محمد أبو الغار | الثلاثاء ٢٥ اغسطس ٢٠١٥ -
١٨:
٠٩ م +02:00 EET
محمد أبو الغار
محمد أبو الغار
تلقيت دعوة للاحتفال بعيد الميلاد التسعين للسيدة جين بقطر فى مركز ثقافى فى جاردن سيتى. وبدون تردد ذهبت للحضور واستمر الاحتفال ساعتين شعرت فيهما بالبهجة والحب والتقدير لمصريات عظيمات قدمن ومازلن يقدمن الكثير للوطن الغالى. السيدة جين سيداروس بقطر، مصرية صميمة، مولودة من أبوين مصريين وكانت تعمل مدرسة للغة الانجليزية، وقد انضمت للحركة الوطنية فى أربعينيات القرن الماضى عن طريق اشتراكها فى أحد التنظيمات الشيوعية والتى كانت تطالب فى ذلك الوقت بتحرير الوطن من الاحتلال الإنجليزى مثل كل التيارات الوطنية. وقد تم اعتقالها فى عهد الملك فاروق فى نهاية الأربعينيات وأفرج عنها بعد أقل من عام بدون تحقيق أو قضية. وفى عام 1959 تم القبض على معظم اليساريين المصريين فى عصر عبدالناصر لمدة قاربت من خمس سنوات، وتم تعذيب الرجال بأقصى درجات العنف، مما أدى إلى استشهاد بعضهم وعلى رأسهم المفكر المناضل شهدى عطية الشافعى. وتم اعتقال مجموعة من أشرف سيدات مصر ومن ضمنهن جين بقطر.
تحكى جين عن حياتها فى السجن وعلاقتها بالسجانات وبالمسجونات فى القضايا الجنائية من القتلة واللصوص اللاتى، كانت تستعين بهم إدارة السجن فى تأديب المعتقلات السياسيات. وتحكى عن ضباط الشرطة والاختلاف الكبير بين من يؤلمه ضميره وبين من يتلذذ بتعذيب الآخرين. وتحكى عن العلاقة بين المعتقلات والمشاركة فى كل شىء، بالرغم من الاختلاف الثقافى والطبقى وتصف الروح الجميلة والرائعة بين السيدات اللاتى اعتقلن بسبب أفكارهن وتركن أطفالاً صغاراً بعضهم رضع. ثم تحكى بعد خروجها من المعتقل ثم نقلها إلى مدرسة فى أسوان لإبعادها عن القاهرة فلم تذهب ودرست الآثار وعملت مرشدة سياحية بنجاح. وفى عمر الخامسة والسبعين درست السينما وقامت بإخراج مجموعة من الأفلام التسجيلية والوثائقية عرض منها فيلم «السينما عند قدماء المصريين» فى أثناء حفل عيد الميلاد. وعرض كتابها «فى سجن النساء: وجه الحياة الآخر»، الذى كتبته وهى فى عمر التسعين.
تحدث فى الحفل من زميلات جين فى معتقل القناطر الخيرية السيدة ثريا شاكر، حرم د. فوزى حبشى، الذى عذب بطريقة وحشية فى معتقل الرجال، والسيدة سعاد الطويل والسيدة أميمة أبوالنصر، التى كانت طالبة فى ذلك الوقت، وتحدث مجدى، ابن السيدة جين، الذى اعتقله السادات ضمن نشطاء الحركة الطلابية. وكانت جين حاضرة الذهن ومتوقدة الفكر أثناء الاحتفال وكانت تعليقاتها تماثل فتاة فى العشرين وحضر الاحتفال مجموعة كبيرة من المثقفين.
و بعد 55 عاماً من اعتقال جين ومجموعتها تقبع فى نفس السجن الآن مجموعة من أجمل وأعظم فتيات مصر الذين حكم عليهن بالسجن بسبب قانون ظالم، جريمتهن الأساسية هى حب مصر وحب الحرية لكل المصريين، وما يخفف عنهن أن ملايين المصريين يحبونهن وينتظرون خروجهن لعالم الحرية لأنهن قطعة غالية من قلب مصر.
قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع