بقلم - فاروق عطية
علاقتنا بالحدود الشرقية قديمة, فى جذور واصل التاريخ كانت مصر تشمل مصر العليا ومصر السفلي وكل من السودان الشمالى والجنوبى وإثيوبياً وأجزاء من ليبيا وغزة وفلسطين ولبنان وسوريا وأجزاء من بلاد النهرين, ويرجع الفضل للأسرة الثامنة عشر الفرعونية من 3565 سنة أي منذ عام 1550 ق.م. بدأت هذه العلاقة بعد أن طرد أحمس الهكسوس من مصر وتعقبهم حتي حدود سوريا الشماليه. بعدها أيقنت مصر أن استتباب الأمن والسلام المصري لا يتم إلا بإخضاع الدول علي حدودها وتعيين حكام لها يدينون لها بالولاء. واستمر ملوك هذه الأسرة في فتوحاتهم فأخضعوا فلسطين وسوريا ووصلوا حتي نهر الفرات. وكان اعظمهم فى الفتوحات تحوتمس التالت الذي اسس امبراطوريه مصريه شاسعه حدودها الشمالية حتي نهر الفرات والجنوبية حتي أثيوبيا وغربا تشمل ليبيا.
وفي عصر الدولة الفاطمية ضم أحمد بن طولون ومن بعده الأخشيد الشام والحجاز واليمن والنوبة إلي مصر, وكذلك في العصر المملوكي ضم السلاطين فلسطين وسوريا والحجاز إلي مصر. اخر توسعات بالفتوحات كانت فى عهد محمد على باشا الذي أسس لمصر جيشا قويا استطاع به ان يخضع كل دول حوض النيل منها السودان الحالى والحبشه (اثيوبيا الحاليه) واوغندا والصومال وفى الشرق والشمال أخضع فلسطين وسوريا والحجاز وجزر البحر المتوسط (قيرص وكريت ومالطا) وهدد عاصمة الاتراك العثمانية حتي وقفت أوروبا حائلا دون توسعاته.
في 26 سبتمبر 1947 أعلن وزبر المستعمرات البريطاني قرار انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين, تبعه قرار تقسيم فلسطين بقرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947 ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي: 1. دولة عربية: وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر. 2. دولة يهودية: على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حاليا. 3. القدس وبيت لحم والاراضي المجاورة، تحت وصاية دولية. ورفض العرب قرار التقسيم
نشبت ألحرب بين العرب والإسرائيليين عقب إعلان قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين في منتصف مايو 1948، حيث قامت جيوش خمس دول عربية هي مصر وسوريا والأردن ولبنان والعراق بدخول فلسطين لمنع قيام الدولة العبرية على أرضها. حققت الجيوش العربية نجاحات مهمة،على رأسها انتصارات القوات المصرية في القطاع الجنوبي، وانتصارات القوات الأردنية والعراقية في جبهة القدس وشمال الضفة الغربية، التي أحدثت حرجاً للقوات الصهيونية سرعان ما أزيلت آثاره بالتدخل الدولي. إن أسدود كانت آخر نقطة وصلت إليها القوات المصرية، أما مقر قيادتها فكان في مدينة المجدل، ويمكن القول إن 13000 شهيد عربي سقطوا في حرب 1948 وحدها، وكان من أشهر الشخصيات المصرية التي لعبت دورًا في هذه الحرب هو أحمد عبد العزيز وهو ضابط مصري، وقائد المتطوعين للدفاع عن فلسطين، قبل دخول الجيوش العربية الرسمية، الذي خاض معركة مستعمرة «كفار داروم»، ومستعمرة «العمارة»، وأجبر اليهود على الرضوخ لشروطه في معركة القدس بإخلاء المنطقة، وبينما هو ذاهب لإخبار القيادة بسيارته ليلا اشتبه بها أحد الحراس وظنها من سيارات العدو وصاح الحارس يأمر السيارة القادمة بالوقوف ولكن لسوء الحظ ضاع صوت الحارس في ضجيج السيارة فأطلقت نقطة المراقبة النار وتدخل سوء الحظ حين أصابت أول رصاصة البكباشي (أحمد عبد العزيز) في جنبه، وحمله مرافقوه إلى عيادة طبيب بمدينة (الفالوجا)، ولكن قضاء الله سبقهم إليه فصعدت روحه إلى بارئها.
