عبدالفتاح القصري.. فنان ترك بريق الذهب ليرسم البسمة والضحكة على شفاهنا، استطاع أن يخلق لنفسه شخصية كوميدية جديدة لم ترد من قبل علي السينما المصرية، فتربع على عرش الكوميديا، ودخل قلوب الجماهير كواحد من عمالقة الكوميديا في تاريخ السينما، وعاش أعواما ملء السمع والبصر يرسم البسمة ويدخل البهجة على نفوس جمهوره، لكن نهايته كانت مثالا مفجعا لمأساة حقيقية حملت كل مرارة وألم الدنيا، فبعد الشهرة والثروة انطفأت أضواء النجومية وعاش حياة بائسة، وكما قال الفنان شكري سرحان في فيلم «اللص والكلاب»: «الراحة مبتجيش غير بطلوع الروح»، فخلصه الموت من معاناته وقسوة الحياة.
وفي ذكرى ميلاده، يرصد «المصري لايت» 70 معلومة عن «أبو طعمة».
70. ولد عبدالفتاح القصري في 15 أبريل 1905، وتشير بعض المصادر إلى أنه ولد عام 1906، بحي الجمالية، لأب ثري من كبار تجار المجوهرات في مصر، ويملك أكثر من محل لبيع الذهب والحلي بالصاغة، ووفقا لـ«السينما».
69. وتشكك بعض المصادر في صحة هاذين التاريخين، مسترشدين بما كتبه الأديب والصحفي صالح جودت بمجلة «الكواكب» في 3 نوفمبر 1953، قائلا إن «أول فرقة مسرحية عمل بها القصري كانت فرقه المحامى عبد الرحمن رشدي»، وهذا ما يؤكده «القصري» بنفسه في كلامه للصحفي حسين عثمان، الذي نشره في «الكواكب» في 5 مايو 1970، حين قال «إنه عمل في أول فرقه أسسها عبد الرحمن رشدي».
كما حكى أنه قبل اشتغاله بالتمثيل، كان يهوى متابعة الفرق المسرحية، ومن بينها فرقة فوزي الجزايرلي التي كانت تقدم عروضها على أحد مسارح الحسين، وهناك استمع إلى صبي صغير اسمه (محمد البغدادي)، يغني أغنية مطلعها (أنا صوتي كمنجة وأحب المنجة)، ولم يكن هذا الصبي سوى الموسيقار محمد عبد الوهاب»، وفقا لمجلة «همسة».
68. كان والده يرغب أن يكون ابنه شخصية مرموقة، فحرص على تعليمه تعليما جيدا، فألحقه بمدرسة «فرير» الفرنسية، وهي نفس المدرسة التي تخرج فيها الفنان نجيب الريحاني، والفنان سليمان بك نجيب، وتخرج «القصري» في مدرسة «القديس يوسف» بالخرنفش، وليس كما أشيع أنه أُمي وليس متعلما.
67. كان «القصري» يتحدث الفرنسية بطلاقة، كما كان على ثقافة عالية، وكان يمتلك مكتبة ثرية تضم المؤلفات الفرنسية في جميع مجالات الفكر والفن والأدب والشعر والفلسفة، وكانت مكتبته تزدحم إلى جوار ذلك بالكثير من الكتب في الشعر العربي والتراث الشعبي، وكان ميالا بشكل كبير لدراسة الأدب الشعبي والفلكلور والشعر الشعبي، وقصائد الشعر العربي، وفقا لصحيفة «الدستور» الأردنية.
66. أصر والده أن يتعلم «القصري» حرفة أبيه، فأخذه معه حيث كان يعمل في صناعة الذهب والمجوهرات، وعلمه تلك الحرفة، وفي أعوام معدودة تمكن «القصري» من إجادة الصناعة وأصبح ينافس والده، لكنه لم يكن يهو هذا العمل، فأخذ يتردد على فرقة «فوزي الجزايرلي»، فأحب الفن ورغب في العمل فيه، وخاصة بمجال التمثيل.
65. لم يمض وقت كبير، حتى انضم إلى فرقة «عبدالرحمن رشدي»، وحقق من خلالها نجاحا، وأصبح بعد فترة وجيزة من انضمامه إليها أحد أسمائها البارزين، وفقا لـ«السينما».
