الأقباط متحدون - دقت ساعة الصِفر
أخر تحديث ١٨:٣١ | الجمعة ٤ سبتمبر ٢٠١٥ | ٢٩مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٧٣السنة التاسعه
إغلاق تصغير

دقت ساعة الصِفر

بقلم: ليديا يؤانس
دقت ساعة الصفر ..
الصفر بمفرده لا شئ ولكن ممكن أن يكون شيئاً عظيماً لو استخدم صح!
دقت ساعة الصفر ..  
لتبدأ ثورة علي مجتمع،   إنحدرت فيه الأخلاقيات،   وماتت فيه الضمائر،  وإستباحت فيه كل الجرائم طبقاً  لمقولة الفيلسوف الإيطالي نيكولو مكيافيلي:  الغاية تبرر الوسيلة.
 
شوفتوها  .. سمعتوها .. جامده قوي مُش كده!!!
 
شوفتوها .. حينما نفضت عن كاهلها لحظة الصدمة من هول خبر الصفر،  حينما ركلت بقدميها الصغيرتين،  صورة الإنكسار والإستسلام للعلاج والمحاليل والصدمات النفسية. 
 
شوفتوا ..  بريق عيونها المُشِع بالذكاء،  رأسها المرفوعة بثقة في إسترداد حقها المسلوب منها،   جسدها النحيل الرقيق الثابت أمام عاصفة الفساد الإخلاقي التي عصفت بمُقدرات مستقبلها وأحلامها التي سهرت الليالي من أجل أن تحصل علي صفرين علي يمين الرقم  واحد!
 
قالوا لها كفاية عليكي صفر ..  أنت فاشلة .. صفر كفاية عليكي ..  أنت رسبتي في إمتحانات الثانوية العامة التي كُنتي تستعدين لها ربما من سنوات سابقة،   وبالرغم من بزوغ نجمك،   وتفوقك في السنوات السابقة،   فأنت لم تحصلي حتي علي نصف درجة تقديراً لأنك علي الأقل خرجتي من بيتك وذهبتي للجنة الإمتحان،   وإتشدت أعصابك تارة من رهبة الإمتحان  وتارة أخري بسبب  النتيجة التي تتمنين الحصول عليها  وهي صفرين علي يمين الواحد وليس صفراً وحيداً!
 
 
سمعتوها ..  حينما إرتفع صوتها فوق أصوات المُحبين والمُتأثرين والباكين معها مأساتها،   لأنها ليست مأساتها بل مأساة أمة،   في غفلة من الزمن إنحدرت وإتدحدرت،  إرتفع صوتها ليس للبكاء بل للتحدي!
 
سمعتوها ..  حينما إرتفع صوتها فوق الفساد والظلم والغش ومنظومة الإستهتار بحق الإنسان في مصر في أن يعيش محترماً ويأخذ حقة بمجهوده وليس بالتزوير والغش والخداع.
 
وقفت تتحدي الجميع  بلغة الواثق في أمكانياتة وقدراتة وأمانتة،   بلُغة يمكن أكبر من سنها شوية،  ولما لا!  وهي الطالبة المتفوقة مدي حياتها والثانوية العامة كانت سنة الصفر التي ستحدد مستقبل حياتها.
 
سمعتوها ..  لما قالت مش حفرط في حقي ومش حعيد السنة وإذا استدعي الأمر سيكون هناك جهات خارجية للتحقيق .. أنها جامدة ومتمكنة وواثقة في نفسها وقدراتها.
 
إنها مريم ملاك ذكري طالبة الثانوية العامة  لعام 2015 من المنيا والتي إشهرت إعلامياً باسم مريم صاحبة الصفر!
بدلاً من مبروك وتهاني وأفراح  ..  بكاء وعويل وحسرة وألم جسدي ونفسي.
بدلاً من أعلي الدرجات ..  صفر مكعب لا ينفع قبله ولا بعده أرقام.
بدلاً من تجهيز نفسها للجامعة .. إنشغلت بالبحث عن درجاتها في دهاليز وزارة التربية والتعليم والكنترول.
بدلاً من الإستعداد لمقابلة أساتذة الجامعة ..  بدأت تصطدم وتتصدم من معالي وزير التربية والتعليم الذي روعها بتهديداتة،   لأنها طالبة فاشلة،   حاصلة علي صفر مربع أو مكعب مع مرتبة الشرف،    والآن تقوم بإشعال الرأي العام والإعلام،   بالإضافة إلي تضييع وقت معالي الوزير الدكتور محب الرافعي الحاصل علي أعلي الشهادات والدرجات العلمية العالية!
 
