الأقباط متحدون - العصر الناصرى وبداية إنحصار المشاركة القبطية
أخر تحديث ٠١:٥٧ | الجمعة ٤ سبتمبر ٢٠١٥ | ٢٩مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٧٣السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

العصر الناصرى وبداية إنحصار المشاركة القبطية

بقلم الباحث / نجاح بولس
تمثل ثورة 23 يوليو 1952 نقطة تحول فى التاريخ المصرى ، اختلفت بعدها الخريطة السياسية وتبدل بعدها البناء الاجتماعى والاقتصادى للمجتمع ، فقد استطاعت الثورة ان تطرد الملك فى 26 يوليو 1952 ،

ثم اعلنت الجمهورية فى 1953 ، وحلت الاحزاب السياسية فى 1954 ، وطبقت قانون الاصلاح الزراعى فى 9 سبتمبر 1952 ، والتأميمات عام 1961 ، وبعدها تحولت الثقافة المجتمعية فأُسقطت مفاهيم وصعدت مفاهيم اخرى ، وتراجع مفهوم الجماعة المصرية امام مفهوم القومية العربية .
 
وقد تفاعل الاقباط مع كل تلك التغيرات ، فتأثروا بها واثروا فيها ، وكما تغيرت مصر تغير الاقباط بصفة خاصة بعد الثورة ، ورحبوا شأنهم شأن  باقى المصريين بثورة 1952 ،

ولكن مع مرور الوقت غلب عليهم التوجس بعدما تسلل اليهم الاحساس بوجود اتجاه لتقليص مشاركتهم فى الحياة السياسية ، فقد لاحظوا خلو مجلس قيادة الثورة من الاعضاء الاقباط ، بالاضافة الى حظر نشاط الاحزاب السياسية التى كانت تمثل انطلاقة الاقباط للمشاركة السياسية وخصوصا حزب الوفد .
 
ويرجع المؤرخون عدم تمثيل الاقباط فى مجلس قيادة الثورة بان ذلك يعود الى الوسط  الذى نشأ فيه تنظيم الضباط الاحرار ، فقد نشأ فى الموسسة العسكرية التى كانت خاضعة وقتها للنفوذ التقليدى للملك ، ولم يلاحظ انه كان للوفد الذى كان اساس العمل السياسى للاقباط اى نفوذ مؤثر على المؤسسة العسكرية حتى فى فترات حكمه ،

وما بقى من الجيش كان يحمل فى تكوينه العضوى اثر للتفرقة بين المسلمين والاقباط وبخاصة فى الرتب العليا ، فجاء تنظيم الضباط الاحرار على شاكلة المؤسسة التى انبثق منها ، كما كثر بالتنظيم فى بدايته من ينتمون الى الاخوان المسلمين او مصر الفتاة حيث الاصول السياسية لهم ، لذلك لم يكن هناك ليلة 23 يوليو 1952 من يحمل رتبة لواء من الاقباط سوى واحد فقط ، ومن رتبة اميرلاى ( عميد ) سوى اثنين .
 
ومع حظر نشاط الاحزاب السياسية بعد الثورة ثم حلها عام 1953 تم الغاء حزب الوفد الذى كان الاقباط عنصرا بارزا فى نشاطه وبالتالى اختفت القيادات القبطية من الساحة السياسية ، واختفى دور مكرم عبيد احد الزعامات السياسية والممثل باسم حزب الوفد والذى كان يمثل ايضا الشخصية المصرية العامة المتمتعة بشعبية واسعة بين المسلمين قبل الاقباط ، واقتصر دور عبيد على القيام بجهود محدودة بعد ثورة 1952 ، كما تم اختياره عضوا فى لجنة محدودة لوضع دستور 1953 .
 
 ورغم ان اجراءات التأميم التى قام بها الحكم فى يوليو 1961 لم تفرق حسب الديانة ، الا انها قضت على نسبة كبيرة من الاعمال والصناعات والوظائف المهنية والفنية التى كان للاقباط فيها نسبة عالية مثل قطاع النقل الذى كانت خسارة الاقباط فيه حوالى 75 % ، وكذلك قطاعى الصناعات والبنوك حيث وصلت نسبة خسارة الاقباط فيها الى ما يقارب 50 % ، بخلاف ما أصاب الاقباط من جراء قانون الاصلاح الزراعى حيث تمت مصادرة ما يقرب من 25 % من الاراضى المملوكة للاقباط .
 