64. كان عمله بالتمثيل ضد رغبة أبيه، الذي هدده بالحرمان من الميراث إذا لم يرجع عن تلك الهواية، فما كان منه إلا أن استمر في طريقه مضحيا بنصيبه من تركة أبيه، وفقا لـ«الأهرام».
63. بعد فترة قصيرة، انتقل «القصري» إلى فرقة «جورج أبيض»، التي عاش فيها مأساة كبيرة، وتذوق مرارة الفشل، وأرجع ذلك إلى طبيعة المسرحيات التي كانت تقدمها الفرقة في ذلك الوقت، وهي في مجملها «تراجيديا»، وفقا لـ«السياسة» الكويتية.
62. من المواقف القاسية التي تعرض لها «القصري» في فرقة «جورج أبيض»، عندما أسند إليه دورا يتطلب منه أن يبكي، فلم يستطع البكاء، وهنا فاجأه جورج أبيض بصفعة مدوية وبكى «القصري» من ألم الصفعة، لا من التمثيل، وفقا لـ«السياسة».
61. ظل «القصري» لفترة غير مستقر، وتنقل بين أكثر من فرقة مسرحية، والتحق بفرقة «عبدالرحمن رشدي»، مرورا بفرقة «عزيز عيد»، و«فاطمة رشدي»، وفقا لـ«الأهرام».
60. انضم لفرقة «نجيب الريحاني»، الذي اقتنع بموهبته، وطلب منه ترك مهنة والده صناعة الذهب والتفرغ للعمل في الفن، وهناك استطاع أن يتواصل مع الجمهور وأن يضع لنفسه بصمة مميزة، ووجد في تجسيد شخصية «المعلم ابن البلد» التي قربته من الجمهور.
59. حقق «القصري» في فرقة «الريحاني» أولى خطواته نحو النجاح ومعرفة الجمهور به، كما أنه نقل شخصية «المعلم» من مسرح «الريحاني» إلى السينما.
58. أسند «الريحاني» لـ«القصري» دورا كبيرا، تحدث عنه النقاد وصناع السينما والمسرح، في مسرحية «الجنيه المصري»، التي جسد فيها «القصري» شخصية «تاجر السمك» الجاهل، «الذي جاء للمدرسة مطالبا بفصل مدرس الجغرافية عندما قال لأبنه إن الأرض كروية»، وبرع «القصري» في تجسيد هذه الشخصية، وحقق نجاحا باهرا، وفقا لـ«الدستور» الأردنية.
57. أحب «القصري» شخصية المعلم ابن البلد، وتعلق بها بشدة، لدرجة أنه خلع البذلة وأصبح يرتدي الجلباب البلدي في بيته والشارع وكل مكان يتواجد فيه، لكن «الريحاني» طلب منه ألا يأتي إلى المسرح أو الأستوديو بالجلباب بعد ذلك، للفصل ما بين شخصيته الحقيقية في الحياة والشخصيات التي يجسدها على الشاشة وفي المسرح.
56. كان «القصري» من الممثلين القلائل الذين «يفصل» لهم نجيب الريحاني، وبديع خيري أدوارهم في المسرحيات وبدوره يبدع في تجسيد تلك الأدوار.
55. ترك «القصري» فرقة «الريحاني»، بعد وفاة نجيب الريحاني عام 1949، لعدم اتفاقه مع مدير الفرقة وقتها بديع خيري، ليعمل في فرقة «إسماعيل يس» عام 1954، براتب 100 جنيه في الشهر، وأصبح قاسماً مشتركاً في أفلامه كافة، وشكلا معاً إحدى أهم الثنائيات في عالم الكوميديا، وفقا لموقع «الهيئة العربية للمسرح».
54. دخل «القصري» إلى التمثيل في السينما، عام 1935، بتجسيده شخصية «الحشاش»، أحد أبناء الحي الشعبي الذين يترددون على المقهى الذي يديره «المعلم بحبح»، في فيلم «المعلم بحبح»، إخراج شكري ماضي، أمام فوزي الجزايرلي، وإحسان الجزايرلي، لينطلق بعدها إلى عالم السينما.
53. كان السر وراء نجاح «القصري» في أدوار ابن البلد، والمعلم، والفتوة، تردده على الأحياء الشعبية واللقاء بـ«الفتوات»، ما ساعده كثيرا في تجسيد أدوارهم على المسرح والسينما، كما كان دائما يفضل مشاركة أبناء البلد في الأحياء الشعبية حياتهم، ومن هنا تشرب بطريقة حديثهم، وأسلوبهم، وتعاملاتهم.