بدأت تلف كعب داير في المؤسسات القانونية والنيابية والتشريحية والشرعية والبصمات والإستكتابات لكي يصطادوا هذه المسكينة كفأر في مصيدة!
لقد إحمرت عيونهم،   وطار صوابهم،   وبدأوا ينفثون غضبهم كالغليون المُشتعل،   من هذه الفتاة التي لا تهدأ ولا تخاف ولا يهمها الوزير أو الغفير!    
أما هيّ المُهم عندها حقها وتعبها وسهرها الليالي،   لا يأخذه آخر فاشل معدوم الضمير والأخلاق مهما إن كان المستوي المادي أو الإجتماعي لهولاء اللصوص.
 
إحتارت مريم،   وإحتارنا معها ومن أجلها،   ومن أجل حرصنا علي أمن وأمان ومستقبل كل مواطن علي أرض مصر،  كُنا نعتقد أنها مريم فقط،    ولكن إتضح أن هناك أيضاً طلبة وطالبات مشكوك  في نتائجهم،   قلوبنا مع كل الطلبة في مصر،   حيث أن منظومة التعليم في مصر أثبتت فشلها الذريع،   أثرت علي نفوس شباب المستقبل بإنعدام الثقة في المؤسسة التعليمية،    وبالتالي الشك في درجاتهم التي حصلوا عليها في شهادة الثانوية العامة.
 
جميل جداً أن نتعاطف مع مريم،   عظيم جداً أن تنهال العروض بالحلول للمشكلة سواء من الأفراد أو المؤسسات،   ولكن ليس رائعاً أن تترك مريم البلد وتكمل مستقبلها في بلد آخر،   مريم بنفسها تريد أولاً حقها وحل مشكلتها داخل بلدها،   ثم تقرر بعد ذلك ما إذا كانت ستستمر هنا أو هناك.
ربما كانت هذه الحلول جيدة لو لم تتضخم المشكلة هكذا أمنياً وإعلامياً،   ليس الخروج وترك مصر هو حل للمشكلة،   ولكن حل المشكلة يستلزم أولا قطع رأس الفساد لكي تتعافي مصر وتستطيع مواكبة المسئوليات الملقاة علي عاتقها. 
 
صفر مريم هو  ساعة الصفر لكي تستيقظ أمة بأكملها للإصلاح والتغيير،    لكي تكون هناك ثورة علي الفساد الأخلاقي،  أنه ليس التعليم فقط،   ولكن كل ما هو مُتعلق بالإنسان وحياتة وعلاقته مع الآخرين.   
 
 
سيادة الرئيس السيسي، هذا الصفر الذي زلزل الأمن القومي لبلدنا الحبيبة،   وشغل الرأي العام الداخلي وللمصريين بالخارج،   ما هو إلا ساعة الصفر للقضاء علي الفساد والإهتراء الأخلاقي لكي تستطيع المضي قدماً في خططك ومشاريعك من أجل النهوض بمصر.
 
سيادة الرئيس حملتُم علي عاتقكم  تركة مُثقلة بما لا يدعو للإفتخار إلا بمصر،    كُلنا  مُنتظرين عودة سيادتكم  إلي أرض الوطن بسلام،   والكثيرين مُنتظرين علي أحر من الجمر أن يشوفوا ويسمعوا كيف ستحل موضوع مريم صاحبة الصفر!
 
سيدي الرئيس كل الشعب المصري مريم،   والكُل يريد حل جذري لهذا الفساد وإلا سيكون هناك كل يوم ذبيحة جديدة مثل مريم!
 
سيدي الرئيس أنها ساعة الصفر،   لإعلان الثورة علي الفساد بكل صورة وأشكالة،   والرب يعينك ويرشدك ويسندك.   

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter