوالد مع موسم الدراما السنوية، موسم آخر مواز ومضاد له في الإتجاه. فمن قضايا تم رفعها ضد مسلسل "الجماعة"، وإتهامه بتزييف الحقائق، وكأن المفروض منا أن نطبِّل ونزمِّر لفكر جماعة "الإخوان"- أصلها ناقصة تطبيل- وهناك أيضًا قضايا رُفعت ضد مسلسل "شيخ العرب همام"، و"زُهرة وأزواجها الخمسة".
أكثر ما أخافه هو أن تلك القضايا التي يتم رفعها، ستجعلنا دائمًا في قاع الفن العالمي بسبب القيود التي تُفرض علي حرية الإبداع في "مصر".
رابعًا- شاهد هذا العام حالة من الركود في مسلسلات السيت كوم، رغم ما قيل عن إنها الموجة الجديدة الصاعدة في فن الدراما الكوميدية.
وأخيرًا، كنت أتمني أن يتم توزيع المسلسلات والبرامج الكوميدية علي شاشة العرض التليفزيوني طوال شهور العام؛ حتي نستطيع أن نتابع هذا الكم الكبير والمتميز من المسلسلات؛ وحتي لا يُظلم عمل فني لعدم تواجد وقت لمشاهدته، في ظل هذا الإزدحام الدرامي غير المُبرر.
أما أفضل المسلسلات علي الإطلاق من وجهة نظر العديد من المتابعين، فكان مسلسل "العار"، المتميز في إخراجه، وبطولاته، وفكرته. مع إني توقَّعت له الفشل الذريع لأنى رأيت أن فكرته هي إعادة لفكرة قُدِّمت من قبل في السينما المصرية. ولكن المسلسل اخلف توقعات الجميع.
أيضًا انجذبت شخصيًا إلي الجزء الرابع من مسلسل "حكايات وبنعيشها" (فتاة الليل)، والذي قامت ببطولته الفنانة "ليلي علوي". كذلك فكرة مسلسل "أزمة سكر"، رغم مبالغة الفنان "أحمد عيد" في لهجته، إلا أن المسلسل شدَّني كقطعة سكر صغيرة؛ لأنه مسلسل إجتماعي، يناقش مشاكل موجودة بين جموع الشباب.
شدَّني أيضًا مسلسل "أغلي من حياتي"، والذي ملأ الدموع داخل عيناي في بعض حلقاته شديدة الإنسانية، مع الأداء المتميز للفنانة "حنان مطاوع"، والتي جسَّدت دور بنت البلد الجدعة المقبولة في دور "فاطمة".
وقد أعجبتني بعض حلقات مسلسل "الكبير أوي"، وهو المسلسل الذي حاز علي إعجاب النُقَّاد والمشاهدين علي حد سواء، رغم عدم اكتمال حلقاته، والذي يستمد نجاحه من ذكاء وبراعة أبطاله: "احمد مكي"، و"دينا سمير غانم" التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها لم تدخل الفن (واسطة)، بل إنها تستحق ما حققته، وما ستحققه من نجاح.
أما مسلسل "الحارة"، فقد شدتني واقعيته الشديدة في تصويره البائس للشارع المصري، والمشكلات المصرية الحقيقية. وقد عرفت أن المسلسل قد تم تصويره في حارة مصرية حقيقية صوَّرت البؤس الذي لا يريد أن يراه المسئولون، والذي يوجع القلب والضمير معًا.
وبالنسبة للمسلسلات الكارتونية، فقد جذبني منها مسلسل "باسنت ودياسطي"، وأعجبتني خفة دمه، وموضوعاته التي تتناول تأثير السلطة والنفوذ علي نفوس البشر. ويدخل في عُمق المطبخ السياسي في مجلس الشعب؛ ليرينا البيزنس الذي يتم من خلال نفوذ أعضائهّ!!
وقد أعجبني أيضًا مسلسل "سلطة بلدي" مع ما يقدِّمه من خفة دم، ومناقشة جريئة لبعض مشكلاتنا الإجتماعية..
وعلي الجانب الآخر، لم أستسغ مسلسل "القبطان عزوز"، فلم تشدني حلقاته علي الإطلاق، رغم سعادتي بالجزء الأول منه..
وإلي لقاء آخر، وموسم جديد..