52. كان «القصري» حريصا على حفظ الأمثال العربية والشعبية، ليوظفها في الأعمال الفنية التي قدمها للمسرح، والأفلام السينمائية.
51. تميز «القصري» بارتجاله الجمل و«الإفيهات» خلال تجسيده الأدوار، التي تكون مفاجأة لفريق العمل، وأصبحت لازمة لا تختفي من ذاكرة السينما المصرية، والشارع المصري، ومن الجمل التي لم يخفت بريقها إلى الآن من كلمات «القصري» «أنا كلمتي لا يمكن تنزل الأرض أبدًا»، و«خلاص هتنزل المرة دي»، و«يا صفايح الزبدة السايحة.. يا براميل القشطة النايحة»، و«انتي ست انتي.. دا أنتي 6 أشهر»، و«أنا مش شايف قدامي أيتوها ست.. دا أنا جنب منك أبقى مارلين مونرو».
50. لم يلعب دور البطولة المطلقة، وإنما كان دائمًا صديقًا للبطل أو بمصطلح السينما دور «السنيد» للبطل.
49. لم يخرج «القصري» من جلد شخصية «ابن البلد» سوى في مرات قليلة، وكانت المرة الأولى عندما جسد شخصية «عبدالمجيد ساطور» في فيلم «سي عمر»، تأليف بديع خيري، ونجيب الريحاني، ويعتبر هذا الفيلم الذي أخرجه نيازي مصطفى، لـ«الريحاني»، عام 1941، أول علامة مهمة في حياة «القصري» السينمائية.
48. العلامة الثانية المميزة في تاريخه، كانت في فيلم «السوق السوداء»، عام 1945، تأليف كامل التلمساني، وبيرم التونسي، وإخراج كامل التلمساني، بطولة عماد حمدي، وزكي رستم، وعقيلة راتب، وفردوس محمد، وجسد فيه «القصري» دور «سيد البقال»، الشرير المستغل الذي يخزن البضائع في فترة الأزمة الاقتصادية لكي يبيعها بسعر أغلى، دون اهتمام لما يقع على الناس من أعباء لا يستطيعون تحملها.
47. جسد شخصية «الأسطى إبراهيم» والد «شربات» في فيلم «أحب البلدي»، عام 1945، سيناريو وحوار وإخراج حسن فوزي، وقصية وسيناريو وحوار أبو السعود الإبياري، بطولة تحية كاريوكا، وأنور وجدي، ومحمود شوكوكو.
46. لعب دور «المعلم إبراهيم نفخو» في فيلم «لعبة الست»، عام 1946، سيناريو وحوار بديع خيري، ونجيب الريحاني، وإخراج ولي الدين سامح، بطولة نجيب الريحاني، وتحية كاريوكا، وسليمان نجيب، وحسن فايق.
45. «المعلم عاشور» في فيلم «عقبال البكاري»، عام 1949، إخراج إبراهيم عمارة، قصة وسيناريو وحوار أبو السعود الإبياري، وإبراهيم عمارة، بطولة تحية كاريوكا، ومحمود المليجي، وإسماعيل يس، وزينات صدقي.
44. في عامي 1950 و1951، قدم «القصري» 19 فيلما، محققا رقما قياسيا بين ممثلي هذه الفترة، ولم يزاحمه سوى زميله إسماعيل ياسين.
43. برع في تجسيد شخصية تاجر السلاح «الخرطوشي» في فيلم «ليلة الدخلة»، عام 1950، إخراج مصطفى حسن، وتأليف علي الزراقني، ومصطفى حسن، بطولة إسماعيل يس، وحسن فايق، وماجدة.
