بقلم نسيم عبيد عوض
فى الوقت الذى قطع فيه الرب مع ابرام ميثاقا قائلا. لنسلك اعطى هذه الارض من نهر مصر الى النهر الكبير نهر الفرات ‘ أعلمه هذه النبوة" فقال لإبرام اعلم يقينا ان نسلك سيكون غريبا فى ارض ليست لهم ويستعبدون لهم .فيذلونهم اربع مئة سنة. ثم الأمة التى يستعبدون لها انا أدينها . وبعد ذلك يخرجون باملاك جزيلة."تك15: 13-18‘ وقد أكد حدوث هذه النبوة الشهيد استفانوس لشعب بنى اسرائيل أنها كانت ترتيبا إلاهيا لدخول شعب بنى اسرائيل لمصر واستعباد شعبه لهم لمدة أكثر من اربع مائة سنة عندما قال لهم" وتكلم الله هكذا.ان يكون نسله متغربا فى أرض غريبة فيستعبدوه ويسيئوا اليه اربع مئة سنة. والأمة التى يستعبدون لها سادينها انا يقول الله. وبعد ذلك يخرجون ويعبدوننى فى هذا المكان. "أع7: 6و7.
التدبيرات الإلهيه:
كان دخول نسل ابراهيم أو بنى يعقوب – اسرائيل –لمصر ضمن تدبيرات الله الخلاصية فبعد أكثر من 300 سنة على قوله النبوى هذا ‘يدخل يعقوب واولاده واحفاده ال 75 أرض مصر ويمكثون 430 سنة فى أرض جاسان(ارض محافظة الشرقية حاليا) قبل خروجهم من أرض العبودية. وقبل ان ندخل فى كيف تم هذا الدخول نسأل أنفسنا ‘ اليست ال430 سنة لشعب كافية لإستيطانه وجعلهم مواطنون مصرىين ؟ ولكن الاجابة تأتى من قرار الرب وهو تغرب شعب بنى يعقوب فى ارض مصر مستعبدين مذلولين ثم يخرجون ليعرفوا وليعبدوا الله ؟ وعلى الرغم من إيماننا ان أحكام الرب بعيدة عن الفحص والإستقصاء ‘ يهدينا الوحي الإلهى لنتعرف عن حكمة الله فى تنمية وتربية شعب بنى يعقوب طوال هذه المدة فى أرض مصر ‘ليدخلوا 75 فردا ويخرجوا أكثر من 600ألف ماشيا من الرجال عدا الاولاد لأرض كنعان التى وعدهم بها الله ؟ :
1- لفرز شعب بنى إسرائيل بعيدا عن باقى شعوب الارض‘ وكقول الكتاب المقدس " واما بنى اسرائيل فاثمروا وتوالدوا ونمو واكثروا جدا وامتلأت الأرض منهم."خر1: 7‘ وايضا "بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا"خر1: 12‘ وكقول موسى النبى العظيم لشعبه "اياك قداختار الرب الهك لتكون له شعبا اخص من جميع الشعوب الذين على وجه الارض. " تث7: 1-8.
2- تكريسهم له ليعرفوه ويؤمنوابه ويعبدونه ‘ فقال الرب لموسى ان يدخل لفرعون ويقول له" هكذا يقول الرب .اسرائيل ابنى البكر. فقلت اطلق ابنى ليعبدنى." خر4: 23‘ وأيضا حسب ميثاقه مع ابراهيم واسحق ويعقوب انه سيصعدهم من هذه الارض " فالآن نمضى سفر ثلاثة أيام فى البرية ونذبح للرب الهنا."خر3: 18. واطلق الوحي الإلهى على هذا الشعب انهم اجناد الرب " واما إقامة بنى اسرائيل التى اقاموها فى مصر اربع مئة وثلاثين سنة .وكان عند نهاية 430 سنة فى ذلك اليوم عينه ان جميع اجناد الرب خرجت من ارض مصر."خر10: 40-42.
3- وعد الرب بان يصعدهم من هذه الارض لأرض جيدة وواسعة‘الى ارض تفيض لبنا وعسلا الى مكان الكنعانيين والحثيين والاموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين‘ ولتطهير الارض من هذه الشعوب لتبدأ العبادة الحقيقية ليهوه تمهيدا للحلاص الأبدى. " ويكون لك علامة على يدك وتذكارا بين عينيك لكى تكون شريعة الرب فى فمك. لانه بيد قوية اخرجك الرب من مصر." خر13: 9.
4- كانت الشعوب التى يعيش بينها يعقوب وبنيه فى ارض كنعان شعوب وثنيه تعبد آلهة كالقمر والكواكب والنجوم بتماثيل وسوارى ‘ وكانت تعيش فى نجاسة ورجس هذه الأوثان ‘ ولعلنا نتذكر قصة اعتداء شكيم ابن حمور الحوي على بنت يعقوب دينا ‘ ومانتج عنها بقيام أولاد يعقوب (لاوى وشمعون ) بذبح آل شكيم جميعهم ليأخذوا أختهم دينا ‘ وأيضا نذكر قول موسى للشعب بتذكر وصية الرب لبنى اسرائيل عندما يدفع هذه الشعوب ليدهم "تحرمهم .لا تقطع لهم عهدا ولا تشفق عليهم. ولا تصاهرهم. ..تهدمون مذابحهم وتكسرون انصابهم وتقطعون سواريهم وتحرقون تماثيلهم بالنار. لأنك انت شعب مقدس للرب الهك. اياك قداختار الرب الهك لتكون له شعبا اخص من جميع الشعوب الذين على وجه الارض. " تث7: 1-8.
