يقلم:حنا حنا المحامى

لا شك يا سيدى أنك علمت بموضوع مريم طالبة الصفر الشهيره.
 
سيدى:  إن مشكلة مريم ليست مشكلتها فقط بل هى مشكلة مصر قاطبة, مشكلة التزوير, مشكلة التهاون فى مواهب الغير, مشكلة التفرقه والتفريق على حساب كل القيم والاخلاق, مشكلة التهاون فى أخطر جريمة يمكن أن تحدث فى حق العلم والاجتهاد.

 طالبه مجتهده كانت تصل الليل بالنهار لتحصل على درجات مرتفعه تؤهلها للدخول ألى الكليه التى ترغبها.  قضت الفتاه الامتحان بكل ثقه واطمئنان وانها سوف تحقق طموحها.  ثم ظهرت النتيجه.  صفر ثم صفر ثم صفر فى أغلب المواد عدا اللغه العربيه فقد حققت فيها تفوقا مرموقا فقد حصلت على واحد ونصف.
 
الآن هناك قضيه مرفوعه بهذا الشأن.  وهناك إجراءات تتخذ.  ولكنها جميعا لن تعوض ذره مما عانته تلك الفتاه هى وذووها من ألم وحسره وصدمه.  وكيف لا؟  وقد انهارت كل المثل العليا والاخلاق والقيم والمبادئ؟
 
الواقعه الخطيره تتضمن:  تزويرا: إفتئات على الحقوق الشرعيه لطالب مجتهد, التفرقه العنصريه, انهيار كل القيم التعليميه, تصدع الاخلاق إلى الحضيض بل أدنى من الحضيض.

لقد تعودنا فى صغرنا أن يكون محراب العلم محرابا مقدسا تنبع منه كل القيم والاخلاق.  إن الطلبه هم عماد المستقبل لا فرق بين مسيحى ومسلم شاب أو فتاه رياضى أو معوق أبن غنى أن إبن فقير,  ذلك أن العلم محراب مقدس ليس للعلم فقط بل وللاخلاق أيضا.

 سيدى .. لقد جئت بعد أن أنقذت مصر من دمار محقق.  كانت الاخلاق قد وصلت إلى الحضيض بل دون الحضيض.  كان كل شئ لا أخلاقى مباح دون حدود أو قيود.  على ذلك استباح الساده أصحب العلم والدرس أن ينتزعوا بلا أى إنسانيه حق فتاه تعمل بكل جد واجتهاد لتحقق آمالها وأحلامها, وإذا بالسلطه التى بلا ضمير أو أخلاق أو وطنيه يتكتلون ويتآمرون بكل الخسه والنذاله وينتزعون من أحد بناتهم ثمرة مجهودها وتعبها وسهرها وكدها واجتهادها ليعطوه لمن لا يستحق.
 
الامر إذن لم يقتصر على التزوير بل انتقل إلى مرحله أخرى من مراحل الفساد بإن أعطى طالب أخر ما لا يستحق.  الامر إذن أصبح منظومه للفساد والافساد لايمكن أن يحقق أملك فى ازدهار مصر ونجاحها. 
 
حتى كتابة هذه السطور لم يتخذ أى إجراء حاسم.  هناك من تلاعب فى الدرجات.  ولماذا تلاعب؟  وما الهدف؟  نعم, بعد التى واللتيا وبعد أن قامت الدنيا ولم تقعد وبعد أن صاحت الضمائر اليقظه تدخل السيد رئيس الوزراء ووعد الابنه خيرا.  نعم إنه وعد.  وعد بماذ؟  لقد بدأت الدراسه وبدأت السنه الدراسيه التاليه.  ماذا تم إنجازه حتى الأن؟ لا شئ والله أعلم.
 
فى مثل هذه الامور الخطيره هناك مسئولون عن الكنترول وعن رصد الدرجات وعن إظهار النتائج.  ماذا فعلوا؟  لا شئ حتى الآن. هل رئيس الوزراء يمكن أن يرضى بمثل تلك المهزله المؤلمه؟  البادى أنه لا شك يوافق.  لقد بادر بالتحرك بعد أن قامت الدنيا.  وهذه البادره لم يسفر عنها شئ حتى الآن.
 
سيدى ... إن ما حدث ما هو إلا جريمه بكل المقاييس.  حريمه فى حق طالبه, جريمه فى حق الوطن.  جريمه فى حق العلم.  جريمه فى حقى الطموح والاجتهاد.  جريمه فى حق الاخلاق والقيم.  سيدى .. لو حدث مثل هذا العمل فى أى دوله أخرى لقامت الدنيا ولم تقعد ولكن البادى أن مثل هذه الجريمه أصبحت مسأله دارجه.  وا أسفاه.
 
سيدى ... اسمح لى أن أتطرق إلى موضوع آخر فى منتهى الخطوره لما تنطوى عليه هذه الفعله النكراء.  لقد جئت إلى هذا الوطن لترفع راية العدل والاخلاق والمواطنه من أجل رفع قيمة الوطن وقيمه.  ولكن للاسف الشديد هناك من لا يرضى أن تكون مسيحيه على قمة التفوق.  نعم يا سيدى هذا هو معنى الفعله النكراء ولا شئ سواها.  إن هذا الفكر المتخلف والشرير لا بد أن يكتث من جذوره.
 
البادى أن الفكر الشرير الذى أرسى قواعده العادلى ومبارك يحاولون إيقاظه ومعنى هذا أنهم لا يزالوا يسعون إلى هدم الوطن والمواطنين عن طريق التفرقه والفرقه.  إنهم لا يعبأون بما فى ذلك من نتيجه تضعف مصر فتخور قواها ولا تجتهد إلا فى الفرقه والانقسام وضعف مصر هو هدفهم الاول والاخير.
 
سيدى .. حين كنا صغارا كنا ندرس أن الدين لله والوطن للجميع.  وكانت هذه القيم تطبق فى الدراسه وفى العمل فكانت مصر قويه مثمره ناجحه متقدمه على جانب كبير من الاهميه إزاء الدول المتقدمه.  وأمامك يا سيدى عمل جاد وشاق حتى تبعث هذه القيم من جديد.  فلا يسعنى إلا أن أجثو إلى الله جل وعلا أن يوفقك ويسدد خطاك ويوقظ الضمائر والهمم حتى تتبوأ مص الغاليه مكانتها وتحقق ما تستحقه من رفعة وسؤدد.