42. في عام 1951، عرض عليه المخرج أحمد بدرخان تجسيد شخصية «علي باشا مبارك» في فيلم «مصطفى كامل»، فإذا به ينفجر في وجهه بضحكته العالية، ويقول: «شوف يا أستاذ، من غير كلام كتير، ومن غير لف ودوران عشان لا تضيع وقتي ولا وقتك، شوف لك حد غيري، أنا لا أنفع لهذا الدور مطلقا، أنا لا أصلح إلا لأدوار ولاد البلد، صاحب قهوة، معلم جزاره، حانوتي بعيد عنك وعن السامعين، لكن دور واحد باشا، لا أهو ده اللي مش ممكن أبدا، عمري ما عرفت واحد باشا، ولا عاشرت حد من الباشوات، ولما أنا أمثل واحد باشا، أخويا وحبيبي زكي رستم يعمل أيه ؟ ما تخلوا المقامات محفوظة يا أستاذ عشان محدش يلعب في ملعب غيره»، وفقا لصحيفة «الدستور» الأردنية.
41. حاول «بدرخان» أن يقنع «القصري» بأن اختياره له كان مقصودا، لوجود شبه كبير بينه وبين علي مبارك باشا، وثقة منه في أنه فنان كبير قادر على أداء جميع الأدوار بجدارة، ومن الظلم لنفسه أن يحبس موهبته الكوميدية الكبيرة في أنماط محددة بأدوار أولاد البلد، لكن «القصري» لم يقتنع، ورفض العرض، قائلا: «ولو يا أستاذ»، وفقا لصحيفة «الدستور» الأردنية.
40. قدم شخصية «الحاج عبدالعزيز» والد فاتن حمامة في فيلم «الأستاذة فاطمة»، عام 1952، إخراج فطين عبدالوهاب، تأليف علي الزرقاني وفتحي قورة، وظهرت براعته وقدرته الفذة في تجسيد المشاهد وهو يمحو أميته بفصول التقوية.
39. جسد شخصية «المعلم» عام 1954، في فيلم «الآنسة حنفي»، إخراج فطين عبدالوهاب، قصة وسيناريو وحوار جليل البنداري، بطولة ماجدة، وإسماعيل يس، وزينات صدقي، وسليمان نجيب.
38. لعب دور «الحانوتي»، عام 1956، في فيلم «القلب له أحكام»، إخراج حلمي حليم، وسيناريو وحوار علي الزرقاني، وحسن توفيق، بطولة فاتن حمامة، وأحمد رمزي، وعبدالسلام النابلسي، وزينات صدقي، وسراج منير، وسميحة أيوب.
37. برع في تجسيد شخصية «الريس حنفي»، عام 1957، في فيلم «ابن حميدو»، إخراج فطين عبدالوهاب، قصة وسيناريو وحوار عباس كامل، بطولة أحمد رمزي، وإسماعيل يس، وهند رستم، وتوفيق الدقن، وزينات صدقي.
36. جسد شخصية «أبو طعمة» في فيلم «إسماعيل يس في مستشفى المجانين» عام 1958، إخراج رؤوف كامل، قصة وسيناريو وحوار عباس كامل وعبد الفتاح السيد، بطولة إسماعيل يس، وهند رستم، وزينات صدقي، ورياض القصبجي، وعبدالمنعم إبراهيم.
35. تألق في تجسيد شخصية «المعلم شاهين زلط» في فيلم «سكر هانم» عام 1960، مع عبد المنعم إبراهيم، وكمال الشناوي، وحسن فايق، وسامية جمال، تأليف أبو السعود الإبياري، وإخراج السيد بدير.
كان من المفترض أن يلعب بطولة هذا الفيلم الفنان إسماعيل يس، لكن صدر قرار بمنع إسماعيل يس من أداء شخصية المرأة في السينما، لأنه أداها قبل ذلك في عدة أفلام منها «الآنسة حنفي»، وإسماعيل يس هو من رشح الفنان عبد المنعم إبراهيم للدور، وفقا لـ«السينما».
34. من أشهر المسرحيات التي قدمها «القصري»، هي «قسمتي، والدلوعة، والشايب لما يدلع، والجنيه المصري، و30 يوم في السجن, وحسن ومرقص وكوهين، ومحدش واخد منها حاجة».
33. كان «القصري» دائم السخرية من شكله معلقا أن «جسمه مكعبر، وعينيه مخاصمة بعض»، وفقا لموقع «الهيئة العربية للمسرح».
32. من المواقف الكوميدية التي تحكى عن «القصري»، أن في إحدى مسرحياته القديمة، اعتاد زميل له أن يعرقله عمدا، أثناء خروجه من على المسرح وعودته للكواليس بعد أدائه لدوره في أحد المشاهد، وكان يرتدي فيها «بلغة»، ما كان يتسبب في وقوعه أو فقدانه لتوازنه، وكان الجمهور يضحك متخيلًا أن المشهد جزء من المسرحية.