العبد العبرانى رئيسا لمصر
وهو يوسف ابن يعقوب من راحيل المحبوبة ‘ والذى به بدأت تدبيرات الرب لإدخال شعب بنى اسرائيل ليستوطن وينموا فى مصر‘ والبداية كانت بحب اسرائيل لإبنه يوسف اكثر من باقى أخوته الذين ابغضوه ‘ودبروا فيما بينهم ان يقتلوه تحديا لإبيهم الذى أحبه أكثر منهم‘ ولأنه كان ينقل ليعقوب تصرفاتهم الردية ‘ وتشاء الظروف انهم رأوا قافلة اسمعيليين وماديين من تجار العبيد قادمة ومتجهين لمصر ‘فباعوا يوسف للأسمعيليين بديلا عن قتله بعشرين من الفضة. وصنعوا مكيدة على أبيهم وأقنعوه ان وحشا رديا اكل ابنه يوسف وافترسه افتراسا‘وقدموا له الدليل قميصه الملون المغموس بدم تيسا ذبحوه لهذا الغرض‘ وعاش يعقوب ينوح على أبنه يوسف ولم يقبل تعزية من أحد.اما يوسف فأنزل الى مصر واشتراه فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرطة ‘ ويقول الكتاب " وكان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا. ورأى سيده المصرى ان الرب مع يوسف وان كل مايصنع كان الرب ينجحه بيده. فوجد يوسف نعمة فى عينيه وخدمه.فوكله على بيته ودفع الى يده كل ماكان له. وكان من حين وكله على بيته وعلى كل ماكان له ان الرب بارك بيت المصرى بسبب يوسف."تك39: 1-5.
ومر يوسف بتجربة زوجة فوطيفار ‘ ولكن الرب كان مع يوسف حتى وهو فى السجن وبسط اليه لطفا وجعل نعمة له فى عيني رئيس بيت السجن. ويكرر الوحي الإلهى القول" لان الرب كان معه ومهما صنع كان الرب ينجحه." ليذكرنا بتدبيرات الله. وفسر يوسف احلام فرعون بقوله له" قد اخبر الله فرعون بما هو صانع" 7 سنين شبعا عظيما فى كل ارض مصر‘ يعقبها 7 سنين جوعا‘ ونصحه يوسف" لينظر فرعون رجلا بصيرا وحكيما يجعله على ارض مصر‘ ليدبراقتصاد مصر وينجىها من الجوع الذى سيلحق بالعالم كله ‘ فقال فرعون ليوسف" ما اعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك. انت تكون على بيتى وعلى فمك يقبل جميع شعبى‘ انظر قد جعلتك على كل ارض مصر ‘ وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله فى يد يوسف‘ وقال فرعون ليوسف انا فرعون .فبدونك لا يرفع انسان يده ولا رجله فى كل ارض مصر."تك41: 37-44. ولما كان الجوع شديدا فى الارض كانت مصر الملجأ الوحيد لإطعام الشعوب ومنهم يعقوب وأولاده ال11 وعائلاتهم‘وكان يوسف هو المتسلط على ارض مصر وأقتصادياتها ‘ ومن هنا تعرف يوسف على أخوته ‘وطلب منهم احضار ابيه " انزل الي .لا تقف.فتسكن فى ارض جاسان وأعولك هناك.
الله ينزل مع يعقوب لمصر
ارتحل اسرائيل وكل ماكان له واتى الى بئر سبع ."وذبح ذبائح لإله أبيه اسحق"‘ فكلم الله اسرائيل فى رؤي الليل وقال لايعقوب يعقوب.فقال هانذا .فقال انا الله اله ابيك. لا تخف من النزول الى مصر.لانى اجعلك امة عظيمة هناك. انا انزل معك الى مصر وانا اصعدك ايضا. وسكن اسرائيل فى ارض مصر فى ارض جاسان ‘ وتملكوا فيها واثمروا واكثروا جدا‘ وعاش يعقوب فى ارض مصر 17 سنة ومات عن 147سنة ‘ وأوصى ابنه يوسف بان لايدفنه فى ارض مصر بل فى مقبرته فى ارض كنعان مع آبائه‘وفعل يوسف حسب وصية أبيه. وكانت آخر كلمات يعقوب لإبنه يوسف تأكيدا بان الدخول لأرض مصر هو فى اطار خطة الله الخلاصية لبركة العالم كله فقال له" الله القادر على كل شيئ ظهر لى فى لوز فى ارض كنعان وباركنى, وقال لى هاانا اجعلك مثمرا واكثرك واجعلك جمهورا من الامم واعطى نسلك هذه الارض من بعدك ملكا ابديا."تك48: 3 و 4."
وهكذا استمر شعب بنى اسرائيل حسب تدبيرات الله لهم ‘ مقيما فى ارض جاسان وهى من أجود الاراضى الخصبة فى مصر ‘ تتوفرفيها المراعى لأغنامهم ومواشيهم ‘ولمدة 430 سنة بعيدا عن الإختلاط بشعب مصر وعباداتهم‘ ومن التدبير ايضا ان شعب مصر لا يحب رعاة الغنم فكان يعتبرهم من النجاسة ورعاية الغنم رجس عندهم فتركوهم وحدهم طوال هذه السنين فى أرض جاسان ‘ فنموا وأكثروا وتوالدوا حتى جاء الوقت ليسمع الرب صراخهم وينزل ليحررهم من أرض العبودية مصر ‘ويقودهم لأرض تفيض لبنا وعسلا كوعده الصادق