في الوقت الذي أستطاعت فيه قوات الفدائيين بقيادة البطل أحمد عبد العزيز من تكبيد العصابات الصهيونية خسائر فادحة وقطعت الكثير من خطوط أتصالاتهم وأمداداتهم، وساهمت في الحفاظ على مساحات واسعة من أرض فلسطين قبلت الحكومات العربية الهدنة العربية اليهودية 1948 ووقف إطلاق النار لمدة أربعة أسابيع تبدأ من (11 يونيو 1948م) مما أعطى للصهاينة الفرصة لجمع الذخيرة والأموال وأعادة تنظيم صفوفهم, ودبت في قادة الدول العربية الخلافات.
حوصرت فرقة من الجيش المصري بجنودها وضباطها في منطقة الفالوجا ورفضوا الاستسلام، وكان قائد الفرقة المحاصرة آنذاك سيد محمود طه الضابط النوبي الملقب بالضبع الأسود، والذي آثر المقاومة حتى فك الحصار عام 1949, وكان لليوزباشي عبد العزيز السياجي، دورا عضيما في فك الحصار واستشهد بعدما قام بتغطية انسحاب القوات المصرية من الفالوجا، عبر الاستمرار في إطلاق النيران على القوات الصهيونية حتى يعتقدوا أن إمدادات وصلت إلى الفرقة المصرية، ولكنهم فوجئوا بعد ذلك به وحده، بعد خروج باقي الفرقة المصرية إلي المجدل, ويذكر أن عبد الناصر كان ضمن المحاصرين.
وبعد الهدنة ألت الضفة الغربية لحكم المملكة الأردنية أما قطاع غزة كان تحت ‘شراف الحكومة المصرية واستمر الأمر كذلك حتي نكسة يونيو 1967 وفيها استولت إسرائيل علي سيناء وهضبة الجولان السورية وكامل التراب الفلسطسني وصارت الضفة وقطاع غزة تحت الإشراف المباشر للدولة اليهودية.
لطفي الأخرس (75 عامًا)، أحد الفلسطينيين الذين ذاقوا مرارة الهجرة واللجوء، يعيش اليوم في قطاع غزة، مطلاً بذاكرته على الماضي يقول: لقد رأيت الجنود المصريين الذين جاءوا للدفاع عن فلسطين، في أسدود، وكنت أعرف حينها أنهم تقدموا إلى الشمال أكثر، وكانوا قادرين على الإكمال لتحرير فلسطين كلها، لكن الأوامر جاءتهم بالانسحاب. عندما انسحبت القوات المصرية، تركنا كل شيء وراءنا، واضطررنا إلى الهجرة إلى القطاع حتى استقررنا في خان يونس جنوبًا، ونصبنا الشوادر والخيام وسكنا فيها فترات طويلة، وكان الحاكم المصري آنذاك اسمه «العجرودي». ويقول: أنا لا أستطيع أن أنسى الشهداء الذين رأيتهم يسقطون في المعارك للدفاع عن القرى، ولكن ذلك يهون قياساً على ما شاهدته في 1956 و1967، ففي العام 1956 رأيت شهداء مجزرة خان يونس الذين قتل معظمهم بعد صفهم إلى الجدران في الشوارع وإطلاق النار بكثافة عليهم.