وحذر «القصري» زميله كثيرًا من هذا الموقف، وطالبه بالإقلاع عن هذه الحركة، لكن دون جدوى، وكان نتيجة ذلك أن ألقى «القصري» زميله على خشبة المسرح، وانهال عليه ضربًا، وانفجر المشاهدين بالضحك، وكانت هذه الليلة هي المرة الأولى التي يسمع فيها الجمهور عبارة «والله العظيم المشهد ده مش في المسرحية»، ما جعل الجمهور ينفجر بالضحك، وجعل هذا الممثل يتوقف عن إيذاء «القصري»، وفقا لمجلة «الكواكب».
31. في بعض الأحيان، كان «حولان» عينيه مصدرا للكوميديا بين زملائه، وفي أحد المرات حدث موقف طريف بين «القصري» والمطرب عبدالغني السيد بكواليس فيلم «شيء من لا شيء»، عام 1938، فكان من المفترض أن يؤدي الاثنان أحد المشاهد الحزينة سويًا، وبمجرد بدء التصوير تنتاب «السيد» نوبة من الضحك لا يستطيع التخلص منها كلما نظر إلى عيني «القصري» ورأى إحولالهما، واستمرت محاولات المخرج أحمد بدرخان للتصوير دون فائدة، وفقا لموقع «الكواكب».
واتفق «القصري» مع «بدرخان» سرًا على حل جيد، وهو إبلاغ «السيد» أن عمه تُوفي للتو ليبدو حزينًا ويتم التصوير، ثم بعدها يبلغاه بالحقيقة، وافق «بدرخان» وأخبر «السيد» بذلك، واستأذنه في تصوير المشهد ومن الغريب، أنه لم يعترض بل بدا مرحبًا بذلك لإنهاء التصوير وعدم تعطيل الفيلم، وعندما حان وقت التصوير ووقف الاثنان متقابلان لم يتمالك «السيد» نفسه مجددًا من الضحك مرة أخرى، فاغتاظ «القصري» بشدة وعاتبه قائلًا: «إنت مش عمك ميت؟»، فرد عليه السيد ضاحكا: «هو أنا عندي عم أصلاً»، وفقا لموقع «الكواكب».
30. ويحكي «القصري» موقفا طريفا حدث له بسبب «إحولال» عينيه، قائلا: «سافرت بالقطار في أحد الأيام، وجلست بجواره سيدة وزوجها، ونظرا أني مصابا بحول في عيني، فاعتقدت السيدة أني أنظر إليها، وبعد فترة استشاط زوجها غضبا وقال لي: (بقالك ساعة مش عايز تشيل عينك من على مراتي، يا أخي خلي عندك دم)، فقلت له: (أنا أحول)، فردت السيدة: (شوف يا أخويا الراجل عامل أحول علشان يعاكس براحته)»، وفقا لـ«تراثيات».
29. تزوج «القصري» 4 مرات من خارج الوسط الفني، لكنهن لم يحققن حلمه في إنجاب الولد فطلقهن.
28. كانت المرة الرابعة عندما بلغ الـ44 من عمره، ودق قلبه لفتاة شابة تدعى «نازك»، في الـ17 من عمرها، وقال لها: «عاوز أتجوزك»، فبادرته على الفور: «موافقة شرط أن تكتب باسمي أموالك وتسلمني راتبك أول كل شهر»، فوافق، لرغبته في الاستقرار وحاجته إلى الحب وتزوج للمرة الرابعة، وكانت «نازك» تتمتع بشخصية قوية للغاية، وسيطرت عليه في كل صغيرة وكبيرة، وفقا لـموقع «الهيئة العربية للمسرح».
27. في أحد لقاءاته الصحفية، حكى «القصري» موقفا كان لا ينساه، قائلا: «تعرضت لكثير من المتاعب بسبب قصر قامتي، وكان قصري سببا في هروب عروستي الأولى التي خطبتها وأنا في الـ16 من عمري».
