كتبت على صفحتي هذا الأسبوع عن موضوعين كلاهما مهم للغاية، الأول أدمى القلوب في عالمنا العربي، وهو صورة الطفل السوري إيلان الذي غرق على شاطئ البحر، في صورة تعبر عن حالة التردي والتمزق العربي الذي انتهت به ما يسمى ثورات الربيع العربي.
وهذه الصورة تكررت بصورة أو بأخرى منذ الانقسام العربي في مذبحة أيلول الأسود في الأردن، مرورا بالحرب الأهلية في لبنان، وأيضا ما حدث في العراق، ووصولا إلى تفتيت وتمزيق الإرادة العربية وتفتيت كل قواها التي قد تتعاون لصد الخطر الحقيقي الغربي الصهيوني، ولكن للأسف كنا أعداء أنفسنا أكثر من عداء الغرب والصهيونية لنا، وللأسف أصبحنا نرى تصريحات مؤلمة إذا كان لدينا بعض النخوة من قادة الغرب سواء رئيس وزراء المجر الذي لا يريد استقبال المسلمين، ولا يريد أن يتحمل مشاكلهم ويقصد طبعا اللاجئين السوريين، وأنجيلا ميركل الألمانية الشمطاء تذكرنا بأن التاريخ سيذكر أن أوربا استقبلت المسلمين ورفضهم العرب المسلمون، وبالتالي لم يهتم الأصدقاء بالتعليق على حالة إيلان الطفل السوري، مثل حالة صفر مريم، التي أصبحت موضوع الساعة في مصر، لهذا استكملت عنوان قصيدة نزار قباني "متى يعلنون وفاة العرب؟.. بالسؤال: متى يعلنون موعد دفن العرب؟!!".
كتبت عن صفر مريم.. تعبر رفاهية مجتمع متخلف!!.. لأننا لولا أننا مجتمع متخلف وفاسد ما حدث في الأصل مشكلة مثل مشكلة الطالبة مريم، ويصبح الموضوع الذي يتصدر البرامج والأخبار، ما هذا التخلف والفساد والسطحية؟؟.. مؤكد نحن مع حق مريم والحق أينما كان، ونؤيد الحصول عليه، ولكن ما حدث ويحدث يؤكد تخلفنا للأسف الشديد!!
الأمر الأهم عندما كتبت: "مريم ملاك مواطنة مصرية وليست مواطنة مسيحية!!".. هذا تعليقا على لقاء البابا توضرواس مع الطالبة مريم.
لأن هذا اللقاء يعطي للأمر طائفية، ويصبغها بشكل يثير بلبلة.. لسنا في حاجة لها، والحقيقة أيدت ما ذهب إليه الجميع باختلاف مسلم أو مسيحي، وهذا ما توقعته باستثناء صوت واحد للشاعر علي عمران، الذي أكد أنه بحكم أبوة البابا لمس هناك لمسة حنان على كتف مريم!.. ولكني سألت ماذا لو فعل هذا شيخ الأزهر مع طالبة مسلمة وأصبح للمجتمع مرجعان، كلاهما يرسخ الطائفية في الوقت الراهن؟!
إنني مازلت أكرر أن المجتمعات المتخلفة فقط التي تحدث بلغة انتهى زمانها، فمثلا عندما تتحدث عن الرجل والمرأة وحقوق المرأة وكوتة للمرأة فهذا تخلف، وعندما نتحدث عن حقوق أهل النوبة، وحقوق الشباب.. إلخ.. فهذا أمر معيب لأي مجتمع يريد أن يكون في مقدمة الأمم.
سأختم كلمتي اليوم برأي، أرى أنه يعبر عن أغلبية الشعب المصري الواحد الصديق رضا شاهين: مرة أخرى ولن أمل من تكرارها: مريم ملاك فتاة مصرية قد تكون مظلومة وهو الاحتمال الأرجح، وأمرها بين يدي القضاء، وتدخل مطرانية المنيا أو البابا تواضروس خطيئة قد تسبب صداما بين الدولة والكنيسة أو بين الكنيسة والقضاء، لا داعٍ له أبدا، فحالتها ليست متفردة وأغلب من في مثل حالتها مسلمون، أي أن الموضوع لا يخص الديانة في قريب أو بعيد وبلوغنا إلى هذا الحد خلق عندي قناعات بأن مؤامرة تحاك أبعادها أخطر كثيرا من تعرض فتاة مصرية للظلم.
مريم ملاك فتاة مصرية، حقها في رقبة الدولة، وعلى كل صاحب رأي أن يؤكد هذا، أما اللعب في المشاعر الدينية سلاح خطر، وتوابع خطره بلا حدود، فاحذروا وعليكم الاختيار بين سلوك الدول المتحضرة أو سلوك الدول المتخلفة الفاسدة، التي هو الغالب علينا حتى الآن!!
نقلا عن فيتو