الأقباط متحدون - رئيس قطاع المتاحف لـ «فيتو»: «معندناش فلوس والحل في تحويلها لقاعات زفاف»
أخر تحديث ١٧:٢٦ | الاثنين ٣١ اغسطس ٢٠١٥ | ٢٥مسرى ١٧٣١ ش | العدد ٣٦٦٩السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

رئيس قطاع المتاحف لـ «فيتو»: «معندناش فلوس والحل في تحويلها لقاعات زفاف»

رئيس قطاع المتاحف
رئيس قطاع المتاحف
المشهد الأول
قلتُ لنفسى: «لا يُفتى ومالك في المدينة، ومن ثم يجب أن أجرى حوارا مع رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار إلهام صلاح الدين، لأننى حتما سوف أجد عندها الخبر اليقين، في كل ما يتعلق بالمتاحف، وخطة الوزارة للنهوض بها وتخليصها من قبضة الإهمال»..
 
أعددت محاور رئيسية لإجراء الحوار، تحملتُ شمسا حارقا في طريقى إلى الوصول إلى مكتبها الكائن بوسط القاهرة.. بعد إجراءات روتينية، دخلت إليها، وجدتها مشغولة مع زميلة صحفية، سرعان ما أنهت حوارها معها، بطريقة لم ترق لى، ثم تفرغت لحوارى معها.
 
أصدقكم القول، لم ترق لى الطريقة التي تعاملت بها مع زميلتى السابقة، ولا الطريقة التي تحدثت بها معى، لا أقصد أنها تجاوزت حدود اللياقة مثلا، ولكنى صرت منزعجة لأسباب، سوف تدركونها خلال السطور التالية.
 
 
المشهد الثانى
بعد مقدمات تقليدية ومجاملات كلاسيكية، وتمتمات نمطية، بدأت الحوار مع مضيفتى عن أهمية المتاحف ودورها في الحفاظ على ذاكرة الأمة، فقالت كلامًا غير مرتب أذكر منه هذه العبارات:»
«المتحف هو بيت التراث والحضارات والكنوز، ولكن أصبح هذا التعريف بديهيا وليس دورا يقوم به، وبداية من السبعينيات بدأ يتغير دور المتحف ويتغير توظيف العاملين به وأيضا الإدارات داخل المتاحف، فكان المتحف، قديما وطبقا للمؤسسة العالمية للمتاحف، يعرف بأنه مؤسسة تعليمية ثقافية غير نفعية، ولكن اليوم أصبح المتحف ذات وظيفة نفعية للمجتمع».
 
استشعرت بونا شاسعا بين ما تقوله رئيس قطاع المتاحف، وما آل إليه حال المتاحف، وبدا لى الأمر وكأنها تتحدث عن متاحف أوربا مثلا.. ما دفعنى إلى مقاطعتها عندما تحدثت عن أدوار كثيرة للمتحف منها دورة في علاج المدمنين، وتشغيل المتعطلين مثلا، فسألتها: وكيف يمكن للمتاحف أن تشارك في حل مشكلات البطالة والإدمان؟
 
فأجابت: «هذا من خلال أن يتعدى المتحف دوره كمكان للتثقيف والتعليم ويخاطب المتاحف العالمية بما تقوم به، فالمتحف في الولايات المتحدة الأمريكية أصبح الآن من المؤسسات التي تعالج الإدمان بجانب دورها الأساسى، أيضا يلحق دائما بالمتاحف مناطق خدمية للجمهور مثل: المطاعم، والكافيتريات، والبازارات التي تحتاج عمالة فتحل مشكلة البطالة، وتعود بالربح المادى على القطاع لصيانة، وتطوير المتاحف بالإضافة إلى تنظيم ورش، وبرامج تدريبية للعاملين».
 
 
المشهد الثالث
شعرت بالغيظ الشديد تجاه هذه الإجابات غير الواقعية، والتي تؤكد أن مضيفتى الكريمة تعيش في كوكب تانى، للمتاحف فيه احترامها وتقديرها.. وحينئذ، اقتحم المكتب أحد العاملين بالقطاع، ودخل في سجال ممل مع رئيس القطاع حول أمر بسيط جدا يتلخص في كيفية تحويل ملفات الـPDF إلى Wordوالعكس، لملء استمارة بيانات إلكترونيا لإحدى السفارات الأجنبية، وانتهى هذا السجال السوفسطائى إلى قرار إدارى مهم وهو: عرض الأمر برمته على لجنة الخبراء..فأسقط في يدى، وفكرت جديا في حمل أوراقى والرحيل، وليكن ما يكون!.
 
المشهد الرابع
 
غادر الموظف المكتب في طريقه لإبلاغ قرار رئيسته «التاريخى»، واستجمعت قواى لأسألها عن تقييمها لمتاحف وزارة الآثار، فأجابت «بهدوء أعصاب تحسد عليه»: «متاحف وزارة الآثار، بعضها مغلق وبعضها تم هدمه، وبعضها.....»، فقاطعتها: وإلى متى ستظل كذلك؟ فأردفت قائلة: «نحتاج مليارات الجنيهات لإصلاح المتاحف وترميمها، كما نحتاج إلى رفع الوعى عند النشء بأهمية المتاحف من خلال إدخال علم المتاحف في المناهج التعليمية».
 
وعندما سألتها: هل الأزمة تكمن فقط في الجانب المالى؟ فأجابت: «تنقصنا أمور كثيرة أبرزها: ضرورة إعادة النظر في المناهج الجامعية الخاصة بتخريج الأثاريين وتطوير علم المتاحف والارتقاء بالعنصر البشرى الذي يعمل بالمتاحف».
 
قلت: ولماذا لم يحدث هذا طوال العقود الماضية؟ فأجابت بهدوئها اللافت: «مهياش أزمة ولا صعوبة».. فمن عام 2007 وكنت أدرب الآثريين العاملين بالمتاحف على علم المتاحف؛ لأنى درسته من قبل، ولكن لابد من وجود منهج يتم تطبيقه، ولن نقف عن العمل فلابد أن يكون لدى خطة قصيرة المدى وطويلة المدى، أيضا لا أملك الإمكانيات المادية، ولكنى أسعى إلى تهيئة المتاحف المفتوحة بالفعل حتى تكون جميلة في عيون الجمهور، من خلال الجهود الشخصية سواء للمرممين أو الباحثين دون صرف مكافآت إضافية، فأسعى إلى تنظيف المتاحف بأقل أموال متاحة، وعلى جانب آخر في الخطة الطويلة المدى،أستغل مواردى المتاحة مع الحفاظ على الآثار والتراث، بالإضافة إلى الاهتمام بالتنمية البشرية أي اهتم بالأفراد العاملين بالمتاحف، على كافة المستويات سواء الإدارى أو الأمني أو الآثرى».
 
المشهد الخامس
للمرة الثانية.. تدخل السكرتيرة حاملة هاتف السيدة رئيس القطاع وترد السيدة إلهام على التليفون قائلة: «أيوة يا أمانى كلمتهم..كلمتهم، يعنى إيهاب الحضرى خلاص قرف..بيقولى أنا حاولت أكثر من مرة ومش عارف خلاص، وبعدين أنا قلت لمشيرة تاخد محمود عفيفى ويقعدوا مع بعض يحلوا المشكله.. يا حبيبتى أنا بكلمك شخصيا دى مش أول مرة املى فيها Application بس ما شوفتش كدة بجد، مش مسألة مكعبلة.. دول أكيد قاصدين..طب ما أنا عملت استمارة ألمانيا في ثانية، دول بيستهبلوا، بلغيهم أننا بنكتب التواريخ وبتطلع غلط ومافيش فايدة... هحاول يا حبيبتى والله، ماشى خلاص، أيوه بالظبط كدة.. مع ألف سلامة».
أنهت السيدة إلهام مكالمة التليفون بسلام وعدتُ لأسألها عن الميزانية المحددة لقطاع المتاحف؟ فباغتتنى قائلة: «مافيش حاجة اسمها ميزانية قطاع، أولا نحن نعتمد على دخلنا، فوزارة الآثار «سيادية» لا تأخذ ميزانية من الدولة، ونحن الآن مواردنا ضعيفة لأنها مرتبطة بالسياحة التي تعانى أيضا ضعفا»!!!!!
تجاوزت «عمدا» عن قولها: «إن الآثار وزارة سيادية ومن ثم لاتحصل على أموال من الدولة «أي كلام في أي كلام»، وسألتها: وهل مصر لديها متاحف مدرجة على أجندات السياحة؟ فأردفت قائلة: متاحف: الأقصر والتحنيط والمتحف المتحف المصرى والمتحف االقبطى..، قاطعتها: وهل صنفت تلك المتاحف على المستوى العالمى؟ فقالت بهدوء أكثر من الهدوءين السابقين: «لا.. متاحف مصر غير مصنفة عالميا، ولا يوجد لدينا متخصصون في مجال إدارة المتاحف»، وقبل أن أقاطعها، تابعت: «ولكن لدينا متاحف حلوة مثل متحف الأقصر والنوبة والمجوهرات وامنحتوب وكوم أمبو للتماسيح، وأيضا متحف الفن الإسلامى عندما يفتتح سيكون على مستوى عال «!!!
تغلبت على مللى، فضلا عن أننى لم أكن أود أن أغادر مكتبها المكيف، قبل أن تمر فترة الظهيرة شديدة الحرارة والرطوبة، وسألتها: «ولماذا لم يصنف متحف النوبة مثلا عالميا؟ فأجابت متسرعة: «متحف النوبة من المتاحف القيمة ولا أرى فرقا بينه وبين اللوفر «، ثم أردفت: « نحن لدينا مشكلة تسويق حقيقية لمواردنا والمناطق الآثرية،والمحميات الطبيعية، وبصراحة ألوم على الإعلام الذي لا يهتم بالمتاحف ولا يلقى الضوء على أهميتها».
 
وعندما سألتها عن المخازن المتحفية وخطتها للتعامل مع هذا الملف؟ قالت: «لدينا خطة طموحة سوف ننفذها قريبا، ثم أضافت: « لدينا لجنة تسعى الآن لعمل قاعدة بيانات لكل الآثار المصرية، وتسجيل الآثار الكترونيا بالإضافة إلى وجود Collection Management Software وهى كيفية إدارة المجموعات الآثرية بكل متاحف وآثار مصر، أيضا كيفية الاستفادة من الآثار المخزنة بتنظيم معارض مؤقته على الأقل كل ثلاثة أشهر داخل المتاحف، على أن يتم تسويق جيد للمعارض وبالتبعية ستدير دخلا على نفسها».
وعندما سألتها عن تأخر افتتاح المتحف المصرى الكبير حتى الآن؟ أرجعت الأمر إلى أسباب مالية.
 
المشهد السادس
إحدى السكرتيرات تقتحم المكتب لتبلغ مضيفتى الكريمة بأن «بتوع الزرع جابوا الزرع الجديد»..فقررت إنهاء الحوار بسؤال أخير هو: كم عدد المتاحف التابعة لقطاع المتاحف؟ وهل سنشاهد أي افتتاحات قريبا؟
فقالت: تمتلك وزارة الآثار 53 متحفا بما فيهم المتاحف الإقليمية، وأتمنى الانتهاء من أعمال التطوير وافتتاح المتاحف، واعتقد في خلال أشهر سننتهى من تطوير وترميم متحف الفن الإسلامى، أما باقى المتاحف فتحتاج إلى الأموال لاستكمالها»، وقبل أن أشكرها على استضافتى، لم تنس أن تضيف قائلة: « نتبنى خطة لاستغلال المتاحف في استضافة حفلات عقود القران لتنمية مواردها.
 
المشهد السابع
بسرعة بالغة، غادرت مكتب رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار، أضرب أخماسا في أسداس، اصطادتنى الشمس المحرقة من جديد، تعثرت خطواتى، تتهافت على ذاكرتى تفاصيل الحوار، والإجابات المؤلمة، أضحكنى أن المسئولة الرفيعة ذكرت أسبابا كثيرة عن تردى حال المتاحف منها ولم تذكر منها أن الأزمة قد تكمن في المسؤولين عن إدراتها.. قادتنى قدماى إلى ضريح الزعيم سعد زغلول،
قفزت إلى ذاكرتى عبارته الخالدة: «مفيش فايدة»، فوليت وجهى شطر قبره، وأشرت إليه بيدى قائلة: «فعلا مفيش فايدة».

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.