وكما تقلص دور الأقباط فى الحياة العامة بعد ثورة 1952 تقلص ايضاً مشاركتهم فى الحياة النيابية بل أصبح إنتخاب مرشح قبطى فى البرلمان شئ شبه مستحيل ، مما دفع النظام الى ابتداع طريقة جديدة وهى تعيين بعض الأقباط نواب بالبرلمان الذى من المفترض أن يكون التمثيل لكل أعضائه بالانتخاب الحر ، فجاءت انتخابات مجلس الأمة عام 1957 لم ينجح فيها قبطى واحد ، وخلال تلك الفترة وحتى عام 1971 مثل الأقباط  ثلاث نواب بالانتخاب فقط بخلاف 15 عضواً تم تعيينهم منهم 8 نواب فى برلمان 1964 ، و7 اخرين فى برلمان 1969 .
 
وقد انحصر التمثيل فى السلطة التنفيذية بمستوياتها المختلفة سواء فى الجهاز الادارى للدولة أو الوزارات على أهل الثقة ومن هم مقربين من رموز النظام ، ويبدو أن اهل الثقة من الأقباط كانوا منعدمين فى الجهاز التنفيذى بعد ثورة 1952 ، الذى لم يضم سوى نسبة تقل عن 1 % فيه من الأقباط ، اما الوزارات التى تولاها أقباط فى الفترة من 1952 حتى 1970 فقد كانت وزارات هامشية مثل وزارة التموين او وزارات الدولة ، ولم يتولى قبطى وزارة سيادية طوال هذه الفترة ، وكلهم وزراء من فئة التكنوقراط ، وكان الوزراء الأقباط يتم اختيارهم شأنهم شأن الوزراء المسلمين وفق رضا وتقارير أجهزة الأمن وحسب السمعة والتخصص وعدم الخوض فى المسائل السياسية .
 
ورغم تقلص دور الاقباط فى الحياه السياسية واختفاء الكثير من الزعامات القبطية ، الا ان ذلك لم يمنع القاعدة الشعبية من الاقباط وخاصا الشباب من الاندماج فى العمل الوطنى ، فقد أثار حماسها شعارات الاشتراكية والمساواة وتكافؤ الفرص ، فانخرط الشباب القبطى طوعا فى المعارك التى خاضتها الدولة ،

وشاركت فى حرب السويس ، وحرب اليمن ، وحرب 1967 ، والاستنزاف ، وقد برز من بين خريجى الجامعات شباب قبطى عملوا فى سلك التدريس الجامعى وفى الصحافة ومجالات ثقافية شتى ساندوا التوجه القومى والاشتراكى لنظام يوليو ، كما لا يغفل دور الكنيسة القبطية فى هذه الفترة من دعم توجهات النظام القومية والوطنية والاجتماعية ، وخصوصا دعم الجهاد المسلح ضد الكيان الصهيونى بعد العدوان الاسرائيلى فى يونيو 967ا .
 
وقد أدى نقص المشاركة السياسية للأقباط خلال المرحلة الناصرية الى اتجاه الأقباط للكنيسة ، وساهم اختفاء الصفوة القبطية التى كانت تمثل الأقباط سياسياً الى تقوقع وانسحاب الأقباط الى داخل الكنيسة وممارسة أدوار دينية بديلاً عن الدور السياسى والاقتصادى التى حرمت منه ، حتى اصبحت

الكنيسة هى التنظيم الوحيد الذى يلتف حوله الأقباط بعد أن الغيت الاحزاب والجمعيات وأصبحت قيادة الأقباط  من خلال الكنيسة المتمثلة فى البطريرك ، واعتمدت الدولة فى التعامل المباشر مع الكنيسة فى أى شئ يتعلق بالأقباط .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter