حمدي رزق | الثلاثاء ٢٥ اغسطس ٢٠١٥ -
٠٦:
٠٩ م +02:00 EET
حمدي رزق
حمدي رزق
لابد من إخضاع منصور أبوجبل، قائد اعتصام أمناء الشرطة فى الشرقية، إلى جلسات استماع مطولة فى وزارة الداخلية. أبوجبل حالة دراسية نموذجية لأمين الشرطة الغاضب من قياداته، المتمرد على أوضاعه، الرافض لتوصيفه الوظيفى، الناقم على وضعه الاجتماعى.. قنبلة موقوتة مزروعة فى قلب الداخلية.
سيبك من توصيف منصور بأنه «إخوان»، هذا نوع من الخداع البصرى يحرفنا عن رؤية الظاهرة، تمرد الشرقية ليس الأول ولن يكون الأخير، مثله حدث فى بنى سويف، دون التماس الأسباب، والمناخات التى تختمر فيها مثل هذه الاعتصامات والإضرابات فى جهاز الشرطة الذى يخوض معركة وطن يبذل فيها غالى الدماء.
الاتهامات الفضائية الموجهة لأبوجبل بالإخوانية تقطع الطريق على وزارة الداخلية لإنجاز أول دراسة مسحية فى قطاع الشرقية عن أوضاع أمناء الشرطة، عصب الداخلية، اتهام أبوجبل بالإخوانية لن يوفر حلاً جذرياً لعلاج جذور الظاهرة، والعلاج الميرى لظاهرة أبوجبل، علاج، ليس محل اعتراض، القانون قانون، ولكن العلاج الحقيقى للظاهرة يبدأ بدراستها، أبوجبل ليس استثناءً، بل تعبير عما يعتمل فى نفوس أمناء الشرطة المتقوقعين على أنفسهم فيما يسمى عبثا «دولة الأمناء».
استغاثات أبوجبل المتوالية من عينة: «دا ينفع يا سيادة الرئيس، وزير الداخلية ومدير الأمن يجيبوا أمن مركزى يضربنا».. و«يا ريس خدنا علقة موت من الأمن المركزى» تشوشر على المطلوب إثباته، لم تجلب تعاطفا، جلبت عليه سخرية السنين، وشماتة الحوائط الفيسبوكية، من ذا الذى يتعاطف مع «حاتم» صاحب قانون «اللى ملوش خير فى حاتم ملوش خير فى مصر»، «حاتم» فى فيلم «هى فوضى» نموذج للبلطجة، وفى هذا تروى قصص عن بلطجة أمناء الشرطة، للأسف هناك من يعيد إنتاج حاتم، مع فارق الخيال السينمائى.
مطالب أمناء الشرطة المشروعة، تظل مشروعة، وتقدم فى إطارها المشروع، ولكن كسر أنف الداخلية، ولى ذراع الوزير، واحتجاز مفتش الداخلية، واقتحام مديرية الأمن، والاعتصام فى محل العمل، ورفض التعامل مع قيادات الداخلية، واستدعاء المستشار العسكرى، قاع سقط فيه أبوجبل من فوق الجبل.
أبوجبل يطالب بمستشفى، مال المستشفى باحتجاز مفتش الداخلية، ما علاقة الحق فى الرعاية الصحية باقتحام مديرية الأمن؟.. عصا الأمن المركزى عالجت الاعتصام بالأمس، ما لا يمكن علاجه بالعصا نفسية أمناء الشرطة، أمين الشرطة صار حالة نفساوية تسترعى الانتباه.
وضعية أمين الشرطة الوظيفية خلفت صدوعاً هائلة فى شخصيته، لا هو حصّل ضابط ولا حصّل عسكرى، بين بين، لا هو فوق، ولا هو تحت، إذا نظر فوق وحلق سقط، هناك من هو فوقه يأمره، وإذا نظر تحت رجليه وقع فى براثن المظلومية، مرض استولى على أمناء الشرطة فأورثهم اليأس، والرفض، فصار تمردا.
اسمعوا أبوجبل بلا تخوين وبلا أخونة، ما الذى دفع أبوجبل إلى شق عصا الطاعة، وسعيه لتطبيق قانونه الخاص، قانون أبوجبل، أبوجبل لسان حال أمناء الشرطة فى دولتهم المغلقة عليهم، كانوا سادة شربوها بعد الثورة سادة، ما لم يفهمه منصور أبوجبل أن الدنيا تغيرت، زمن حاتم ولّى، لم يعد هناك محل لحاتم فى الشارع، ثارت الحارة عليه، إذا لم تعالجوا نفسية حاتم، سينتحر فينا، أبوجبل صعد الجبل، صار من المطاريد فضائيا وفيسبوكيا.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع