بقلم: فاضل عباس
مند سقوط الاتحاد السوفييتي يعيش الشيوعيون العرب أزمة عميقة بنيوية وتطبيقية بحاجة للمصارحة والمراجعة الذاتية، فإذا كانت رواية التطبيق الخاطئ تنطبق على الاتحاد السوفييتي عندما طبق النظرية العلمية فهذا لا ينطبق على العديد من الأحزاب الشيوعية العربية التي لم تخض تجربة حقيقية في الحكم باستثناء الحزب الاشتراكي اليمني والحزب الشيوعي العراقي، لذلك فان العديد من الأسئلة تتبادر إلي الذهنية العربية بخصوص الشيوعيين العرب فأين الشيوعيين من الفلاحين والمزارعين والفقراء؟ هل مازال الشيوعيون مرتبطين بهذه الشرائح الاجتماعية؟ هل تأثر الشيوعيون بتبعيتهم العمياء للاتحاد السوفييتي؟.

لقد أنقسم الشيوعيون العرب بل وبادر العديد منهم إلي تغيير اسمه وبعضهم تحول إلي الليبرالية الجديدة وبعضهم التحق بالأنظمة الحاكمة وتحالف مع البرجوازية وأصبح يصرخ بشعارات تختلف تماماً عن مباديء الشيوعية فهل انتهي عهد ودور الشيوعيون العرب في الوطن العربي؟ وجزء كبير منهم انشغل بصراع مع التيارات الإسلامية بل واستخدم ذلك مبرراً للتحالف مع الأنظمة الحاكمة على اعتبار أنها الأفضل من الإسلاميين!! على الرغم من الفساد المستشري داخل هذه الأنظمة والذي يذهب ضحيته الفقراء وعموم الطبقة العاملة الذين من المفترض إن يكونوا هم وليس غيرهم حزب الطبقة العاملة أو الحزب الشيوعي القائد كما بشر به ماركس وانجلز في البيان الشيوعي!! لذلك هناك تناقض كبير تعيشه الاحزاب الشيوعية اليوم.

حالة الاغتراب التي سادت داخل الاحزاب الشيوعية نتيجة الطاعة العمياء للاتحاد السوفييتي وكان من نتيجتها تأييد قرار تقسيم فلسطين الظالم بحق الشعب الفلسطيني وذلك فقط لإرضاء الاتحاد السوفييتي وخرق المقاطعة العربية للكيان الصهيوني عبر علاقات مع ما يسمي بالحزب الشيوعي الإسرائيلي، حزب شيوعي لكيان غاصب للأرض الفلسطينية!! ومن ثم الدخول في صراع مع القوي القومية التقدمية بما ساهم في حالة الاغتراب للشيوعيين في الوطن العربي وهو اغتراب على الصعيد الشعبي وعلى صعيد القضايا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بالإضافة إلي التنظيرات المبالغ فيها حول الأممية والقومية وعدم القبول بالمزاوجة المرحلية بين القومية العربية والاشتراكية والدخول في صراعات نتيجة لذلك فنجح الجناح المتشدد في الحزب الشيوعي المصري في خلق صراع مع جمال عبدالناصر ورفض الجبهة التقدمية الواسعة عبر الاتحاد الاشتراكي، وانقلاب الشيوعيون العراقيون على عبدالكريم قاسم بعد تحالف قوي، وانقسامهم وتأييد بعضهم للولايات المتحدة الأمريكية في غزوها للعراق على الرغم من التناقض الفكري بين الليبرالية المتوحشة والاستعمارية لامريكاء والفكر الشيوعي ولكن هنا يبرر الموضوع وفي مكان أخر تصنع صراعات مع التيار الإسلامي والقومي حتى لو كان معتدلاً تحت مبررات فكرية وإيديولوجية!!.

لذلك فان الشيوعيون العرب بحاجة إلي مراجعه حقيقية تضع الأخطاء السابقة في موضع التصحيح وفي مقدمتها احترام الثوابت ومن ضمنها أن الوطن العربي مجزأ وفق اتفاقية سايكس – بيكو ولا يمكن تحقيق الأممية العالمية بتنظير خيالي ووطننا مجزأ فلا تناقض مرحلياً بين الفكر الشيوعي واليسار القومي ورفض أن يكون الشيوعيون أداة بيد بعض الأنظمة العربية تحت يافطة أو شماعة الاحزاب الإسلامية فالاشتراكية جاءت نتيجة صراع طبقي وهي نصير الفقراء وحزب الطبقة العاملة أولا وكارل ماركس وانجلز تحدثوا عن الدين بعد وضع القوانين المنظمة للنظرية العلمية وليس قبلها ولذلك فان خيار بعض الشيوعيين بان الصراع مع الإسلاميين أولا هو خيار خاطئ، على الاحزاب الشيوعية أن تعدل أوضاعها لتعطي نموذج وبديل مقنع للجماهير عبر تصحيح الأخطاء الجوهرية لها.

Bumohd44@hotmail.com