وأضاف: «علمت أن هذه العروس رفضت الزواج مني، لأنني قصير القامة، وبعد سنوات حمدت الله على قصر قامتي الذي كانت سببا في فسخ هذه الخطبة، فقد كانت تقاليد زمان لا تسمح للعريس أن يرى عروسته إلا ليلة الزفاف فلم أرَ هذه الخطيبة، بل تقدمت لخطبتها من والدها كما كانت تقتضى التقاليد، فلما رأيتها بعد ذلك بسنوات تسير في الطريق، وأشارت إليها إحدى قريباتي قائلة خطيبتك أهه، فنظرت إليها واستعذت بالله من الشيطان، وأسرعت بالمشي خشية أن تعدِل عن فسخ الخطبة، فقد كانت قبيحة الشكل إلى أبعد حد»، وفقا لـ«الأهرام».
26. ويحكي «القصري» موقفا آخر عن قصر قامته، قائلا: «كنت أريد دخول إحدى دور السينما، وجلست في المقاعد الأمامية القريبة من الشاشة، حتى أتجنب المتاعب التي أعانيها إذا جلس أمامي شخص طويل القامة، ورغم ذلك فوجئت بشخص طويل يجلس أمامي، وبلغ من طول قامته أن أعتقدت أنه واقف، فقلت له (من فضلك اقعد يا أستاذ)، فالتفت الرجل بغضب شديد وصاح يقول (طب ما أنا قاعد أهو)، فشعر «القصري» بالخجل وأراد معالجة الموقف فقال «طيب أقعد كمان»، وفقا لـ«تراثيات».
25. ويروي «القصري» موقفا آخر عن قصر قامته، قائلا «في إحدى المرات ذهبت إلى الإذاعة، فقابلت رجلا طويلا على الباب، سألني على فين يا جدع؟ فقلت له: (طالع فوق)، فسألني الرجل: (فوق فين؟)، فقلت (الدور الثاني علشان أكلمك)»، وفقا لـ«الأهرام».
24. كان «القصري» دائما ما تمنى أن يتعلم العزف على البيانو، وفي كواليس مسرح «نجيب الريحاني»، حققت الفنانة الراحلة ميمي شكيب، أمنيته، بتدريبه على العزف على البيانو، وكانت كلما علمته نغمة شرحت له سلمها الموسيقى بالنوتة، وعندما قالت له «ميمي»، عن إحدى النغمات، إنها تسمى «دو» قال وهو يمصمص بشفتيه: «عجيبة هو الدوه ده ورايا ورايا في الكوتشينة الأقيه وفي البيانو كمان ألا قيه».
وبعد ربع ساعة من التدريب المتواصل، كانت «ميمي» تمسك فها أصابع «القصري»، لتمر بها على أصابع البيانو، وسألته «إيه رأيك بقى في الدرس ده مش أتعلمت شوية؟، فقال لها: «عال قوي بس عايزك بقى المرة الجاية تعلميني العزف وأنا سايب إيدي»، وفقًا لمجلة «الكواكب».
23. في صيف 1962، وقف «القصري» على المسرح يؤدى أمام إسماعيل ياسين مشهدا معتادا في إحدى المسرحيات، وفجأة في لحظة هم فيها بالخروج من خشبة المسرح، لكنه لم ير الباب، فبدأ «يتحسس» الديكور بحثا عن الباب، وهو يصرخ: «أنا مش شايف.. أنا عميت»، وظن جمهور الصالة أن صرخاته جزء من نص المسرحية، فزاد ضحكهم وتصفيقهم لـ«القصري»، ومع استمرار صراخه، أدرك إسماعيل ياسين أخيرا حقيقة وضع الرجل فأخذ بيده إلى الكواليس.
وانفجر «القصري» في البكاء، وهو يصيح: «مش شايف.. نظري راح يا ناس»، وعلى الفور تم نقله إلى المستشفى، وهناك اكتشف الأطباء أن سبب فقدان «القصري» لنظره هو ارتفاع نسبة السكر بشكل كبير.
22. بعد 3 أشهر، عاد إليه بعض من بصره، لكنه كان دخل في صدمة أخرى أشد قساوة، حيث تنكرت له زوجته الرابعة «نازك» التي تصغره بسنوات، وأجبرته أن يطلقها، بعد أن استغلت التوكيل العام الذي كان بحوزتها وحصلت على توقيعه، وباعت لنفسها فيلا مصر الجديدة التي يسكن فيها، وسيارته الفارهة.
