مينا ملاك عازر
استيقظت من النوم مبكراً فوجدت الشمس تغرب، هذه العبارة الخالدة التي سمعتها يوماً ما تتناقل لم أكن أفهمها، كنت أظنها تعبر عن شخص يهرج، شخص كسول، يقضيها بطولها وعرضها في وقت مصيف، كما فهمت ممن نقلها لي وكنت أرى أن له حق بعض الشيء أن يستيقظ وقتما يريد وبالتالي ينام وقتما يريد، ولكن مع تقدمي في الأيام وجدت أن استيقاظي مبكراً للحد الذي فيه الشمس تغرب لأمر مؤسف، فقد أضعت وقت طويلاً بلا إنتاج وعمل، وهو وقت ضاع من عمري، بل أنني في وقت الأجازة صرت أرى أنه وقت ضاع بلا استمتاع بالأجازة.
 

ولكوني أكره أن يضيع مني شيء به متعة أو طعم الإنجاز ولو كان إنجاز الاسترخاء في حد ذاته، صرت أكره عبارة الصحيان متأخراً، أتمناها لكن لا أحبها، ومتى استيقظت متأخراً في أي وقت أشعر أنني عصبي ومتوتر إلى أن أشعر أنني عوضت بعض ممن فاتني إنجازه وقت نومي، ولكون هذا صعب، ولكي أتمه علي أن أقوم بالكثير من الأعمال بشكل سريع ومضغوط يؤدي هذا إلى أن أضع نفسي ومن حولي تحت ضغوط هائلة، ضغوط عصبية ونفسية وعملية حتى في وقت الأجازة فلا أحب أبداً أن أكن متأخراً عن شيء أو عن موعد لي.
 

ولا أفهم لماذا نحن نحب في بلادنا لحظة غروب الشمس، ونسعى جاهدين لنراها وهي تطش في الماء، وهو لا جدال مشهد خلاب، لكن لا نهتم ولم نسمع عن من سعى ليرى شروق الشمس ذاتها صحيح هي لا تطش في الماء ولكنها تخرج من وراء الظلام فتطل علينا ويشق ضوءها أستار الليل، وفي هذا أمل جديد لا نهتم به، فنحن نحب دائماً لحظات الغروب ونحب أن نكون جوار موتانا قبل أن يفارقوا الحياة، ونفضل كل ما هو كئيب على ما هو مفرح رغم أننا شعب ابن نكتة، ويضحك كما يحلو له وبعدها يقول اللهم اجعله خير، طب هو خير أن تضحك.
 

على كل حال نعود للاستيقاظ مبكراً، لأقول لحضراتكم أنني أحب لحظات الفجر والصحو وما بعدها بقليل، إذ أن بها لحظات برودة منعشة، و كنت في عز الصيف إذ غالباً ما يلفح وجهك هواء بارد يقدم من الشباك لوجهك يدلك وجناتك كأنه يداعبك ويحثك ويحضك على القيام والنهوض لاستقبال فجر جديد صباح مشرق تتوقع وراءه في الصيف شمس حارقة وحرارة شديدة تجعلك لا تطيق نفسك، ولا من حولك لكنه تمهيد جيد أن تستيقظ متفائل مشرق بهواء لطيف ونسيم عليل.
 

المختصر المفيد استيقظوا من النوم مبكراً، فتنجزوا كل شيء مبكراً، فنتقدم.