وبعد كل التضحيات على مدى (66) عاما سواء فقدان عشرات الآلاف من الشهداء المصريين على الجبهة المصرية- الإسرائيلية, أو ممن فقدوا أرواحهم جراء القصف الإسرائيلي على المدن المصرية. وبالطبع لا ننسى الأراضي التي خسرتها مصر أثناء حروبها مع إسرائيل لتحرير فلسطين. ورغم استرجاعنا لها لاحقا كشبه جزيرة سيناء, كذلك يجب ألا ننسى التضحيات المصرية بما تم تدميره من البنية التحتية أثناء حروبنا مع إسرائيل, ولا ننسى الأهم وهو أن المجهود الذي بذل في الحروب مع إسرائيل قد أثر تأثيرا سلبيا على الخطط التنموية لمصر مما أدي لإفقارها. وكذلك لا ننسى جهود الراحل الرئيس المصري محمد أنور السادات الذي دفع حياته ثمنا لدعوته للسلام واسترجاع الأراض المصرية بعد اتفاق (كامب ديفيد) والذي كان من الممكن ان يكون نواة لحل جذري, وان يعطي للفلسطينيين والسوريين الكثير لو وافقوا عليه, وكان بالإمكان استرجاع هضبة الجولان والتي لم تضم رسميا لإسرائيل إلا في العام 1982م. وكذلك كان بإمكان الفلسطينيين الحصول على أراض أكثر بكثير مما يطالبون به الآن. إضافة إلى أن المستوطنات الإسرائيلية لم تكن موجودة في ذلك الوقت بنفس الحجم وكان بالإمكان أن يتم إيقافها.
بعد كل التضحيات التي لا نندم عليها كان جزاؤنا التآمر وقتل جنودنا في سبناء. أقامت حكومة حماس آلاف الأنفاق عن طريقها يتم تهريب البضايع المصرية المدعمة التي يتم بيعها للمواطنين المطحونين بأضعاف سعرها لتمتلئ جيوبهم بالملايين, كما يتم عن طريقها تهريب السيارات والشاحنات وسيارات الشرطة والإسعاف المسروقة إلي عزة, كما يتم تهريب المخدرات والبضائع الاسرائيلية الضارة إلي سيناء. والأخطر تهريب الإرهابيين إلي سيناء بل وعبور الحمساويين القتلة لتفخيخ الطرقات لقتل قواتنا. ولا ننسي الدور القذر الذي قاموا به أثناء الخريف العربي في الاعتداء علي السجون المسجون فيها أعضاء الأخوان الجواسيس وبعض مسجونيهم ومسجوني حزب الله وفيها تم قتل الحراس وضباط السجون وهروب كثير من المجرمين, بعدها انسحبوا عن طريق الأنفاق وبقي يعض قناصتهم الذين اعتلوا أسطح العمارات بميدان التحرير وقتلوا العديد من المتظاهرين خاصة يوم موقعة الجمل.
فطنت قواتنا الباسلة للدور القذر للأنفاق فقامت بتفجير ما هو ظاهرمنها وفجرت أكثر من 2000 نفق, وحتي تقضي علي الأنفاق التي نتنتهي داخل البيوت. قررت القوات المسلحة البدأ فى عمليات واسعة لتطهير المنطقة الحدودية المتاخمة لقطاع غزة من الأنفاق بشكل نهائى، بإزالة كافة المنشآت والمبانى والمزارع الموجودة على جانب الشريط الحدودي بعمق من 1500 متر إلى 3000 متر، وتعويض أصحابها، من أجل تحقيق السيطرة الحدودية الكاملة.
وكما تفتق الذهن المصري الذي قضي علي خط بارليف بمضخات المياه, كذلك تفتق الذهن المصري العبقري إلي طريقة تنهي تماما علي الأنفاق بحفر أحواض بأعماق كبيرة للاستزراع السمكي بطول الحدود المصرية مع قطاع غزة وذلك لتربية الأسماك وخلخلة التربة وغمر أعماقها بمياه البحر المتوسط. بدأت عملية حفر الأحواض السمكية بالفعل منذ أيام داخل المنطقة العازلة وتم حفر أكثر من ألف متر حتى الآن طوليًا وعلى أعماق كبيرة تصل إلى 20 مترًا لتصبح أحواضا سمكية كبيرة مع استمرار ضخ مياه البحر المتوسط في الأحواض السمكية من خلال خراطيم ومضخات كبيرة بهدف زيادة ترشيح مياه البحر في عمق التربة لتزيد من غمر الأنفاق وتساهم في انهيارها وكلما جفت مياه أحواض الأسماك بسبب انسياب المياه في جوف التربة واصلت قوات الجيش ملء الأحواض بالمزيد من المياه حتى تتشبع أعماق الأرض بالمياه وتصبح غير صالحة لحفر الأنفاق.