21. تزوجت «نازك» من «حسن» صبى البقال، الذي كان «القصري» يعطف عليه لمدة 15 عاما، ويعتبره الابن الذي لم ينجبه، والأقسى أنها أجبرت «القصري» أن يكون شاهدا على زواجها، وفقا لما كتبته عائشة صالح في مجلة «الكواكب» بتاريخ 17 مارس 1964.
20. أقامت زوجته وصبي البقال في الشقة التي كان «القصري» يمتلكها، وأمام عينيه، بدون أن يستطيع أن يحرك ساكنا، بعد أن أفقدته الصدمة عقله ودخل في دوامة الهزيان، فما كان من مطلقته إلا أن حبسته وقيدت حركته في المنزل، وفقا لـ«الأهرام».
19. لم يجد «القصري» كرسيا متحركا يتجول به داخل الشقة بعدما كان يركب السيارات الفارهة، وبعد أن كان ينفق ببذخ، لم يجد ما يشتري به العلاج، ولجأ إلى نقابة الممثلين فمنحته معاشا يمكنه من شراء الأدوية، وفقا لصحيفة «السياسة» الكويتية.
18. وفى أول يوم من شهر رمضان نشرت الصحف أنه مريض، فذهبت الفنانة مارى منيب، واصطحبت معها زميلتها الفنانة نجوى سالم، لزيارة صديق العمر في شقته، ونشرت جريدة «الجمهورية» تفاصيل الزيارة في 31 يناير 1963، حيث اكتشفت «ماري، ونجوى»، ومعهما الكاتب الصحفي، محمد دوارة، هول المأساة.
17. الغريب أنه عندما ذهبت «ماري، ونجوى» للقاء «القصري»، ادعت إحدى صديقات مطلقته أن «القصري» غير متواجد في الشقة، فلم تسمح لهما السيدة بالدخول إلا بعد معاناة، وبعد أن أخفت مطلقة «القصري» نفسها، ظهرت وكانت قد أنجبت طفلا من زوجها الجديد، لتقابل «ماري»، مدعية أنها تعامل مطلقها أحسن معاملة، وبعد إلحاح وافقت السيدة أن تأتى بـ«القصري» للقاء زائريه، وعادت بعد ربع ساعة كاملة وهي تقود «القصري»، لتكشف «ماري، ونجوى»، ومعهما «دوارة» المأساة التي يعيش فيها «القصري»، وأنه قد فقد ذاكرته، كما لم يعد يرى إلا الضوء، وعند خروجهما أمسك بهما «القصري» حتى لا تتركاه وحيدا، وفقا لـ«الأهرام».
16. في 24 يناير 1963، نشر محمد دوارة بصحيفة «الجمهورية» صورة مؤثرة لـ«القصري» وهو يمسك بأسياخ حديد شباك شقته الواقعة بالدور الأرضي، في حارة جانبية من حارات شارع النزهة المتفرع من شارع السكاكيني، بعد أن كان يعيش في فيلا بمصر الجديدة.
15. قررت «منيب» إدخال زميلها المستشفى على حسابها، وأسرعت بالاتصال بمستشفى «الدمرداش»، حتى تحجز له سريرا هناك، وفقا لصحيفة «الوفد».
14. خلال فترة مرضه في مستشفى «الدمرداش»، لم يزره أحد من أصدقائه أو من الفنانين، سوى الفنان عبدالحليم حافظ، الذي لم يعمل مع «القصري» قط، ومحمد الكحلاوي، ومحمد رضا، ومحمود المليجي، بالإضافة إلى نجوى سالم، التي كانت لا تفارقه وتقسم معه لقمة عيشها، وفقا لـ«الأهرام».
13. كان «القصري» يشكو جحود أقرب أصدقائه إسماعيل يس، ومحمود شكوكو، لأنهما لم يزوراه طوال فترة مرضه، حسبما قال الفنان محمد رضا، الذي زاره قبل رحيله مرتين، معترفا في أكثر من حديث تليفزيوني بفضل «القصري» عليه، وأن «القصري» كان يبكي بمرارة كلما تذكر جحود أصدقائه وعدم زيارتهم له في محنته، وكذلك جحود زوجته واستيلاؤها على ممتلكاته وثروته وطرده من فيلته، وفقا لـ«السياسة» الكويتية.
12. لم تنته المأساة عند هذا الحد وتوالت النكبات، فبعد أن خرج من مستشفى «الدمرداش»، قررت البلدية إزالة منزله، أصيب «القصري» بالاكتئاب، بعدما هدمت الحكومة البيت الذي كان يسكن فيه، وتخلت عنه طليقته، وأرسلت إلى شقيقته لكي تأخذه يعيش معها، فأقام «القصري» بحجرة في «البدروم» تحت «بير السلم»، وأصيب بتصلب في الشرايين بسبب الفقر والبرد وعدم الاهتمام، أثر على مخه وأدى إلى إصابته بفقدان للذاكرة، وفقا لـ«الأهرام».
11. بلغت درجة احتياجه أن شقيقته، التي كانت تقيم معه، قامت من أجل توفير الدواء والطعام لشقيقها، ببيع الشاي والسكر في قراطيس، وكان هذا النوع من الشراء والبيع معروفا في المناطق الشعبية في مصر وقتها، وفقا لـ«الأهرام».
10. لم تقتصر الحالة على هذا الوضع فحسب، بل بلغت، كما يقول البعض، لدرجة إن الرجل كان يطل من شباك مسكنه الفقير على الشارع، وإذا استمع إلى الطفل أو شعر به في الشارع، فيسأله إن كان معه سندوتش ويتوسل إليه أن يأخذه منه، وفقا لـ«الأهرام».
9. قررت الفنانة نجوى سالم، ذات الديانة اليهودية، مساندة «القصري» في أواخر أيامه، وسارعت على الفور بمخاطبة كل الجهات لإنقاذ «القصري»، فقررت نقابة الممثلين صرف إعانة عاجلة قدرها 20 جنيها بعد أن خصمت منها مبلغ 7 جنيهات قيمه اشتراكات متأخرة على «القصري»، كما قررت النقابة أن تصرف له معاشا شهريا قدره 10 جنيهات.
8. سعت «نجوى» أيضا لدى صلاح الدسوقي، محافظ القاهرة وقتها، فحصلت لـ«القصري» على شقة بالمساكن الشعبية في حي الشرابية إيجارها 280 قرشا في الشهر، ودفع الكاتب والأديب يوسف السباعي، 50 جنيها لشراء غرفة نوم حتى يجد «القصري» سريرا ينام عليه، كما وفرت «نجوى» له جهاز تليفزيون 14 بوصة عن طريق صلاح عامر، رئيس مؤسسة السينما والمسرح والتليفزيون وقتها، وفقا لـ«الأهرام»، وموقع «هيئة المسرح العربي».
7. في أحد الأيام، اصطحبت نجوى سالم «القصري» لحضور مسرحية «زيارة غرامية» في مسرح «26 يوليو»، وخصصوا له 7 كراسٍ هو وأصحابه، وعندما شاهده الجمهور فرح به كثيرا، وظل الجميع يردد عبارته الشهيرة «أنا كلمتي مش ممكن تنزل الأرض أبدا»، وسلموا عليه واحتضنه الفنان أمين الهنيدي، وفقا لـ«الأهرام».
6. في الساعة الـ9 من صباح الأحد 8 مارس 1964، توفي «القصري» في مستشفى «المبرة»، وفي مصادر أخرى مستشفى «المنيرة»، وكان عمره 59 عاما، بعد أيام من دخوله إليها لم تجد شقيقته بجوارها في جنازته سوى نجوى سالم، وصديقين له هما «قدري» الذي يعمل منجدا، و«سعيد» عسكري الشرطة، وفى الطريق إلى مدافن «باب النصر» توقفت السيارة لتلتقط رجلين آخرين حلاق، وترزي، ليحمل الرجال الـ4 جثمان «القصري» ويشيعوه إلى مثواه الأخير.
5. أثناء مرض «القصري» الخير، كانت الفنانة هند رستم إحدى من وقفن بجواره، وذلك بعدما تلقت اتصالًا تليفونيًا من ماري منيب تخبرها فيه بما حدث لـ«القصري»، وأنه سقط في الشارع مغشيًا عليه ونقله الجيران إلى مستشفى حكومي بعنبر الفقراء لعدم استطاعته الإنفاق على العلاج، واتفقتا على جمع تبرعات من الفنانين لنقله إلى مستشفى «مبرة محمد علي»، وفقا لما قالته هند رستم في حديثها مع مجلة «الكواكب»، في مارس 2010.